الإثنين 2018/01/01

آخر تحديث: 11:16 (بيروت)

#سوتشي_مؤتمر_الخيانة: نحن ثورة ولسنا معارضة

الإثنين 2018/01/01
#سوتشي_مؤتمر_الخيانة: نحن ثورة ولسنا معارضة
تماماً كما الأسد، بوتين مجرم حرم ويجب أن يُحاسب
increase حجم الخط decrease
ربما كان هاشتاغ #سوتشي_مؤتمر_الخيانة واحداً من أكثر الهاشتاغات رواجاً بين السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي طوال العام 2017، إلا أن الغضب الذي عبّر عنه المعلقون السوريون منذ مطلع الأسبوع الماضي ليس مفاجئاً، بقدر ما هو طبيعي كنتيجة تراكمية لإخفاق الثورة السورية في الوصول لأهدافها، والتي مهما كانت نبيلة ومحقة، باتت فجأة في الخطابات الدبلوماسية الدولية والإقليمية غير واقعية، بعد التطورات الحاصلة خلال العام الماضي لصالح نظام الأسد سياسياً وعسكرياً.


والحملة التي أطلقها ناشطون سوريون لرفض مؤتمر "سوتشي" الذي ترعاه روسيا والمقرر عقده نهاية الشهر الجاري، بدعوة ما يزيد عن 1500 سوري، ليست جديدة، بل كانت مشهداً متكرراً طوال العام 2017، وربما كانت تلك الحملات أبرز ما ميز نشاط السوريين خلال العام في المجمل، والتي رغم كونها مجرد حملات افتراضية غير مؤثرة للأسف، تبرز الخيبة التي يعيشها المعارضون للنظام مع حقيقة انتهاء الثورة السورية على الأرض، وضرورة الحفاظ على الموقف المعارض من أجل إحياء ثورة مستقبلية.

ويظهر الهاشتاغ الذي يهاجم المشاركين فيه من جميع الأطراف والانتماءات السياسية، ضمن المعارضة تحديداً، فجوة واسعة تتوسع منذ سنوات بين قادة الثورة السورية سياسياً والسوريين المعارضين على مستوى المدنيين والناشطين، والتي كانت تظهر في السابق بصورة الحملات الداعمة للمعارضة وانتقاد تفرقها والدعوات لتوحدها بدلاً من طبيعتها المشتتة كأحد الأسباب التي أعطت النظام السوري الوقت الكافي كي يستعيد سيطرته على البلاد عسكرياً بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين.

ومن اللافت أن عبارة "نحن ثورة ولسنا معارضة" ما زالت تتكرر في "تويتر" للأسبوع الثاني على التوالي، في امتداد لأسئلة السوريين الوجودية طوال العام إن كانت الثورة قد انتهت أم لا، وإن كان السؤال وجوابه يعكسان أزمة هوية إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة موت "الروح الثورية" أو نهاية "الحس المعارض"، بل هو مجرد فصل لغوي بين الناشطين والمعارضين المدنيين وبين قادة المعارضة السياسية بوصفها الملامة على فشل ثورة الشعب السوري، والتي سيكون إعلان نهايتها رسمياً في "سوتشي"، لتبقى الثورة حية ودافعاً للقسم الأول مقابل "خيانة" الطرف الثاني، بانتظار الفرصة التالية المواتية لإحياء الثورة من جديد، سواء حصلت انعطافة مفاجئة في مسار الحرب السورية الفوضوية، أو في ثورة ثانية لا تكرر أخطاء الثورة الأولى التي أعطت أملاً ضئيلاً بمستقبل أفضل لسوريا في يوم من الأيام.

يتجلى ذلك في تعبير الناشطين عن غضبهم لمشاركة معارضين في المؤتمر، ورفضهم للمؤتمر ونتائجه التي تصب في صالح رئيس النظام السوري بشار الأسد، مطالبين بمحاسبة كل من يشارك في مؤتمر "سوتشي" من الشخصيات والفصائل المحسوبة على الثورة السورية، كما جددوا دعوتهم للفصائل والقوى الثورية بالتوحد للرد على "سوتشي"، بموازاة مقارنتهم بين مؤتمري "جنيف" الذي ترعاه الأمم المتحدة وبين "سوتشي" الذي ترعاه روسيا التي تشكل أبرز حلفاء النظام السوري والسبب الأساسي في تحول مسار الحرب السورية لصالحه، إلى حد فرض بقاء الأسد نفسه في السلطة كشرط لحضور المؤتمر، وهو ما عبر عنه المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، في وقت سابق، بالقول أن مؤتمر "سوتشي" لامكان فيه للمطالبين برحيل بشار الأسد.

والحال أن الزخم العاطفي العام الرافض لأي حلول سياسية تبقي الأسد في السلطة ولا تحدث تغييراً حقيقياً في البلاد، ينطلق من موقف أخلاقي بالدرجة الأولى لكون الأسد مسؤولاً عن مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين واعتقال عدد لا يحصى من السوريين، لكن الموقف نفسه لا يتطور نحو خطاب سياسي يلامس المشكلة الحقيقية في أي مؤتمر مثل "سوتشي" أو غيره، لأنه لا يوجد من يقدم ذلك الخطاب أصلاً في صفوف قادة المعارضة، المتوجهين إلى "سوتشي" أو الرافضين له عموماً.

ومن دون بذل جهود حقيقية تأخذ آراء المعارضين بعين الاعتبار فإن المظالم التاريخية وجذور الصراع الأساسية التي أدت للثورة ثم للحرب والفوضى، ستبقى موجودة، ما يحول البلاد إلى قنبلة موقوتة تنتظر الظرف المواتي للانفجار، بصورة تمرد أو ثورة شعبية جديدة يقوم بها جيل سوري جديد أو أعمال إرهابية أو إعادة انبثاق للتنظيمات الجهادية. فيما ستحيا البلاد في ظل ذلك، حالة من التوتر الدائم بشكل مشابه للحالة اللبنانية المتوترة منذ نهاية الحرب الأهلية.

بموازاة ذلك كله تبرز معضلة أخرى، فقبل أشهر قليلة كان خطاب المعارضة السياسية والشعبية على حد سواء يقوم على تخوين الفئات الأخرى في صراع على مفهوم الشرعية والأحقية في تمثيل الشعب السوري، بشكل يؤكد السردية الروسية التي تنفي حتماً صفة الثورة ضد النظام الدكتاتوري وتسطح كل ما جرى في البلاد بأنه مجرد حرب أهلية على السلطة بين فئات متناحرة، لكن ذلك تطور بسرعة نحو خطاب يقوم على تخوين جميع فئات المعارضة السياسية لخذلانها الشعب السوري والثورة السورية.

ويحمل التحول السابق معنيين متناقضين ومتلازمين في وقت واحد، الأول إنكار للواقع السياسي والعسكري الحالي والثاني اعتراف بأن الثورة السورية باتت تذوي عن الوجود شيئاً فشيئاً، وهو أمر مؤسف لأن تلك الثورة كانت فرصة تاريخية أعطت السوريين كثيراً من الأمل بإمكانية خلق بمستقبل ديموقراطي أفضل يتخلصون فيه من عقود الدكتاتورية والقمع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها