الجمعة 2018/04/06

آخر تحديث: 16:14 (بيروت)

مساء الخميس: رهانات LBC ومفاجأة هشام.. وأخطاء الحريري

الجمعة 2018/04/06
مساء الخميس: رهانات LBC ومفاجأة هشام.. وأخطاء الحريري
"نزق" هشام حداد ساعده على ضبط حوار المتناقضات في برنامج "تحصيل حاصل"
increase حجم الخط decrease
أنقذت قناة "أل بي سي" مساء الخميس من المقارنة بين مارسيل غانم والبديلَين له. لم تخضع نفسها لاختبار مشابه، حين اختارت "بُنيَة" مختلفة في الشكل والمضمون. فهي تدرك أن أي برنامج حواري سياسي بعد "كلام الناس"، سيعرّض البرنامج الجديد لمقارنة ظالمة، تؤدي الى احباطه. 

وعليه، ملأت الفراغ بما تستطيع أن تجذب به الجمهور، وقدمت برنامجاً تفتقده دورة البرامج الانتخابية في الشاشات الأخرى، ونجحت الى حد كبير في الحفاظ على مستوى المشاهدة مساء الخميس. 

حين دعا هشام حداد الجمهور إلى التريث في الحُكم عليه، كان يدرك أنه يخوض سباقاً على أرضه. فالحوار التفاعلي، هو ملعبه، ويحمله معه من خلفيته المسرحية، ومن عرض تلفزيوني غير محدود بضوابط الاستديو، يقدمه منذ 9 سنوات على الشاشة. واكتشف الجمهور مساء الخميس، إثر عرض برنامج "تحصيل حاصل"، مكمن الثقة في نجاحٍ توقَّعه دون سواه، بالنظر الى آخرين كانوا يعقدون المقارنات مع سلفه. وبالفعل، نجح هشام في امتحانه الأول. 

والنجاح هنا، مردّه بُعدان اساسيان، أولهما شخصية هشام، وثانيهما إخراج الحوار من اطار الدعاية الانتخابية. 

في البُعد الأول، استطاع حداد أن يفرض هيبته في الاستديو. أدار الحوار بين المتناقضات بسطوة، وقمع لغو المتحدثين منعاً للفوضى، وحافظ على صلابته بنقل المَحَاور من ضفة الى ضفة، بانتظام. كما بدا مطّلعاً على كل التفاصيل اللازمة لتسيير كلام ضيوفه الكثر إلى حيث يجب أن يسير، وبأقل قدر ممكن من المغالطات والادعاءات. 

قد يعتبر البعض أن الخروج على "الانتظام" في اعطاء الضيف مساحة مطلوبة، هو سلوك يتخطى الجرأة. وقد يعتبر البعض أن السطوة تعبّر عن نزق في إدارة الحوار.. لكنها في الواقع أداء مطلوب، وضروري، بهدف استكمال الحلقة بأقل كلفة من الفوضى، وبأعلى مستوى من كشف الهزل الانتخابي غير المقنع والذي صدر عن بعض الضيوف، إضافة إلى التشويق القائم على الردود المتبادلة. إذ لا يُدار حوار رشيق ومثير، من دون محاوِر نزق، قادر على ضبط الخلافات واعادتها الى سقف البرنامج، والحفاظ على نفسه كمرجعية في إدارة الحوار. 

أما البُعد الثاني، فيتمثل في المضمون الذي أظهر فشل أي محاولة للتغيير باثر من الانتخابات العتيدة. النقاش المُحبِط، الذي يكرس الاصطفافات السياسية، حيث يتمسك كل طرف من الأحزاب بعناوينه السياسية وخياراته، وبراءته – استطراداً- من ملفات الفساد، عرّى الاحزاب والقوى السياسية، وأظهر أنها ما زالت قادرة على استقطاب الجمهور بخطاب "سياسي" مصلحي وفئوي لا يتصل بمصالح المواطنين. كان حداد انتقادياً، وجريئاً أيضاً في طرح الاشكاليات وتبني الانتقادات، لجهة التحالفات السياسية، ولجهة اظهار التنافس على معركة رئاسة الجمهورية. بينما اصطف الى جانب "المجتمع المدني" الذي بدا بلا حول ولا قوة في معركة تخوضها الاحزاب. 

وبهذا الموقف، أخرج حداد الحوار من اطار الدعاية الانتخابية، بالنظر الى المساواة في منح الأطراف فرصة للظهور وتقديم حججها، خلافاً لبرنامج "لوين واصلين" الذي قدمته ديما صادق، واستضافت في أولى حلقاته، أمس، رئيس الحكومة سعد الحريري. 

فاستضافة شخص واحد، ستعرض "ال بي سي" لرقابة "هيئة الاشراف على الانتخابات" لناحية الإنفاق الانتخابي (إن كانت حقيقةً هيئة فاعلة)، حتى لو أن البرنامج لم يرتقِ الى مستوى الدعاية الانتخابية. ذلك ان المشكلة لا تتمثل في البُنيَة والهيكل، بقدر ما تتمثل في المحيطين بالرئيس سعد الحريري ومستشاريه الذين لم يحولوا دون إطلالة له فيها من الهفوات ما يضعه محل انتقاد، ويخالف خطابه الأساسي القائم على جهود لبناء الدولة. 

ولولا ان الحريري شخصية محبوبة، وتحظى بالتفاف جماهيري، وله من الشعبية ما يصنع له مناعة ضد الانتقاد إلى حد ما، لوُصِفت تلك الاطلالات العفوية بـ"الكارثية"، ذلك ان ديما صادق حققت سبقاً على أكتاف الحريري، وظهرت وكأنها مارست "مَونِة" عليه، ان لم نقل "سطوة"، بطعم التمني. 

والانتقادات التي تطاول الحريري، لا ترتبط بشخصيته الكاريزماتية، وقربه من الناس، وعفويته. ينسى الحريري، في اطلالاته التلفزيونية ذات الوجه الانتخابي، أنه رئيس حكومة، ويفترض أن يظهر وجهه كقدوة للناس في ما يرتبط بالالتزام بالقانون. كيف يسمح المحيطون به الامعان في عفوية، تقوده أخيراً الى الاعلان بأنه يقود سيارة بلا رخصة قيادة؟ كيف يسمحون بأن يقطع اشارة مرور حمراء، وهو أمر دفع صادق لانتقاده علناً حين بدت "ناصحة" له بقولها "اشارة حمراء يا رئيس الحكومة؟"!

كيف يمكن لرئيس حكومة ألا يعرف كلفة زحمة السير على الاقتصاد اللبناني؟ وأن الحل بالنقل المشترك الذي لم تبادر الحكومة لتنفيذ خطة له يمكن أن تنقذ البلاد من الزحمة؟ 

هي أخطاء، تُضاف الى خطأ قاله مؤخراً في برنامج "دق الجرس"، حين أعلن أنه لا يعرف ثمن ربطة الخبز!

ثمة معضلة هنا، من المفترض أن تتم مراعاتها، ووضع ضوابط على العفوية في الاطلالات التلفزيونية التي استفادت منها ديما صادق هذه المرة، بما يتخطى فائدة رئيس الحكومة الذي اختبر التفاف الناس حوله وإيمانهم به في جولاته الانتخابية في المناطق، وكرس زعامته فيها خارج جلباب أبيه الشهيد رفيق الحريري. 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها