الخميس 2015/01/29

آخر تحديث: 19:24 (بيروت)

انحطاط "أو تي في".. إلا إذا اعتذرت أو برهنت

الخميس 2015/01/29
انحطاط "أو تي في".. إلا إذا اعتذرت أو برهنت
increase حجم الخط decrease

توضيح الإعلامية دنيز رحمة فخري حول حديثها مع النائب ستريدا جعجع، يؤكد اجتزاء المقطع الذي عرضته قناة "أو تي في"، وتظهر فيه جعجع شامتة بالتطورات العسكرية في جنوب لبنان أمس. وحتى تعرض القناة المقطع بأكمله، فإن انكارها التجزئة والإقتطاع البصري، لا يفيد، في ظل إيضاحين يعززان الحقيقة: تأكيد فخري بأن الحديث مجتزأ، كذلك تأكيد جعجع نفسها في بيان نشرته الوكالة الوطنية للإعلام. ويؤكد مضمون الإيضاحين، التناغم في سرد الحادثة، لتبدو، القناة البرتقالية، مستهدفة جعجع، عن سابق تصور وتصميم، على خلفية سياسية.

يبدو مقطع الفيديو  مشغولاً باحتراف، بشكل لا يمكن أن يترك مجالاً للشك حول اجتزائه.. لكن الإيضاحات التي تلت المقطع، نسفته. قالت رحمة لجعجع إن الاوضاع في الجنوب تتطور، فأجابت جعجع: ان شالله يا رب ما يصير شي. الكلمات الثلاثة الأخيرة، سقطت من صورة "أو تي في"، فخلقت جدلاً واسعاً حول صورة جعجع كمواطنة لبنانية. أظهرتها شامتة، وتتمنى الأسوأ! وكأن المحطة، غير المعنية أساساً بالحوار بين فخري وستريدا، أرادت الإستهداف السياسي لزوجة الخصم الأول للتيار القيّم على القناة. وقالت دنيز في توضيحها عبر "فايسبوك": "كنت اتمنى على بعض الزملاء التدقيق في الخبر ونقله بأمانة وموضوعية وعدم التسرع حتى لو كان الهدف خدمة لسياسة المحطة التي يعملون بها".

ولعل اجتزاء على هذا النحو، يغذي نزعة التطرف السياسي، على ضوء الإنقسام السياسي الحاد، علماً أن عملية شبعا، قوبلت برفض سياسي من رئيس حزب القوات سمير جعجع، زوج النائبة ستريدا جعجع، من غير أن يتطور الموقف إلى مستوى تمني الحرب. بقي في إطاره السياسي، وهي وجهة نظر، يتفق اللبنانيون أو يختلفون عليها. وفي المقابل، إظهار جانب ثأري، عبر الإجتزاء، في شخصية ستريدا، ينسف صورتها كإنسانة أولاً، وكلبنانية، وكممثلة لفئة من اللبنانيين في البرلمان. فعندما تبدأ المعركة مع إسرائيل، تُلغى الإصطفافات والنقاشات الداخلية، والتفاوت السياسي بين الأطراف، ويصبح الإنتقاد الذي يفوق الرأي السياسي، مشاركة في الجريمة ضد اللبنانيين، حتى لو كان هناك اختلاف سياسي بينهم.

تدرك القناة البرتقالية أن فعلاً مشابهاً، سيحرك الرأي العام ضد ستريدا. في السياسة، تقدم المحطة لجعجع شتائم إضافية، لن تؤثر في شعبيتها في منطقتها، كون التركيبة اللبنانية لا تترك مجالاً لتغيير وجهة نظر الناخبين بمسؤول ما، على قاعدة القدسية التي تشمل جميع الزعماء دون إستثناء. جل ما يمكن أن يحققه إجتزاء مهين من هذا النوع، هو فتح شهية الشتامين على استهداف جعجع، إستكمالاً لحفلة الشتم المستمرة منذ عشرة أيام لشخصيات إعلامية... وهذا ما تحقق بالفعل في مواقع التواصل، وسط إنقسام بين مدافعين أو معارضين.

الحديث عن المهنية في الإجتزاء، في هذه الحالة اللبنانية، لا يجدي. هو تصرف وضيع، لا أكثر. الخلاف السياسي لا يبيح فعلاً مشابهاً. على القناة أن تعتذر بسرعة، أو تعرض الشريط الكامل لتعزز موقفها.. وإذا لم تفعل، فليس أقل من وصف فعلتها بالانحطاط الإعلامي المسيّر بأجندة سياسية تتجاوز بأشواط رداءة "الحياة السياسية" المعروفة في البلد. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها