الأربعاء 2017/09/06

آخر تحديث: 16:13 (بيروت)

مصر وكأس العالم: يا نتأهل.. يا متلحقوناش!

الأربعاء 2017/09/06
مصر وكأس العالم: يا نتأهل.. يا متلحقوناش!
للخيبة أيضاً إعلانات
increase حجم الخط decrease
لاحت فرص الصعود إلى كأس العالم بالنسبة للمنتخب المصري، في واحدة من فرصه الأقرب إلى نيلها أخيراً بعد 27 عاماً، لتنفجر في الشوارع المصرية كل الخبرات السيئة في الخسارة باللحظات الأخيرة، و"النحس" الذي يلازم المنتخب والاقتراب والتمني ومن ثم ضياع الحلم بالصعود.
هذه الأجواء الصاخبة المترقبة والمتحفزة أيضاً في الشوارع، أسالت لعاب الشركات الكبرى لإطلاق حملات إعلانية تلعب على مشاعر الشعب المصري الذي يتمنّى الصعود، وهذا الاستغلال التجاري مفهوم، خصوصاً أن كرة القدم الآن هي الموضوع الوحيد الآمن في المجال العام، وهو الفكرة الوحيدة التي "تسمح" بالتجمعات الضخمة دون أن يكون هنالك "قلقاً" من قبل الدولة وأجهزتها الأمنية على تداعياتها في الشارع.

فكرت الشركات الكبيرة في مصر في استغلال هذه الروح، وبدأت الحملات الإعلانية تتوالى الواحدة تلو الأخرى، بدأتها شركة فودافون، بتدشين هاشتاغ #ماتقاطعش ومنه إعلانها الذي جمع عدداً من نجوم التمثيل والكرة، ليسردوا كل لحظات "النحس" التي عاشها المنتخب المصري والتي أدت به إلى عدم التأهل إلى كأس العالم. 

فكرة الحملة تحثّ الناس على عدم التحدث بالكرة، حتى لا ترتفع الآمال ومن ثم تكون الخسارة وعدم التأهل. هي فكرة "ِشعبوية" بالطبع ولاقت تفاعلاً جماهيرياً كبيراً في أيامها الأولى، لكنها أثارت غضب قطاعات كبيرة رأت أن "عدم الحديث في الكرة" هو خرس دائم، حيث إن الرياضة هي الموضوع المفضل والمحبب للكلام بين المصريين، ولعله الآن الشيء الوحيد الباقي متاحاً، فكيف تقوم الحملة على "إفيه سمج" بغرض اللعب على القناعات الميتافيزيقية عند الناس؟


وقبل أن يستشري النقاش حول حملة فودافون، بادرت شركة أورانج بحملتها الإعلانية منافسة فودافون في تشجيع المنتخب، بدأتها بهاتشاغ #يانتأهل_ياماتلحقوناش أي أدركونا قبل أن نموت وتأهلوا.
قامت فكرة الإعلان على مجموعة من المسنين يعددون أمراضهم ورغبتهم "الأخيرة" في تأهل مصر إلى كأس العالم قبل الموت. الإعلان قاتم للغاية رغم محاولته أن يكون مضحكاً وطريفاً، إلا أن استغلال العجائز بهذه الطريقة كانت مهينة ومستفزة إلى أقصى درجة.


ورغم حصد الإعلان مليوني مشاهدة في أقل من 48 ساعة، إلا أنه أثار حفيظة الكثيرين ما جعل جهاز حماية المستهلك يطالب شركة أورانج بحذف أجزاء كبيرة من الإعلان خاصة الأجزاء التي يعدد فيها المسنين أمراضهم "دون مراعاة مشاعر كبار السن أو الذوق العام بالمخالفة للمواصفة القياسية لاشتراطات الإعلان"، وقد تعهدت الشركة بالحذف الفوري لكافة العبارات المسيئة التي تخالف الذوق العام من أسماء الأمراض فوراً مع مراجعة الإعلان خلال 24 ساعة لحذف الباقي نظراً لضيق الوقت وجاري متابعة التنفيذ من خلال تكليف المرصد الإعلامي لمتابعة ورصد الإعلان على القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي للتأكد من بث النسخة المعدلة وحذف كافة العبارات التي تخالف الأخلاقيات الخاصة بالمجتمع.

حملات شركات الاتصالات الكبيرة، جَانَبَها الاحتراف والصواب. أولاً بالنسبة إلى الفكرة من وجود مادة إعلانية بالأساس هو ربط المنتج المعنيّ بتسويقه بذهن المستهلك وهو ما لم يحدث في الحملتين، والثانية هي محاولة صنع منتج طريف ليبقى عالقاً بالذهن كما في الكثير من أغاني وعبارات الإعلانات التي صارت جزءاً من الذاكرة الجمعية المصرية، لكن لا نكتة فودافون ولا أغنية أورانج يمكن أن تبقى بالذاكرة، مع هذا القدر الهائل من التجاوز والسماجة وعدم مراعاة بداهات الترويج التجاري، وفيما يبدو أن الشركات العالمية تأتي إلى مصر فيتحجم خيالها التسويقي!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها