الأحد 2018/02/11

آخر تحديث: 09:06 (بيروت)

لجنة الدراما المصرية: وأد آخر مساحة للتحرك

الأحد 2018/02/11
لجنة الدراما المصرية: وأد آخر مساحة للتحرك
عادل امامافتتح الهجوم على رئيس اللجنة بقوله: مش عايزين لجان فاشية
increase حجم الخط decrease
يبدو غريباً للغاية شكل "الفزع" الذي يصيب مجموعات من صناعة الإعلام وما حولها بعد قوانين مقيّدة جديدة، وكأنهم بالفعل لا يعرفون أو يتعامون حدّ النسيان عن المسار الخطابي للنظام المصري الحالي. كما يحدث حالياً في الضجة الجديدة بين صناع الدراما والمجلس الأعلى للإعلام.

شكل مكرم محمد أحمد رئيس المجلس في بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي لجنة يرأسها مخرج يشبه مكرم كثيراً في عداوته للثورة، ويماثله في إخراجه من ثلاجة النسيان، وفي انتمائه الصلب للدولة، هو المخرج الناصري محمد فاضل.

وبدأ فاضل يضع الخطوط العامة للجنته، لتمييزها عن الجهات الرقابية الرسمية على المصنفات الفنية، ولتمييزها أيضاً عن نقابة المهن التمثيلية، فكان كلامه تأكيداً لسلطة اللجنة بما هو أعلى من الجهتين السابق ذكرهما، فصرح فاضل: "المسلسلات بعيدة عن المعارك التي تدور في مصر سواء مكافحة الإرهاب أو تنمية اقتصادية أو تطوير وتغيير داخل المجتمع". وقال: "هناك جزء من المؤامرة داخل إنتاج الدراما التلفزيونية في السنوات الأخيرة". ورأى "إنه مع فوضى عامي 2011 و2012 تخلت الدولة تماما عن الإنتاج ولا زالت حتى اليوم".

واعتبر ان انحراف مجمل الأعمال الدرامية عن الأهداف الفنية والإنسانية والوطنية انحراف متعمد مقصود به أولا هدم دولة القانون، حيث كل بطل يمكنه الحصول على حقه بيديه، ثانيا هدم الأسرة حيث أصبحت الأم للسخرية والشتم والسب بأقذع السباب تقريبا في معظم المسلسلات، وثالثا استخدام الألفاظ السوقية والتصرفات السوقية، كل ذلك يستهدف هدم كيان المجتمع، لأن الدراما التلفزيونية هي الوجبة الرئيسية اليومية للمواطن المصري".  

بيان محمد فاضل وتصوراته عن عمل لجنته، يؤكد على عداوة الثورة وما تبعها بشكل واضح. ثم بكل حمولته الناصرية التي عبر عنها مراراً من فيلم "ناصر 56" وحتى مسلسلات مغازلة الأخلاق مع أسامة أنور عكاشة، بكل هذا الميراث وهذه الحمولة يريد فاضل أن يعيد الدولة إلى اليوتوبيا الناصرية، التي توافق تصورات النظام تماماً.

بالطبع أثارت تصريحاته لغطاً كبيراً، كانت شرارة ردة الفعل عندما خرج عادل إمام نفسه في مداخلة هاتفية عبر برنامج العاشرة مساء ليقول إن هذا كلام فارغ ولا وصاية على الفن إلا الفن نفسه، بل كان أكثر حدة وقال "مش عايزين لجان فاشية". فانطلق الوسط الفني في الغضب والرفض. بدورها، لجنة الإبداع أصدرت بياناً رقيقاً رفضت فيه الوصاية وفي الوقت نفسه طالبت فاضل بالعودة إلى صفوفها. وتوالت التصريحات الغاضبة.

هذا التطور، استدعى تدخل مكرم محمد أحمد شخصيا، ليعتذر من عادل إمام، ويفصل له طريقة عمل اللجنة قائلاً "إن تدخل الدولة في عملية الإنتاج السينمائي من خلال طرح رؤية معينة وفكر يتم توجيهه ليس له أساس من الصحة، ولكن المجلس الأعلى ولجنة الدراما المنبثقة منه تتحدث في إطار المعايير الأخلاقية والمهنية للسينما المصرية". 

لم يقل مكرم كلاما جديدا، بل هو تنويعة على ما قاله فاضل. في آخر نصف متر من "الحرية" استطاعت الدراما أن تقدم أعمالا متنوعة وقادرة على اللعب في المساحة الصغيرة الممكنة للحركة، لكن الدولة واعية لها تماماً، وقررت أن تشكل لها لجنة خاصة، لتعيدها إلى المسار الذي انتهجه الإعلام، حيث كل الخطابات منضبطة وعلى هوى النظام، حتى وإن كانت النتيجة تقديم إعلام باهت مكرر فاقد حتى لمعايير "الإمتاع" كما يجب. سوف تتحول المسلسلات هي الأخرى إلى نسخ متفائلة مكررة باهتة غير ممتعة على الإطلاق، وكلفة هذا التحول باهظة للغاية، وسوف ينصرف المشاهد عن الدراما كما انصرف عن البرامج والشاشات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها