الثلاثاء 2024/04/30

آخر تحديث: 13:38 (بيروت)

مثليّو العراق خائفون: "أخشى إجباري على مغادرة وطني"

الثلاثاء 2024/04/30
مثليّو العراق خائفون: "أخشى إجباري على مغادرة وطني"
increase حجم الخط decrease
قبل عام، غادر سيف علي العراق بعد تعرضه لضغوط وتهديدات جعلت حياته صعبة، إلا أن حلم العودة الذي لم يغادره بات اليوم مستحيلاً إثر قانون يجرم العلاقات المثلية حتى 15 عاماً بالسجن صدر أخيراً.

ويأتي القانون الجديد الذي قوبل بإدانة من منظمات لحقوق الإنسان اعتبرته "انتهاكاً" للحقوق الإنسانية، ليزيد من الضغوط التي يواجهها أساساً أفراد مجتمع الميم بالإضافة أحياناً الى العنف الجسدي واللفظي. ودانت دول غربية بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة القانون الجديد، فيما ندد سياسيون عراقيون بما وصفوه "تدخلاً" في الشأن العراقي. واتهم بعض النواب العراقيين منظمات المجتمع المدني بأنها "تابعة" للولايات المتحدة وتروج لـ"الشذوذ الجنسي"، حسب تعبيرهم.

وقال علي (26 عاماً) متحدثاً من خارج البلاد لوكالة "فرانس برس": "كانت مغادرة العراق من أصعب الأمور في حياتي. لكني أجبرت على الرحيل ، لم يكن لدي أي خيار آخر". وأضاف الناشط ومؤسس مجموعة "غالا عراق" (Gala Iraq for LGBTQ): "بعد القانون، بات من المستحيل أن أزور العراق مجدداً، وهذا ما يحطم قلبي".

في العراق، وضعته عائلته تحت الإقامة الجبرية وحرمته من الخروج. حتى أنها سحبت منه مستنداته الشخصية لنحو عامين بسبب "مظهره" ولكونه ليس "مثل باقي الأولاد". ومع تزايد التهديدات والضغوط، اتخذ علي القرار المؤلم بمغادرة العراق بحثاً عن حياة أفضل ومجتمع يتقبل خياراته.

وقال علي أن أفراد مجتمع الميم كانوا "يتعرضون أساساً لأشكال مختلفة من العنف، مثل القتل والاغتصاب والاختطاف والابتزاز". وأضاف "أعتقد أن الفترة المقبلة ستكون أكثر ظلامية" بعد صدور التعديلات القانونية.

وينظر المجتمع العراقي العشائري والمحافظ نظرة سلبية إلى المثليين، فيما لم يكن هناك في السابق أي قانون يعاقب المثلية الجنسية. أما النص الجديد الذي يمثل تعديلاً لقانون مكافحة البغاء للعام 1988، فينص على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 10 و 15 عاماً لمن يقيم علاقات مثلية ولمن يقوم بـ"تبادل الزوجات لأغراض جنسية".

كما يمنع القانون "تغيير الجنس البيولوجي للشخص بناء على الرغبات والميول الشخصية" تحت طائلة تعريض كل من غير جنسه وأي طبيب أجرى العملية للسجن لمدة تراوح بين سنة وثلاث سنوات. ويفرض مدة مماثلة لكل "ممارسة مقصودة للتشبه بالنساء"، ويحظر "نشاط أي منظمة تروج للبغاء والمثلية الجنسية".

وحذر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي من أن التعديلات تتضمن لغة غامضة تفتح المجال لتفسيرات واسعة. وكان مشروع تعديلات سابق اقترح عقوبة الإعدام، وتحدث النائب في البرلمان العراقي مصطفى سند في موقع "إكس" عن ضغوط مارستها سفارات دول أوروبية والسفارة الأميركية.

وعلقت ناشطة طلبت عدم الكشف عن اسمها حفاظاً على سلامتها أن "الحياة في العراق غير آمنة". وكرست الشابة (29 عاماً) نشاطها لسرد تجارب أفراد من مجتمع الميم لكن مدونتها الإلكترونية ما لبثت أن اخترقت وأزيلت العام 2018 إثر تهديدات عديدة.

ورفضت الناشطة الاستسلام. وما لبثت أن أطلقت مشروع "بودكاست"، لكن القانون أتى ليهدد نشاطها مجدداً. ومنذ إقراره، يضغط أصدقاؤها عليها من أجل إزالة منشوراتها. وقالت بأسى: "إنها غالية على قلبي، لا أقوى على ذلك".

ولطالما كرهت الناشطة فكرة ترك بلادها فقط بسبب هويتها الجنسية، لكن شبح المغادرة بات يلوح بالنسبة لها. وأكملت: "أخاف أن أجبر على المغادرة ، أتمنى ألا يصل الأمر إلى ذلك"، مضيفة أن "مجتمع الميم كان متوارياً أساساً، وحالياً يدفعوننا أكثر نحو الاختفاء تماماً"، مشيرة إلى أنه بات عليها أن تتخذ إجراءات احترازية أكثر لحماية نفسها وأصدقائها.

واعتبرت المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، رافينا شمداساني، أن "القانون يتعارض مع معاهدات واتفاقات عديدة بشأن حقوق الإنسان صادق عليها العراق، خصوصاً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويجب إلغاؤه".

ورأت الخارجية الأميركية أن القانون المعدل يهدد "الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العراقي"، محذرة أنه "يمكن استخدامه لعرقلة حرية التعبير والتعبير الشخصي، وعرقلة أعمال منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العراق". ورداً على الموقف الأميركي، طالب أكثر من 60 نائباً عراقيا باستبدال السفيرة الأميركية.

وقال النائب رائد المالكي الذي اقترح التعديلات على القانون: "هذا القانون يأتي من باب وقاية المجتمع من هكذا أعمال". وأضاف: "ثقافة المجتمع ترفض المثلية، لكن هناك تعمد للترويج لثقافات غير معترف بها، وبالتالي نحن نتخوف من المستقبل".

وتزايدت خلال الفترة الماضية خطابات مناهضة لمجتمع الميم. وخلال تظاهرة لأنصار التيار الصدري العام الماضي احتجاجاً على حرق نسخة من المصحف في السويد، أحرق البعض أعلام "قوس قزح". واعتبرت رشا يونس، المتخصصة في مجال حقوق مجتمع الميم في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن "القانون يفاقم صعوبات يعاني منها أساساً أفراد مجتمع الميم في العراق الذين يواجهون العنف بشكل منتظم وتهديدات لحياتهم من جماعات مسلحة".

وقال يزن العبيدي، الناشط الكويري الذي يحمل الجنستين العراقية والنروجية، أنه بات اليوم يخشى التوجه إلى بلده الأم برغم الإجراءات الاحترازية التي يتخذها في كل مرة يزور العراق، وآخرها العام 2018. وتوقع زيادة في "هجرة الكوير" بعد إضفاء السلطات "وجهاً قانونياً" على الضغوط التي كان يتعرض لها مجتمع الميم.وأكمل: "لم يعد الأمر يقتصر على العائلة أو المجتمع، بل إن الشخص المنتمي الى هذا المجتمع بتعبيره عن ذاته بات يتحدى الدولة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها