الإثنين 2017/06/26

آخر تحديث: 14:56 (بيروت)

خلصانة بشياكة: انعدام الوزن الكوميدي

الإثنين 2017/06/26
خلصانة بشياكة: انعدام الوزن الكوميدي
أداء ابطال المسلسل يوازي ما قدمه أبطاله من انعدام الوزن الكوميدي
increase حجم الخط decrease
لا يُعتبر أحمد مكي مجرد نجم كوميدي عابر في تجربة عابرة، بقدر ما يمثل اتجاهاً جديداً للكوميديا في مصر، استطاع استثمار مساحة جديدة في اللغة والبناء الفانتازي، ما أعطاه حرية في التحرك عبر الكتابة المحكمة قبل الإفيه، فتحولت عبارات عديدة في أفلامه الثلاثة الأولى: "إتش دبور" و"طير انت" و"لا تراجع ولا استسلام" إلى جزء من نسيج الوعي العام. 
وقدم أحمد مكي هذا العام مسلسل "خلصانة بشياكة". لكنه في الواقع خالف التوقعات بأنه عندما يجتمع أحمد مكي وهشام ماجد وشيكو، فالنتيجة المتوقعة هي كوميديا مبنية بذكاء والذهاب إلى ما هو أبعد من التجارب السابقة، ومفاجأة المشاهد بما لا يتوقعه، وهي الكوميديا في واحدة من نقاط قوتها المفاجأة واللعب على غير المتوقع. 

البداية كانت تبشر بعمل قوي مسبوك جيداً، حيث يبدأ المسلسل بحكاية كيف بدأت نهاية العالم، أي بشجار بين زوجين مصريين تطور إلى أن صار حرب إبادة أنهت الحياة البشرية على الكرة الأرضية باستثناء مصر، بسبب تخبط التوقيت الصيفي، لكن البقية الباقية من البشر على الكوكب، في مصر تحديدا، مازالت مستمرة في حربها. فجيش الرجال يقوده سلطان (أحمد مكي) ونوح (هشام ماجد)، وجيش النساء تقوده كرمة (دينا الشربيني) ومحبوب (شيكو).

ثيمات في الحلقة الأولى كانت مبشرة للغاية، وتنبئ بكوميديا وحكاية ذكية، خصوصاً أن التنويع على ثيمة "البوست أبوكاليبس" يأتي في وقت هوس الدراما والسينما الأميركية بهذه الثيمة، وتقديم سلاسل أفلام تلعب عليها حققت نجاحاً تجارياً ضخماً.

غير أن المتابعة كانت محبطة للغاية. فرغم أن الفكرة طازجة، إلا أن ما ملأ بناء السيناريو لم يكن أكثر من كليشيهات الإفيهات عن العلاقة بين الرجل والمرأة. إذ لا منظور جديداً ولا مفارقة لافتة ولا التقاط لتفاصيل لم تقدم من قبل. أيضاً، المط والتطويل في مساحات لا دراما ولا حكاية فيها، لملء ساعات البث، حتى بدت الكوميديا مكبلة بالإطالة. انتهى المسلسل من دون شك بالتصالح بين جيشي الرجال والنساء، و"المورال" الأخلاقي التربوي سيُقال بوضوح في النهاية، كما يحدث في الكثير من الأعمال الكوميدية المشابهة، مستكملاً سلسلة الإحباطات.

الاحباط يأتي نتيجة أن الثنائي هشام ماجد وشيكو لما كانا ثلاثياً مع أحمد فهمي، قدموا سينما طازجة، قادرة على الاستمرار في المساحة التي بدأها مكي، أي الفانتازيا كمبرر لخلق الكوميديا. ونجاحهم أيضاً جعل عبارات من أفلامهم تصير جزءاً من اللغة اليومية. ثم حين انتقلا إلى التلفزيون، قدما مسلسل "الرجل العناب" بلعبه الذكي على فكرة "البطل الخارق". ثم انفصل ماجد وشيكو عن فهمي، وقدما للسينما فيلم "حملة فريزر" الذي أثبت أنهما قادران على الاستمرار من دون ثالثهما فهمي، وإكمال لعبة الفانتازيا الكوميدية بالقوة نفسها.

وما استطاع أحمد مكي أن يقدمه في السينما، قدمه تلفزيونياً في مسلسل "الكبير قوي" في مواسمه الأربعة الأولى. بداية التدهور كانت في الجزء الخامس من المسلسل، في رمضان ما قبل الماضي، خصوصاً بعدما فقد ركناً أساسياً في نجاحه السينمائي والتلفزيوني، أي الممثلة دنيا سمير غانم، فما كان منه إلا أن اكتفى بالمواسم الخمسة لـ"الكبير قوي" وتفويت الموسم الرمضاني الماضي، والعودة هذا العام.

أداء مكي وماجد وشيكو في "خلصانة بشياكة" أتى باهتاً للغاية، بسبب محاولات خلق الإفيه المضحك بكثافة، حتى ينجح أحدهم في الإضحاك. أداء أبطال المسلسل يوازي ما قدمه أبطاله من انعدام الوزن الكوميدي. وما يزيد الأمر فداحة هما "أوس أوس" و"ويزو" - بطلا مسرح مصر، وما يمثلانه من كوميديا مهلهلة. ربما لم يوفق شيء في المنتخب مثل الأزياء ومواقع التصوير التي نجحت في نقل حالة الحياة بعد الخراب، أكثر من الكتابة والسيناريو، وهو ما يحسب لمخرج العمل هشام فتحي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها