الثلاثاء 2017/06/06

آخر تحديث: 14:24 (بيروت)

محمد إسكندر الذي أكل من خبز الأسد..

الثلاثاء 2017/06/06
محمد إسكندر الذي أكل من خبز الأسد..
أغنية شخصية، تعبّر عن مغنًّ أراد أن يشكر النظام على تربية "لحم أكتافه"
increase حجم الخط decrease
بالصوت، لا تحتمل أغنية محمد إسكندر الجديدة "يا سوريا لا تخافي" أي تأويل سياسي.. وبالصورة، تقول إنّ المغني اللبناني الذي يأكل من خبز النظام السوري، يضرب بسيفه، ويتغنّى بأمجاده، ويقدم له ما أحجم عنه فنانون سوريون منذ ثلاث سنوات على الأقل من ترحيب وتبجيل.. وانبطاح.


قد لا يكون الثناء على النظام السوري، وصولاً الى انتاج أغنية وكليب كـ"رد جميل لسوريا القومية العربية التي قدّمت الكثير للبنان والعالم العربي"، جديداً على مغنين وفنانين لبنانيين يؤيدون النظام السوري ظالماً أو مظلوماً.. لكن الجديد أن مغنياً لبنانياً، يقرّ علناً بأنه يأكل من خبز السلطان. يقول في الكوبليه الأول في الاغنية: "انا أصلا لحم كتافي من خيرك يا سوريا"، وهو اعتراف لا يستدعي أي ادانة، رغم أنه يستدرج الاتهام له بالانسحاق أمام نظام أسفرت حربه على معارضيه عن مقتل ما يزيد عن 300 ألف سوري، وما يوازيهم من المعتقلين في السجون الممتدة على مساحة البلاد.


إسكندر، قد يكون الصادق الوحيد بين جوقة المطبلين للنظام السوري، الذين لا يعترفون بأنهم مرتشون، واختاروا الدفاع عن النظام، لأنهم، في الاغلب، منتفعون وانتهازيون، ولو برروا مواقفهم المؤيدة بكليشيهات مرتبطة بالقومية والعروبة والحرب على الإرهاب...

كان يمكن أن تُسحب تلك المقاربة من سياقها، لو بقيت الاغنية من دون فيديو كليب، ذلك أنّ المُفضِل على الفنانين اللبنانيين، هو الشعب السوري الذي ساهم في انتشارهم، وكان لهم منفذاً في سنين الحرب اللبنانية، وما تلاها من سنوات عجاف، حيث وجدوا في الشعب السوري مؤيداً ومنقذاً ومشجعاً وداعماً ومستلذاً بالغناء والطرب اللبناني.

غير أن انتاج الفيديو الكليب، الذي يتضمن مقاطع بصرية من عمليات عسكرية للقوات النظامية السورية، وتدريباتها، الى جانب صور سياحية انتزعت من أرشيف ما قبل الحرب السورية، يحيله الى مضمون دعائي للسلطة، وانتزاع الفضل بنمو "لحم الاكتاف" من الشعب ومنحه للنظام.

خلال العقود الماضية، أنتج الكثير من المغنين اللبنانيين أغنيات موجهة لدول عربية. تمت تأديتها من باب "الترحيب اللبناني بالاخوة العرب"، وفتح باب الانتشار على العالم العربي، بخطاب حب وتقارب. ولم تكن تلك الأغنيات إشكالية، بالنظر الى أن البلدان التي وجهت اليها الأغنيات، كانت تشهد استقراراً داخلياً وعلاقات طيبة مع لبنان.

ذلك المحتوى، يختلف عن محتوى أغنية إسكندر التي تأتي في لحظة انقسام سوري – سوري، وانقسام عربي ولبناني أيضاً حول النظام السوري. قد تكون من وجهة نظر المؤيدين للنظام، أغنية "رد جميل"، لكنها من وجهة النظر المُقابلة، هي انحياز للنظام، مما يخرجها من سياقها، مهما كان المبرر له. وبالطبع، لا يمكن أن يُؤخذ على محمل عدم الانحياز لطرف في الحرب، وهو ما يضع إسكندر في خانة التهافت لتلميع صورة النظام، بوصفه حامياً لجمال سوريا!

بهذا المعنى، واستباقاً لأي تاويل بأن الاغنية تعبر عن الشعب اللبناني، كما يطمح إسكندر لتصوير الامر، هي أغنية شخصية، تعبر عن مغنًّ أراد أن يشكر النظام على تربية "لحم أكتافه".. بوضاعة المنتفعين!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها