الإثنين 2017/07/10

آخر تحديث: 18:31 (بيروت)

مقتل كرار نوشي: بعد "داعش".. مستقبل مظلم للعراق؟

الإثنين 2017/07/10
مقتل كرار نوشي: بعد "داعش".. مستقبل مظلم للعراق؟
increase حجم الخط decrease
ألقت جريمة مقتل الممثل العراقي كرار نوشي، الضوء على الحالة الكارثية في العراق، رغم انتهاء العمليات العسكرية تقريباً ضد تنظيم "داعش" الذي انحسر نفوذه بشكل شبه كامل عن عاصمته الموصل شمال البلاد. فبعد مرور أسبوع كامل على الجريمة، مازال الجدل حولها مستمراً، بشكل محادثات إعلامية وعبر السوشيال ميديا عن مستقبل البلاد التي تمزقها الحروب وتنتشر فيها الميليشيات الطائفية، السنية والشيعية، فضلاً عن التنظيمات التكفيرية التي لا يمكن إزالتها بشكل كامل مهما كانت الجهود لذلك قوية.


وفيما كان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يزور الموصل الأحد، من أجل تهنئة القوات العسكرية على نهاية الحملة الدموية ضد "داعش" والمستمرة منذ تسعة أشهر، كانت عائلة نوشي تتحدث إلى الإعلام المحلي في العاصمة بغداد وتطالب بإيجاد القاتل ومحاسبته: "ابني.. من قتله؟ ليس لديه أية عداوات.. اسألوا جيراننا"، تقول والدة نوشي بغضب وحزن، بينما حملت منظمات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية المسؤولية الكاملة لصمتها وعدم قيامها بواجباتها إزاء تفشي حالات الخطف والقتل في بغداد والمدن العراقية الأخرى من قبل "ميليشيات معروفة".

التناقض السابق يلخص حالة العراق اليوم، فالواقع يقول أن الجيش العراقي المدعوم بميليشيات شيعية وقوات أميركية استطاع الانتصار فعلاً على تنظيم "داعش" التكفيري، لكن هناك عدة مشاكل تجعل من ذلك الانتصار، فالتنظيم مازال يتحصن في بضعة أحياء ضمن الموصل ما يعني استمراره في حرب عصابات لعدة أسابيع قادمة، كما أن قوات الأمن مازالت تواجه أخطاراً كثيرة في المدينة، بما في ذلك الخلايا النائمة للتنظيم التكفيري هناك والانتحاريين والألغام، فضلاً عن أن نهاية تنظيم "داعش" في الموصل لا تعني تحقيق السلام، إذ لا تزال مدن وبلدات أخرى في العراق تحت سيطرة التنظيم، في وقت يتوقع فيه العراقيون زيادة الهجمات الإرهابية في المراكز الحضرية، وخاصة في العاصمة بغداد، حيث تعود الجماعة إلى جذورها المتمردة هناك، من دون الحديث عن الميليشيات الشيعية التي باتت ذات نفوذ كبير في البلاد أيضاً.

وكانت الأجهزة الأمنية المحلية، عثرت الاثنين الماضي على جثة نوشي، في احدى ساحات منطقة شارع فلسطين، شرقي بغداد، وعليها طعنات واضحة في أماكن مختلفة من جسده مع أثار تعذيب، بعد يومين من اختطافه بسبب شائعات روجتها إحدى صفحات "فايسبوك"، فيما قالت مصادر أمنية عراقية حينها أنه تم تشويه وجه الضحية بالسكين وكسر ذراعيه قبل قتله.

المشكلة بدأت عندما نشرت صفحات راديكالية عبر مواقع التواصل صوراً لنوشي مع عبارات ساخرة منه تقول: "هذا ملك جمال العراق" في إشارة إلى شعره الذهبي الطويل وعينيه الزرقاوين البعيدة عن الملامح العراقية، التي يغلب عليها سواد العينيين والشعر الأسود والبني، مع تلميحات إلى ميوله الجنسية أيضاً. ورغم أن نوشي نفى ترشحه لأي مسابقة خاصة بالجمال، معتبراً الجمال "هو كل شاب عراقي على ساتر القتال للقضاء على تنظيم  داعش" حسب تعبيره عبر منشور له في "فايسبوك، إلا أن ذلك لم يشفع له كثيراً، خاصة أنه أرفق المنشور السابق بحديثه عن اعتزازه بحريته الشخصية ومظهره الخارجي.

يذكر أن نوشي ينحدر من منطقة الحسينية، وهي واحدة من أفقر أحياء بغداد، وهو من مواليد العام 1989، وكان طالباً في معهد الفنون الجميلة، وممثلاً مسرحياً، عرف بشعره الطويل وبمظهره وأزيائه الغريبة أكثر من قدراته التمثيلية التي لم يفسح لها المجال للظهور كثيراً بعد.

وبعد مقتله أكدت عائلته وأصدقاؤه لوسائل إعلام عراقية أنه "تعرض إلى كم هائل من التهديدات وحملة ظالمة لتشويه سمعته من قبل الميليشيات المسلحة وفصائل إسلامية سياسية، بسبب تسريحة شعره التي اعتبرتها القوى المتطرفة، مخالفة لتعاليم الشريعة الإسلامية". فيما أضاف صديق مقرب له أن وسائل التواصل لفتت أنظار الجماعات المسلحة ذات التوجه الديني المتشدد تجاه الحريات العامة نحو نوشي لتقوم باختطافه وقتله.

إلى ذلك، يوجد إجماع عبر مواقع التواصل العراقية، بأن المسؤول عن الجريمة البشعة هي ميليشيا "عصائب أهل الحق" الشيعية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني والتي تنشط في العاصمة بغداد باستخدام سيارات وملابس الأجهزة الأمنية العراقية بداعي أنها ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، علماً أنها اتهمت مؤخراً باختطاف سبعة ناشطين مدنيين من الباب الشرقي وسط بغداد، وهي نفس المنطقة التي اختطف منها نوشي، وذلك بعد انتقاد هؤلاء الناشطين لسلوك زعيم العصائب قيس الخزعلي، ليتم إطلاق سراحهم فيما بعد، بجهود من وزارة الداخلية، كما اصطدمت المليشيا مؤخراً بالقوات الأمنية في شارع فلسطين، ما أدى إلى سقوط قتيل في المواجهات.

وهذه ليست الجريمة الوحيدة التي شهدها العراق لأسباب تتعلق بالحرية الفردية، إذ تتكرر حوادث قتل الشباب بسبب قصات شعرهم وأسلوب حياتهم أو ميولهم الجنسية على يد جماعات شيعية متشددة، يساندها في ذلك خطاب ديني يحرض على الأفكار العلمانية والليبرالية والديموقراطية على حد سواء، وذلك منذ العام 2003 إثر الغزو الأميركي للعراق وسقوط نظام الدكتاتور السابق صدام حسين. وتشير تقارير لمنظمات حقوقية ومدنية إلى مقتل 680 شخصاً بين العامين 2004 و2009 لأسباب تتعلق بالحريات الشخصية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها