الأربعاء 2015/12/23

آخر تحديث: 14:11 (بيروت)

2015: مصر في صُوَر.. صارت هي الخبر

الأربعاء 2015/12/23
increase حجم الخط decrease
العالم اليوم صورة؛ بأحداثه وحروبه ونزاعاته وفواجعه. الصورة تمتصّ مفاعيل الواقع المادية بإضافة لمسات فنية. وتغدو قابلة للتكرار، ما يجعلها حقيقة لذاتها، وليست مرجعاً أصيلاً للواقع. الصورة نجحت في امتصاص عنفوان الواقع وأحداثه المؤلمة، وجعلت منه مركباً لغوياً ذي استقلالية. الصورة تنقل الحدث كمادة خام تخضع للمجاز البصري، دلالة بعدة اتجاهات، مرتكزة على "مسؤولية العين في الإدراك" كما يقول فالتر بنيامين.

مجموعة صور مصرية للعام 2015، كانت مركزاً للحدث خلال العام، هي بذاتها كانت "الخبر" وما أعطت رواجاً لتفاصيله، حتى ذهبت معظم التعليقات عليها دون الخبر، الصورة بوصفها حكاية..

التاكسي المحترق:
ذكرى 25 يناير 2015 كانت محمومة في ميدان المطرية الشعبي، الداخلية تتطوقها وتتعامل بعنف مبالغ فيه، يسقط العديد من القتلى وعشرات الجرحى. حصار ليومين متتالين واشتباك بين المتظاهرين بالشماريخ والمولوتوف والداخلية بالرصاص الحي والخرطوش، لكن كل ذلك يتوارى في خلفية المشهد مع صورة سائق الأجرة الباكي على سيارته.
اليدان على الرأس، حالة ندب موجِعة على الوجه، إلى جانب سيارته "الميتة" أي "وسيلة أكل عيشه"، انتشرت الصورة لتقول كل ما يردده النظام: المظاهرات تعني خراب بيوت واختفاء لقمة العيش.

داعش ليبيا وذبح المصريين
كان لوقع صورة المصريين المذبحوين في ليبيا على أيدي "داعش" دوياً عنيفاً في مصر. ملابس السجن الموحدة والوقوف على الركبتين وخلفهم شياطين الموت المثلمين بالأسود، استسلام الرؤوس للذبح كان أكثر إرعابا من الذبح نفسه، وكان توثيق العملية بالصورة أقوى أثراً من التفجيرات الداعشية في سيناء والصحراء الغربية. هنا عنف الصورة مضافاً إلى بشاعة الواقع جعلت حضورها أكبر تأثيراً من الأخبار غير الموثقة بصرياً وإن كانت أكثر خطراً.

"سيلفي" الرئاسة
ختام مؤتمر شرم الشيخ، منتصف آذار/مارس 2015، بعدما حصدت الدولة غلّتها من المساعدات النقدية والاقتصادية ما عدّه الإعلام إنجازاً كبيراً لنظام السيسي، كان في حضور شبابي تشابه ما كان يفعله جمال مبارك في 2005 وما بعدها لكن أقل حيوية، السيسي يلقي كلمة الختام ويصعد الشباب في ما أرادوا أن يبدو كتصرف عفوي، السيسي وسط الشباب يبتسم بثقة ويومئ خجلا.
وذلك على خلاف السيلفي التالي، بعد ثمانية شهور، في جولته بشرم الشيخ أيضا إثر تفجير الطائرة الروسية، مختبئا بين حراسه الشخصيين، حيث كان متعرقاً ومرتبكاً بابتسامة متوترة قلقة، بعيدة تماما من صورته في المؤتمر الاقتصادي، وكلماته الشهيرة "كون كده".

حمار المطار 
في شهر نيسان/إبريل، وقبل تفجير الطائرة الروسية بشهور، استطاع حمار (نعم حمار!) أن يخترق الحواجز الأمنية في مطار القاهرة إلى أن وصل بوابات المغادرة وهناك اكتشف ضباط الأمن وجوده، وسعوا إلى البحث عن "الثغرة الأمنية" التي استطاع الحمار الإرهابي اختراقها.

"تفريعة" السويس
يوم الحدث الأهم في مسيرة السيسي، أغسطس حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، المشروع الذي هلل له على مدار عام كامل، محاكيا النسخة الناصرية في محاولات كرتونية لاستعادة صورة الزعيم التاريخي. ركب سفنية المحروسة المملوكة لملك مصر السابق الملك فاروق، بزيه العسكري برتبة المشير لامعة على كتفيه، إلى جانبه طفليه عمرو صلاح "المصاب بالسرطان"، ومحمد بدران مؤسس حزب مستقبل وطن، ورئيس اتحاد طلاب مصر الأسبق، ومدلل السيسي وجسره إلى الشباب. وراح الرئيس يلوّح لحشود على الضفاف، تبيّن لاحقاً أنهم غير موجودين وأنه يلوّح للهواء.
صورة السيسي إلى جانب عمرو صلاح يرفع علم مصر تحولت إلى دعاية غبية، إذ بالصورة تتحول إلى لافتة على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي بعبارة "طفل معه جيشه" إلى جانب صورة إيلان السوري الغارق على الشاطئ التركي وعبارة "طفل فقد جيشه" والتي أحدث حالة غضب واسعة في مصر وخارجها.

إسراء الطويل
صورتان لإسراء الطويل، بينهما شهور، الأولى لها في جلسة محاكمتها وهي تبكي مستندة على عكازين، قهرها الذي لم تستطع أن تداريه. والثانية بعد أن تم إخلاء سبيلها منذ أيام وابتسامة الخلاص على وجهها.
بين اتهامها بحمل متفجرات في الكاميرا، وتورطها في تفجيرات مقرات للشرطة، أي أنها خطر على الأمن القومي إلى إخلاء سبيلها لأسباب صحية، ليخرج هذا الخطر على الأمن إلى الشارع مرة أخرى.

زهرة السيسي
في أغطسس الماضي، زار عبد الفتاح السيسي إندونيسيا، وهناك أطلقت حديقة نباتات سغافورة  التي تحتفل بعيد تأسيسها الـ150 اسم السيسي على زهرة أوركيد تم تهجينها خصيصا لهذه المناسبة.

سنار ويارا على الأسفلت 
شهر سبتمبر/أيلول الماضي كان سعيداً على أهالي المعتقلين، مع خروج 100 في العفو الرئاسي. صورة الناشطتان سناء سيف ويارا سلام كانت الأبرز، بملابس السجن خرجتا ليستقبلهما الأهل والأصدقاء احتفالا بخلاص من ظلم حبسهما حتى ولو كان بقرار يبدو فيه النظام "صاحب فضل"، يكفي أنهما صارتا "على الأسفلت".

غرق الإسكندرية
"النوة" في الإسكندرية هذه المرة في شهر أكتوبر كانت مدمرة، لا بوصفها حدثاً طبيعياً، لكن بصفته فضح لتداعي المدينة، ووقوع الحداثة في بنيانها المصري المتهالك وراء خرافات المؤامرة والمركزية المتوهمة.
صورة الرجل الواقف بملابسه الداخلية مستندا إلى ثلاجته وبيته غارق كأنه في عرض البحر، والصورة الثانية برمزيتها الفاضحة: ضابط بدين أمام شوارع غارقة فوقها صورة السيسي وشعار "تحيا مصر".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها