الأربعاء 2015/11/25

آخر تحديث: 17:34 (بيروت)

عن بوتين "الدكر".. والإعلام المصري بتحليلاته الكروية

الأربعاء 2015/11/25
عن بوتين "الدكر".. والإعلام المصري بتحليلاته الكروية
من الصور المتداولة في "تويتر" تحت هاشتاغ #اغضب_يا_بوتين
increase حجم الخط decrease
إنحاز المصريون إلى روسيا منذ إعلان خبر إسقاط تركيا للطائرة الروسية، من دون معرفة أية تفاصيل. ورغم الإجراءات العنيفة التي اتخذتها روسيا ضد مصر بعد سقوط طائرتها المدنية منذ ثلاثة أسابيع، تحوّل التعليق على الحدث ومحاولات تحليله إلى ما يشبه مباريات كرة القدم؛ نشجع روسيا ضد تركيا، أو بعبارة أخرى "عدو عدوي يصبح صديقي".

الحدث المربك على الصعيدين السياسي والعسكري يحمل الكثير من الدلائل على الاتجاه الذي تذهب إليه التوازنات الدولية في المنطقة، وعن الحجم الفعلي للتأثير الروسي وموقعه في حزب الناتو والصراع في سوريا. لكن كل المعلومات والأحداث المتلاحقة، غابت عن الإعلام المصري الذي تحول انحيازه إلى أخبار وتعليقات حادة، تشيطن الأتراك وتنتصر للدب الروسي وقيصره (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين على حد تعبيرهم.

بداية، كانت الشاشات والمواقع الإخبارية أسبق من الصحف الورقية في تغطية الحدث، وعليه كانت العناوين تذهب كلها إلى "العدوان التركي على الطائرة الروسية" و"تركيا تريد أن تناطح الكبار" في غياب تام للمهنية التي تقتضي ببساطة نقل التفاصيل دون تورط، خصوصاً أن مصر ليست طرفاً في المشكلة.

أحمد موسى، أبرز إعلاميي نظام السيسي، خرج في برنامجه "على مسؤوليتي" ليتحدث عن بوتين الصعيدي الذي لا يترك ثأره، وطالب المصريين بدعم روسيا "الشقيقة" على حد تعبيره، ولو برسالة إلى السفارة الروسية، ليعرفوا من هم أصدقاؤهم في المنطقة.

الغرام المصري بروسيا، يمكن اختصاره في حملات المديح والثناء في رئيسها فلاديمير بوتين، إذ تحولت الوقائع إلى نفخ في بالون الإيغو-بوتيني الذي سيثأر ويرد ويغضب. ولم يقتصر المديح على أحمد موسى وحده، بل انتقلت العدوى إلى كل وجوه البرامج الكلامية اليومية: تامر أمين على شاشة "الحياة" تحدث عن بوتين "الدكر"، وأنه عندما يقول فإنه ينفذ وهو "أيقونة الرئيس الصارم".

ويوسف الحسيني على شاشة "أون تي في" اعتبر أن بوتين "علّم" على الأتراك بالتعبير المصري الدارج، وربط بين أحداث باريس والإسقاط التركي للطائرة الروسية على اعتبار أن تركيا هي مصدر الإرهاب الداعشي. فيما ذهب وائل الإبراشي إلى أبعد من ذلك أن الرد الروسي العسكري سيكون خلال أيام قليلة.

تالياً، وعلى صعيد الصحف الورقية المصرية خرجت المانشيتات الرئيسية باقتباسات على لسان بوتين أو انحياز صريح للرواية الروسية: الوطن خرجت بعنوان "تركيا تساعد الإرهابيين"، و"ما حدث طعنة بالظهر". "المصري اليوم" و"اليوم السابع" اشتركتا في جملة "طبول الحرب" لوصف الحدث. أما "الأهرام" فقد نقلت عن مصادر روسيا أن ما حدث "بالغ الخطورة" دون وجود أي مصادر تركية في التغطية. وذهبت المصري اليوم إلى أبعد من ذلك، في نقلها عند خبير عسكري  أن تركيا تريد وأد أي ائتلاف لحرب داعش. الوفد نقلت عن خبير طيران عسكري أن الطائرة الروسية لم تمثل أي خطر على تركيا.

افتراضياً، أنشأ مؤيدو النظام وسم #اغضب_يا_بوتين لحثه على التصعيد ضد تركيا وشيطانها أردوغان كما يصفونه، لكن الوسم تحوّل إلى مصدر للسخرية التغريدية طوال فترة متابعة الحدث، وانتقلت ثيمات السخرية من السيسي إلى بوتين في تعليقات المتابعين.

ولم تخلُ التغطية الإخبارية المصرية من الدجل، إذ نشر موقع البوابة نبوءة لقديس يوناني يدعى بائيسيوس الآثوسي، يقول نص النبوءة "سيأخذُ الروسُ تركيَّا ويَعبُر الصِّينيُّونَ نَهرَ الفرات.. تُخبرُني العِنايةُ الإلهيَّةُ أنَّ أحداثًا كثيرةً ستَجري.. سيأخذُ الروسُ تركيَّا وتَختفي تركيَّا من خريطةِ العالمِ".

عبد الله كمال، الصحافي في "بي بي سي"، يرى في الانحياز المصري للجانب الروسي ما هو أبعد من فكرة الدولة الصديقة إلى الإعجاب "بفتوة" فلاديمير بوتين، يعززه الكراهية والعداوة لتركيا، ويتساءل كمال: "هل هناك اتصالات بين الروس وبعض الإعلاميين المصريين؟ أم أن المسألة مقتصرة على الانبهار بمن يرونه ذا شخصية أكثر حضوراً من السيسي خاصة وأن روسيا دولة كفء".

تسير التغطية المصرية على سيرتها المعهودة في تحويل الصراعات السياسية إلى معارك حادة بين عدو وصديق، وتغييم الحقائق على حساب انحيازات افتراضية. أحيانا يزيد الشطط فيها إلى درجة اعتبار أن ما حدث مع الروس هو عقاب على التخلي عن مصر، لكن هذا الخطاب لم يجد آذاناً مع الانحياز على الطريقة الكروية لروسيا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها