الخميس 2018/04/05

آخر تحديث: 18:43 (بيروت)

مُهاجِمة مقرّ "يوتيوب" الإيرانية: هكذا انتقمت من عالَم الافتراض

الخميس 2018/04/05
مُهاجِمة مقرّ "يوتيوب" الإيرانية: هكذا انتقمت من عالَم الافتراض
increase حجم الخط decrease
جدل واسع في إيران أثاره إعلان الشرطة الأميركية عن هوية مهاجِمة مقر "يوتيوب" في ولاية كاليفورنيا، والتي قالت إنها إيرانية الأصل وتدعى نسيم نجفي أغدم، حيث انقسم الإيرانيون في مواقع التواصل حول الدوافع التي قادت أغدم إلى ارتكاب هذا الهجوم، خصوصاً بعدما ذكرت تقارير أميركية أن أغدم كانت غاضبة إزاء حذف "يوتيوب" لبعض المقاطع الخاصة بها من الموقع، مما حدّ من أرباحها.


أغدم التي نفت سابقاً أنها تعاني من مشكلات نفسية، قالت إنها تعيش في كوكب مليء بالأمراض والخلافات والظلم، لكن الكثير من المغردين الإيرانيين اعتبروا أن ما كانت تنشره من مقاطع في "يوتيوب" يعكس أن "لديها خللاً عقلياً"، في حين اعتبر البعض أنها "نموذج لنهاية من يبحثون عن الشهرة في مواقع التواصل"، وإن ما حصل معها "هو إنذار لهؤلاء الأشخاص".

ومن مواقع التواصل امتد السجال إلى وسائل الإعلام الإيرانية، حيث ركّزت الصحف المقربة من الحرس الثوري على مقطع فيديو كانت قد انتقدت فيه أغدم ما وصفته بـ"الأكاذيب حول وجود حرية التعبير والتمييز وغلاء الأسعار في الولايات المتحدة"، في حين ركّزت الصحف المقربة من الإصلاحيين على مقطع فيديو تظهر فيه المهاجمة مرتدية قناعاً، والترويج إلى أنها مؤيدة لـ"داعش". وفي سياق السجال نفسه، كتب محرر "بي بي سي فارسي"، حسين باستاني، قائلاً، إنّ "نسيم أغدم التقطت مئات الصور المضحكة. من بينها تقدم نفسها على أنها قائد القوات الكوماندوز في زمن الحرب، وفي أخرى على حد تعبيرها تقول إنها ترتدي حجاباً عربياً. الصورة الأولى اعتبرها مفسر سياسي وثيقة من أعضاء الجيش الإيراني، والصورة الثانية اعتبرها صحافي استقصائي وثيقة تثبت انتمائها إلى داعش".


وكانت المهاجِمة قد انتحرت بعدما أصابت، الثلاثاء، 3 أشخاص في مقر "يوتيوب". وأظهرت مدونة المهاجِمة، التي تحمل عنوان "النسيم الأخضر"، أنها تنشط في مجال الغذاء النباتي وحماية الحيوانات وكمال الأجسام والرقص عبر إنتاج مقاطع شخصية، ويتابع حسابها في "يوتيوب" أكثر من خمسة آلاف مشترك.

وسبق لأغدم أن اتهمت شركة "يوتيوب" والمشرفين على المحتوى الإيراني في خدمة مشاركة مقاطع الفيديو بممارسة التمييز ضدها بعدما حذف مقاطعها. وأظهرت لقطات فيديو منشورة على قناة أغدم في "يوتيوب" قبل مقتلها الثلاثاء، الناشطة وهي تشكو من أن الموقع فرض قيوداً على قنواتها كي يمنعها من الحصول على مشاهدات. كما اقتبست أغدم عبارات لأدولف هتلر، قال فيها "اجعل الكذبة كببيرة، اجعلها بسيطة، وواصل قولها وفي نهاية الأمر سيصدقونها"، وأضافت "لا توجد فرص متكافئة للنمو في يوتيوب أو أي موقع آخر لمشاركة مقاطع الفيديو. ستكبر قناتك إذا أرادوا لها ذلك".

وفي تصريحات لوسائل الإعلام الأميركية، قال والد أغدم، إنها كانت غاضبة لأن "يوتيوب" توقف عن الدفع لها مقابل فيديوهاتها. ويمكن لصانعي مقاطع الفيديو في "يوتيوب" الحصول على المال من الدعاية المرافقة لمقاطع الفيديو، ولكن يمكن للشركة أن "تجعل القنوات بلا مقابل مادي" لعدد من الأسباب، وتبعد عنها الدعاية والإعلان، ولم يتضح بعد إذا كان هذا ما حدث مع مقاطع أغدم. علماً أن "يوتيوب" أنهى حسابها بعد الهجوم، كما تم إلغاء حساباتها في "فايسبوك" و"انستغرام".

والحال أن ردة فعل أغدم المتطرفة والعنيفة تستدعي التوقف عند ما قد يقود إليه الهوس في استخدام مواقع التواصل وتأثيرات الأخيرة على العديد من النواحي لدى مستخدميها، على ما ترى صحيفة "الغارديان"، حيث نقلت عن مدير مركز أبحاث الطب والتكنولوجيا في جامعة بيتسبيرج، بريان بريماكس، قوله "نفترض أن وسائل التواصل هي عالم اجتماعي، وعندما تنخرط في هذا الوسط، ستشعر بمزيد من التواصل مع الآخرين، إلا أن الحقيقة والأرقام تشير إلى عكس ذلك". وأشار بريماكس إلى دراسة شارك فيها، وجدت أن الأشخاص الذين قضوا أكثر من ساعتين في اليوم في استخدام مواقع التواصل، كانوا عرضة للاحساس بالعزلة أكثر من الأشخاص الذين قضوا أقل من نصف ساعة في اليوم، ما يعكس الحاجة البشرية إلى الترابط في العالم الحقيقي وليس الافتراضي.

ولفترة من الوقت، قامت أغدم بحملات من أجل حقوق الحيوانات بالتعاون أشخاص آخرين. وحضرت عدة مظاهرات قبل حوالي تسع سنوات، ثم فجأة غيرت رقم هاتفها وغابت عن الأنظار. ويبدو أن المرأة الشابة التي سطع نجمها في مواقع التواصل، حيث كانت تقدم نفسها كبطلة، لم تكن سوى شخصية هشّة ومضطربة، حصلت على بندقية ونزلت إلى الأرض للانتقام من عالمٍ افتراضي وراء الشاشة، كما تختم "الغادريان" تقريرها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها