الإثنين 2015/06/22

آخر تحديث: 17:28 (بيروت)

قضية رومية: ثارات تكشفها مواقع التواصل

الإثنين 2015/06/22
قضية رومية: ثارات تكشفها مواقع التواصل
increase حجم الخط decrease

التسعير الطائفي الذي رافق تسريبات سجن روميه، أحال القضية الأخلاقية أولاً وأخيراً، الى ما ينهي أي إجماع حولها. لم تعد "جريمة غير إنسانية ومرفوضة"، بنظر بعض المتسييسين، ولا "قضية حقوقية يجب أن تُعالج على أعلى المستويات". فقد اتخذت منحى "القصاص على اساس سياسي"، عبر الايحاء بصراعات أجنحة داخل الطائفة السنية، أو "التبرير" كون من يضربون في الفيديو، هم من المتهمين بقضايا الارهاب، والمتورطين أو المشتبه بتورطهم في تفجيرات الضاحية الجنوبية.

صنفان برزا في التعليقات على التسريبات. أولهما، مؤيدو فريق 8 آذار، الذين وجدوا في التسريبات "تعاملاً طبيعياً مع متهمين بتفجيرات الضاحية". أعيد استخدام فيديوهات وصور عائدة لتفجيرات الرويس وحارة حريك، إضافة الى صور العسكريين اللبنانيين أمام بلدية عرسال، بعد الهجوم عليهم في وادي رافق في شتاء 2013.

المعالجة لهذه المقاربة، تبنت خطاب التبرير، بوصف المضروبين من الارهابيين. لم تتطرق الى حقوق السجناء من الناحيتين الانسانية والقانونية، والتي ألزمت لبنان بمجموعة قواعد تشريعية. والى جانب التبرير، أوحت بالوجهة السياسية للأزمة: (ريفي: 1 – المشنوق: 0)، وروجت لها، على قاعدة الصراع الداخلي، وذلك في هاشتاغ #المشنوق_اشرف_من_ريفي.

غير أن هذه المقاربة، لم تكن بعيدة عن ايحاء سياسي دفع به وزير الداخلية نهاد المشنوق نفسه ليلاً، بإطلاق هاشتاغ #الاعتداء_جرم_استغلاله_جريمة في حسابه في "تويتر". تضامن كثيرون معه، لكن آخرين، وهم كثيرون أيضاً، طالبوه بالاستقالة في ردهم على التغريدة، ووصل الأمر بالبعض الى حد إهانة الوزير، والتشكيك في دوره. وهؤلاء، هم من أخذتهم الحماسة الى غضّ الطرف عن سياقات الأزمة في سجن روميه، وتاريخها وتوقيتها.. وبدا هجومهم مركزاً على ضوء ثارات قديمة مع المشنوق نفسه، وليس على خلفية شكوك في التقصير، أو بتغطية جرم غير مقبول انسانياً ولا قانونياً ولا دينياً.

الثارات مع المشنوق، بحسب تعليقات في شبكات التواصل الاجتماعي، تبدأ من تغطية المشنوق للخطة الأمنية في الشمال، وصولاً الى عملية نقل السجناء في سجن روميه قبل اشهر قليلة، بعد تفجيري جبل محسن الانتحاريين، وضلوع سجناء في تنسيق العمليات مع "داعش"، وبالتالي، اتهامه باالتنسيق مع حزب الله، والتآمر مع "حلفاء إيران لضرب أهل السنة"!

تداعيات الأزمة، في مواقع التواصل، كانت أكبر من الغليان على الأرض الذي طوقه الجيش اللبناني بحزم. أبشع ما في الأزمة، تطييفها، ولصق إتهامات لمجهولين وبريئين بالمسؤولية عنها، ما أوحى بهدر دم هؤلاء، كون التصنيف تبنته مجموعات متشددة.

فقد تناقل المغردون صوراً ومعلومات عن شخصين متورطين بالاعتداء على السجناء في روميه. تبين اليوم، أن تلك الإتهامات باطلة، مع القاء القبض على خمسة اشخاص يشتبه في ضلوعهم في تعذيب السجناء.

في الواقع، فلت عقال المغردين في مواقع التواصل. وإتخذت الأزمة الطابع الطائفي البحت. لا سبيل للإقناع بأن ما حصل، ليس مرتبطاً بـ"مظلومية" طائفة، ولا بمؤامرة كونية على متهمين بنقل متفجرات، أو إعداد انتحاريين، أو تنفيذ عمليات إرهابية، أو قتال الجيش اللبناني.

وجب التفريق إذن، بين محاكمة السجناء، والتعرض بالضرب والاهانة لسجين له حقه الديني وفق القاعدة الاسلامية: "إدناء الضعيف حتى يشتد قلبه وينبسط لسانه"، وتليها محاكمة عادلة، حتى لو كانت الحكم بالاعدام... لكن هذا المبدأ، غاب في زواريب التسييس والتطييف، حتى كاد لبنان أن يقف على حافة جولة أخرى من التوتر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها