السبت 2023/10/28

آخر تحديث: 13:28 (بيروت)

التضامن مع غزة بين القوة والتريند

السبت 2023/10/28
التضامن مع غزة بين القوة والتريند
increase حجم الخط decrease
دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" الإسلامية، أسبوعها الثالث، مع عنف غير مسبوق في قطاع غزة الذي يعتبر أحد أكثر الأماكن على الكوكب اكتظاظاً بالسكان. ولم تهدأ مواقع التواصل الاجتماعي في تنظيم حملات الدعم ونشر المحتوى الفلسطيني، سواء من أفراد عاديين أو من مؤثرين وفنانين سخروا حساباتهم لأوسع حملة تضامنية مع غزة.

ووحد المتضامنون مع الفلسطينيين صور حساباتهم الشخصية كي تعرض أعلام فلسطين أو صوراً للون الأسود. وغابت تفاصيل حياتهم الشخصية عن النشر، حتى مع الاحتجاجات العربية المستمرة بوجود تضييق على المحتوى الفلسطيني والمحتوى المتضامن مع المدنيين في غزة، وصل إلى حد إغلاق حسابات لمؤثرين يتابعهم الملايين حول الكوكب. ولم يتأثر هؤلاء بل عمدوا إلى إنشاء حسابات جديدة، لمواصلة النشر كل ما يحصل في قطاع غزة، أبرزهم المؤثرة والطباخة عبير الصغير.


ويقول ناشطون ومعلقون أن سياسات شركة "ميتا" المالكة لمنصات "أنستغرام" و"فايسبوك" تحاصر المحتوى الفلسطيني وتساهم بالتستر على الجرائم الإسرائيلية، بينما تقول شركات التواصل بما في ذلك "ميتا" أنها تواجه ضغوطاً مختلفة من بينها نشر المحتويات الكاذبة والتصدي للمحتوى العنيف والتحريضي. ووسط ذلك يعطي التضامن العابر للحدود انطباعاً بوجود حملة عربية موحدة بشكل "مقاومة إلكترونية".


الأردن مثالاً
في الأردن مثلاً، كانت الحملات في مواقع التواصل الإجتماعي، دافعاً للشباب الأدرني للتحرك، وإقامة مظاهرات منددة أمام السفارة الإسرائيلية في الأردن. وقالت الشابة الأردنية زينب دولات: "إن الحملات على وسائل التواصل أثرت على الشارع الأردني بشكل كبير، خصوصاً الفئة الشبابية التي لا ترضى الظلم وتسعى إلى تكريس إنسانيتها، لتوثيق ونقل مجازر والإبادة التي تطال الشعب الفلسطيني في غزة".

وتشعر دولات بالسأم "من هوس الترند على وسائل التواصل الإجتماعي، والذي يسخف القضية، خصوصاً مايقوم به بعض المؤثرين وصناع المحتوى، حيث يجب أن تركز حملاتهم على نقاط تبين موقفهم من قضية فلسطينية وألا يكونوا صامتين"، حسب تعبيرها.

وفيما أظهرت تجارب مثل الحرب في سوريا وأماكن أخرى أن الاهتمام العام بالحروب يتراجع مع مرور الوقت وطول أمد الصراع، رأت دولات "إن هذا الأمر مستحيل، لا أحد سيعتاد على مشاهد الرعب والدمار وقتل الأطفال، يجب أن نكون صوتاً للذين قتلوا، والمساهمة في تبيان حقيقة المجازر التي يرتكبها الإحتلال الإسرائيلي للعالم لأجمع، وقدرة وسائل التواصل الإجتماعي أثبتت تفوقها على وسائل الإعلام التقليدية".

مزاودات وانتقادات
ورغم أن التضامن قد يأخذ أشكالاً مختلفة، فإن هنالك نظرة للمحتوى المقاوم بأنه يجب أن يكون جاداً وملتزماً. وبالتالي تم انتقاد مؤثرين تضامنوا مع فلسطين بطريقتهم الخاصة، مثل وضع "مكياج للعلم الفلسطيني، وطلاء أظافر لغزة". وتمت المزاودة على أولئك بالقول أنهم يحولون "القضية" إلى "تريند"، وبأنهم يحاولون التكسب من أوجاع الفلسطينيين ويحاولون كسب المشاهدات!


وفي الأيام الأولى من التصعيد الإسرائيلي في غزة إثر الهجوم غير المسبوق الذي نفذته "حماس" ضد إسرائيل، وجهت انتقادات لمؤثرين عرب يعيشون في بلدان غربية أو في بلدان عربية تقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل، كمصر والإمارات. وأعاد ذلك تساؤلات حول القضايا العربية وإن كانت فلسطين قضية مركزية فعلاً أم لا، خصوصاً ان الهموم المحلية والشخصية تتصاعد في عموم الشرق الأوسط منذ ثورات الربيع العربي قبل أكثر من عقد من الزمن.

وهنا، قالت الأخصائية النفسية والناشطة الإجتماعية وردة بو ضاهر، في حديث مع "المدن"، أن "التضامن يبقى أساسياً، ويلعب دوراً مهماً في إيصال الحقيقة لكثير من الناس ممن لا يعلمون أي تفصيل عن غزة، وهو ما يحصل خلال الحرب"، مضيفة أن "التعبير هو حق لكل فرد، للإيصال أصوات مهمشة، ويغير في سرديات الإعلام الغربي بشأن تغطيتها تجاه الحرب على غزة".

وفي ما يخص الطلب من المؤثرين اعطاء رأيهم في حرب غزة، قالت بو ضاهر: "المؤثرون دائماً ما يتحدثون عن المواضيع الإنسانية، ويقومون بحملات مناصرة وقت الأزمات، وعدم تفاعلهم يؤدي إلى شعور متابعيهم بالخذلان. خصوصاً بسبب قدرتهم على ايصال صوتهم للجمهور الأوسع".

التضامن الإلكتروني: إحتراق نفسي
وجعل الدافع الإنساني والشخصي للصحافية فاطمة شقير، تكرس وقتها وجهدها للحملات التضامنية في مواقع التواصل الإجتماعي، مستثمرة دورها كخبيرة في مجال التواصل الإجتماعي، والتي يحصر عملها في المكتب، موازية أياه بعمل الصحافيين الميدانيين.

وقالت شقير، لـ"المدن"، أن خبرتها تساعدها في إنتقاء المحتوى الهادف، مضيفة: "حولت كافة حساباتي الخاصة على وسائل التواصل الإجتماعي إلى عامة، كي أستطيع الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة". وتقسم شقير محتواها التي تشاركه "إلى محتوى إنساني يحرك المشاعر، ومحتوى معلوماتي وتوعوي"، وترى أن معلومات الجيل الجديد تحديداً عن القضية الفلسطينية "ليست كافية" خصوصاً أن هنالك "جيلاً لأول مرة يعايش حرب غزة، وهي المرة الأولى التي تكون وسائل التواصل الإجتماعية متغللة في الشباب والعالم العربي، أي قدرتها أكبر على نشر المعلومات والحقائق".

وقالت بو ضاهر أن "إحساس العجز الذي يرافق الأفراد لعدم قدرتهم على تقديم أي مساعدة للفلسطينين، يدفع بكثيرين للمشاركة بالحملات التعاطفية والإنسانية والتفاعلية. ويثبت ذلك القدرة التأثيرية التي تلعبها وسائل التواصل الإجتماعي والتي قد تتفوق على وسائل الإعلام التقليدية. خصوصاً المحتويات التي تقدم باللغة الإنجليزية، من أجل أن يفهم الدول والشعوب الغربية، ما يحصل بلغتهم".

وربما يشعر المتفاعلون في مواقع التواصل الإجتماعي بخيبة أمل، مع إزدياد العمليات الإسرائيلية، ما وصفته بو ضاهر بمصطلح "الإحتراق النفسي" نظراً للضغط الذي يضعه الأشخاص على أنفسهم، وقد يشعرهم ذلك بالتعب. ونصحت بو ضاهر، "رواد مواقع التواصل الإجتماعي بحماية أنفسهم، وأن يكونوا واقعيين بأن قدرتهم بالتغيير قد تكون صغيرة، لكن دورهم مهم حتى لو كان على مستوى التغيير في محيطهم".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها