الأربعاء 2023/10/25

آخر تحديث: 13:37 (بيروت)

محاولات نزع فلسطين عن الخريطة الرقمية.. كيف ولماذا؟

الأربعاء 2023/10/25
محاولات نزع فلسطين عن الخريطة الرقمية.. كيف ولماذا؟
increase حجم الخط decrease
يحاول ناشطون وصحافيون فلسطينيون تقديم رؤيتهم للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة مع استمرار القصف الإسرائيلي إثر تجدد الصراع بين تل أبيب وحركة "حماس" الفلسطينية في 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، في حين يشعر الكثير منهم بأن وسائل الإعلام الغربية لا تنقل قصصهم ولا تسمع أصواتهم.

ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي تحظى بحصتها من الانتقادات العربية من باب التضييق على المحتوى الفلسطيني أو ذلك الداعم للفلسطينيين، فإن تلك المواقع بما فيها منصات شركة "ميتا" العملاقة، ما زالت تحمل كفاحاً فلسطينياً لمنع طمس السردية الفلسطينية نهائياً، علماً أن عدداً من الصفحات حُجب نهائياً، مع لعبها دوراً بارزاً في نقل الأحداث من داخل غزة المحاصرة، حيث ينشط المراسلون الميدانيون كمصدر حيوي للمعلومات.

"تيلغرام" يحظر قنوات "حماس"

وبدأ تطبيق "تيلغرام" بحجب قنوات تابعة لحركة "حماس" وجناحها العسكري "كتائب القسام" في نسخة التطبيق التي تعمل بنظام "أندرويد" بناء على طلب من شركة "غوغل". وأصبحت تلك القنوات غير متاحة لمستخدمي "تيلغرام" الذين قاموا بتنزيل التطبيق من خلال متجر "غوغل بلاي".

وكان مؤسس "تيلغرام"، الروسي بافيل دوروف، رفض في وقت سابق حجب حساب "حماس"، باعتبار أن منصته التي تعتمد على الاشتراكات تُعتبر مصدراً فريداً للمعلومات من مصدر أوّلي ولا تعزز "الدعاية".

ورغم الحظر الجديد يمكن لمستخدمي "أندرويد" الوصول إلى القنوات المحجوبة بتحميل التطبيق من موقع "تيلغرام" الأصلي وليس من "غوغل بلاي".

السردية الفلسطينية مقابل التحيّز لإسرائيل

وعقدت منظمة "سميكس" للحقوق والحريات الرقمية جلسة "ويبينار" لمناقشة كيفية تأثير منصات التواصل الاجتماعي في السردية الفلسطينية ومدى مساهمتها في نشر التحيّز والشائعات حول العالم.

وترأس إدارة المؤتمر، مدير المحتوى الرقمي في المؤسسة، عبد قطايا، وشارك فيها رئيس السياسة العامة السابق لشركة "فايسبوك"، أشرف زيتون، ومديرة السياسة العامة والمناصرة في منظمة "أكسس ناو" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مروة فطافطة.

وشغل تقييد المحتوى الفلسطيني حيزاً هاماً من نقاشات الخبراء في مجال مواقع التواصل الاجتماعي. وعمد الفلسطينيون إلى طرق مبتكرة من أجل تلافي الحظر، حيث شبّه الناشطون مثلاً، المقاومة بـ"البطيخة الفلسطينية"، كاحتيال على خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي، علماً أن رمز البطيخة جزء من النضال الفلسطيني ضد الاحتلال لتشابه ألوانها (الأحمر والأخضر والأسود) مع ألوان العلم الفلسطيني.

وأشار أشرف زيتون إلى أن هناك تحيزاً في خوارزميات مواقع التواصل يجعل تعاملها مع المحتوى الفلسطيني مختلفاً عن باقي المنشورات. فالمحتوى الأوكراني تشجّعه "ميتا" مثلاً، ما يشكّل استنسابية واضحة حسب رأيه. ولعل الفارق هنا أن حركة "حماس" الفلسطينية مصنفة كحركة إرهابية في دول غربية عديدة، بعكس الحالة الأوكرانية التي تتقاتل فيها دولة ضد دولة.

لماذا تتحيّز "ميتا" لإسرائيل؟

وشرح زيتون العوامل التي تساهم في تحيّز "ميتا" لإسرائيل. فحجم الإعلانات التي تنفقها إسرائيل في سوق "ميتا" يُعتبر أكثر بكثير من عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية. وقال: "لدى إسرائيل كثير من الشركات العالمية التي تدفع للإعلان في ميتا"، مثل "ويكس". بالإضافة إلى وجود عدد من الموظفين الاسرائيليين، أو ذوي توجهات إسرائيلية في الشركة، مّا يؤثر في تحديد سياسة المؤسسة وخوارزمياتها، على حد قوله.

من جانبها، كشفت فطافطة،  تداعيات نقص المعلومات على السردية الفلسطينية: "المعلومات التي تصدر من غزة أصبحت أقل من المعتاد، ما يجعل من الصعب بشكل كبير على الصحافيين، والمنظمات الدولية، ومدقّقي المعلومات، تقصّي الحقيقة". مشيرة إلى أن نقص المعلومات يؤدي إلى استخدام مسميات مضللة ومواد يعاد تدويرها من محتوى سابق.

كذلك، ساهم المسؤولون الإسرائيليون في نشر الدعاية من خلال الترويج لمعلومات مضللة، خصوصاً بعد حادثة مستشفى "المعمداني"، عندما نشر المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، ما قال أنه "مكالمة هاتفية بين ناشط سابق في "حماس" وبين أحد سكان القطاع تحدثا خلالها عن عملية إطلاق صواريخ فاشلة أدت لكارثة المستشفى.

وفي مواجهة هذه الضغوط التكنولوجية والإعلامية، يشعر الفلسطينيون بأنهم يكافحون ضد "عدوان رقمي" أيضاً يستهدف سرديتهم ومحتواهم. ولمواجهة الدعاية التي تتطوّر يومياً، يجب على كل ناشط أن يكون محنّكاً رقمياً لمحاربة التحيز المسبق ضده.

وإن كان لا بديل فعالاً حالياً لشبكات الاجتماعية المعروفة، فمن المجدي مواجهة تزييف الحقائق في المنصّات نفسها التي تروّجها. فبينما تشنّ إسرائيل حربها على الفلسطينيين بهمجيّة مطلقة، تنتقل العدوى لكبرى المؤسسات التكنولوجية لتستمر في حجب المحتوى الفلسطيني الداعم، ولربما، ستطاول صور شجر الزيتون في ما بعد. ويأتي ذلك كلّه في محاولة لنزع فلسطين عن الخريطة الرقمية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها