الجمعة 2018/03/09

آخر تحديث: 15:50 (بيروت)

البرادعي.. مجرد مغرّد

الجمعة 2018/03/09
البرادعي.. مجرد مغرّد
من محرّك لثورة يناير ومؤثّر في شبابها.. إلى محط سخرية وغضب
increase حجم الخط decrease
كتب الدكتور محمد البرادعي تغريدة على حسابه في "تويتر" تعليقاً على قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب بزيارة القدس قائلاً: "أعلن ترامب أنه قد يزور القدس في مايو (ايار) لافتتاح السفارة الأميركية. هل هناك عاقل لا يعلم أن هذا جزء من تصفية القضية الفلسطينية؟ هل هناك عاقل لا يعلم كذلك أننا أصبحنا كعرب جثة هامدة؟ وأخيراً هل هناك عاقل ينتظر أي رد فعل سوي الصراخ والعويل أو الحديث الأجوف عن خزعبلات صفقة القرن؟"

وأضاف في تغريدة تالية "الواجب أن يقوم العرب والمسلمون بزيارة القدس بأكبر أعداد ممكنة لتأكيد هويتها العربية ومكانتها الإسلامية والتضامن مع أهلها ولنظهر للعالم بأسلوب عملي ماذا تعنى بالنسبة لنا؟ هل من الممكن ولو مرة أن نفكر خارج الصندوق؟". 

وهي التغريدات التي لم تلق تفاعلا يليق بما تطرحه من قضية مهمة، ربما لأن السبب وراءها هو كاتبها الدكتور محمد البرادعي.

يعرف القاصي والداني في مصر من هو الدكتور البرادعي، يعرف الجميع يقيناً كيف أن ورود اسمه في الحياة السياسية في مصر، قبل ثورة يناير بخمس سنوات، كان من أسبابها وتحركها ونشاط شبابها نحو التغيير، إضافة إلى الاتهامات التي كيلت له بالجملة.

كل ما سبق من التاريخ القريب معلوم للجميع بالضرورة، لكن محمد البرادعي، بعدما استقال من منصب نائب رئيس الجمهورية في 2013 بعد مذبحة رابعة، صار له حضور سياسي مختلف تماماً. لم يختف البرادعي عن الساحة السياسية 100% كما أنه لم يلوث نفسه بتفاصيلها ومشاكلها ومذابحها التالية. اكتفى بالتعليق عبر حسابه في موقع "تويتر" على ما يحدث، وهو ما جلب له الكثير من السخرية والكثير الكثير من الغضب والسخط.

تحول إذن البرادعي مع الوقت من فاعل واسم هو الأقوى في التغيير السياسي المصري، إلى مجرد حساب افتراضي يكتب تغريدات من حين لآخر ليعلق على قضية ما. في البداية تفاعل متابعوه مع ما يكتبه باعتباره مازال هو البرادعي القريب من دوائر التغيير المصرية، القادر على تحريك قطاعات كبيرة تجاه قضية ما. وشيئا فشيئاً، اكتشف أخلص أنصاره وأعلاهم صوتاً في الدفاع عنه أمام تيارات السخرية والغضب، أن البرادعي لن يتجاوز في تأثيره التغريدة، ويبدو أنه إختفى من السياسة المصرية تماماً باستثناء التمثيل الافتراضي المشرف من حين لآخر.

لم يترك البرادعي مصر بعد استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية فحسب، بل ترك كل ما يخصها، إلا في جمل بلاغية ركيكة، مثل التغريدة التي كتبها بعد التعديل الوزاري في 2015 "حزين عليكي يا بلدي" التي جلبت له الكثير من السخرية، إذ ترك المغردون الواقع السياسي المنحط وهاجموا البرادعي. ربما لأنهم يعلمون جيداً أن تغريدته ليست أكثر من تعليق عابر سرعان ما سينساه هو نفسه، ولأنه يذكرهم قبلاً أنه كان في وسطهم وتركهم وهرب إلى أوروبا، هم الذين بقوا وهو "نفد بجلده". يذكرهم البرادعي بحجم هزيمتهم، يذكرهم بالمسافة بين ما كان في 2011، وما بعدها.

كل الرهانات الخاسرة التي أدت للثورة إلى مآلها الأخير لا رمز لها إلا الدكتور محمد البرادعي، هو استطاع أن يخرج من دون خسائر كارثيةن على عكس ما مُنِي به الكثير من شبابها. لذلك، عندما يكتب عن مسألة حيوية وفارقة مثل زيارة ترامب إلى القدس، فإن تأثيره لا يتجاوز ما تنجزه التغطيات في الصحف والمواقع الإخبارية.. وربما أقل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها