الأحد 2015/03/29

آخر تحديث: 17:06 (بيروت)

أوبريت "أنا اليمن": المتتالية المجازية إياها.. والمنجزة منذ أسابيع!

الأحد 2015/03/29
أوبريت "أنا اليمن": المتتالية المجازية إياها.. والمنجزة منذ أسابيع!
increase حجم الخط decrease
الاهتمام بمستجدات معركة "عاصفة الحزم" إعلامياً وإلكترونياً، خلافاً لمجازها وسياقها، مفهوم بالطبع، والحرب ما زالت طازجة لم تكد تبدأ. توقعات النتائج في مواقع التواصل الاجتماعي، تراوحت بين التحليل الجاد والتعليق الساخر كالمعتاد، واشتركت جميعها في انتظار العمل الفني الذي سيعبر عن الموقف المصري في هذه الفوضى العارمة، ولم يطل الانتظار!


بعد ساعات قليلة من بداية المواجهة، ظهر، من العدم، أوبريت يحمل عنوان "أنا اليمن" ليتساءل الجميع: هل من المعقول أن ينفذ أوبريت بهذه السرعة؟ لنستقبل المفاجأة الثانية بأن هذا الأوبريت منتهٍ بالفعل منذ أكثر من شهر، ليصرخ الجميع: إنه تطور استثنائي، انتقالنا من الأعمال التي تنفذ في يومين والأعمال التي تنفذ استباقياً.. لنكتشف –أخيراً- أن الأوبريت، من إنتاج رجل أعمال يمني، مُنجز منذ شهر ونيف، "حزناً على التوغل الحوثي في اليمن".

مثل المجاز الباهت المستعاد، خرج الأوبريت بمتتالية مَجازية متوقعة: صور أرشيفية لمعالم يمنية، علَم اليمن المرفرف، جيشه النظامي، وجوه جميلة لأطفال عابرين (مجاز الاستقرار). ثم الانقلاب الدرامي (المتوقع أيضاً)، بصوت الإسعاف في الخلفية، والجثث الملقاة على الأرض وطفلة تبكي، وجموع تجري في الشوارع وسيارات تحترق بألسنة نيران تبلغ السماء (مجاز الإرهاب)...

ويبدأ الأوبريت أخيراً بعد اللقطات الأرشيفية بصوت كورال الأطفال (مجاز البراءة).. ثم يظهر نجوم الغناء، محترفو تلك الأعمال الوطنية، بخلفية سواء (مجاز الحداد). أوّلهم الوجه الباكي - سفير الحزن في الأغنية العربية - هاني شاكر. والمطربة الخارجة من تابوت التاريخ، نادية مصطفى، فزوجها -من التابوت المجاور- أركان فؤاد، وأخيراً غادة رجب مطربة المناسبات العامة.

"اسمي اليمن واحلف على هذا يمين، أنا اليمن وأسأل سيف بن ذي يزن".. من يا ترى يعرف ابن ذي يزن، المحشور في الكلمات لضرورة القافية؟

يتحدث الأوبريت بلسان اليمن، بأفواه خلت من أي يمني. الكلمات لشاعر يمني –وصلتُ إليه بعد بحث مضنٍ- يدعى حبيب المخلافي. أما الملحن، فهو مجهول حتى هذه اللحظة، ولم أنجح في التوصل إليه. النص المكتوب باللهجة اليمنية عانى اعوجاج لفظه بصبغة مصرية. اليمن في الأوبريت ليس يمناً خالصاً، مثل هذه الحرب تماماً. التاريخ –ونحن المُطالَبين بسؤاله- سيرتبك حتماً أمام سؤال بلسان غير الذي يتوقعه، لسان مستعار.

في آخر كليب الأوبريت، يظهر شُكر لرجل الأعمال اليمني المحترم عبد الله علي السنيدار، الذي قال عن نفسه على موقعه الخاص: "لي العديد من الأعمال والمهام والأدوار بصفتي إحدى الشخصيات الاعتبارية ورجلاً من رجال الأعمال الناجحين". هكذا يتكوم الفضل في الكليب إلى مموّله، بلا كلمات ولا ألحان. ومن يكترث بشاعر وملحن أصلاً؟

بشيء من "الجدية"، الكليب والأوبريت ليس مجموعة من الصور فحسب، بل هو في طبيعته علاقات بين مجموعة من العناصر والسياقات تتوسطها الصور. ويمكن من خلال ذلك أن نفهم لماذا تكون صورة الأوبريت اليمني، مصرية بشكل كامل، لدواعي الانتشار. لكن أي انتشار هذا مع مجموعة من المطربين المنسيين تماماً مصرياً. فما بالك عربياً، ولنتخيل أن مواطناً يمنياً شاهد الأوبريت سيعرف هاني شاكر، ويعجز عن معرفة الباقين، وإن كُتبت أسماؤهم.

هو ليس موجّهاً للمُشاهد اليمني على الأرجح. فهو موجّه لمِصر، كأنه يقول: "أيها المصري، ألم يرقّ قلبك لبلد تاريخ مثلما هي مصر بلد تاريخ؟".

"أنا اليمن"، تكررت أكثر من 12 مرة في الأوبريت. فالميزة القائمة على التكرار تنشأ من الحقيقة البسيطة في أن وسائلها هي في الوقت نفسه أهدافها. إنها الشمس التي لا تغيب عن إمبراطورية السلبية المعاصرة. إنها تغطي كل سطح العالم وتسبح بلا نهاية في مجدها الخاص.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها