الثلاثاء 2017/06/20

آخر تحديث: 15:47 (بيروت)

الحدود العراقية–السورية: العسكري والكاميرا.. وطيف الأميركيين

الثلاثاء 2017/06/20
الحدود العراقية–السورية: العسكري والكاميرا.. وطيف الأميركيين
النظام وحيد في صحرائه
increase حجم الخط decrease
لا مجال للمقارنة بين وقع الصورة التي واظب الاعلام الرسمي السوري على نشرها، من معارك عسكرية في العام الماضي، مع صور الوصول الى الحدود العراقية خلال اليومين الأخيرين. فالصورة اليوم ضعيفة، تكاد تخلو من العناصر، إلا السياسية منها التي يريد التلفزيون السوري، أو حلفائه، بثها على شكل رسائل، تفيد بأنهم يتحدون الأميركيين. 



ولا يعود بهتان الصورة إلى ميدانها الجغرافي حيث التقطت، بالنظر إلى ان الطبيعة الصحراوية تعكس الفراغ والرتابة. بل يعود الى غياب العناصر المقابلة. لا عناصر تشويق في الصورة، ولا حركية. يبدو جيش النظام السوري، وحده في الصحراء، يخوض فيها حرباً بلا طرف مقابل، اعتاد المشاهد على رؤيته في كاميرا "الإعلام الحربي" هارباً من المعركة، كما في معارك ريف حلب الجنوبي.

في الصورة، آليات القوات النظامية السورية، وحلفاؤه، تجول وحيدة بلا معارك. تتقدم في الصحراء باتجاه الحدود العراقية، وترفرف الرايات عليها في مدى جغرافي خالٍ، لا ينازعهم عليه أحد. وبالتالي، يصبح "الإنجاز" الذي تحقق، جزءاً من الصورة نفسها، وانعكاساً لها.

لكن غياب العناصر الحيوية في المشهد، يتم تعويضه إخبارياً في رسائل المراسلين. "عبرنا الحدود لإعادة وصل ما كسره داعش قبل ٣ سنوات.. وكسر ما خططت له واشنطن وحلفاؤها لتقسيم سوريا". قالت مديرة مكتب "الميادين" في دمشق ديمة ناصيف، خلال تلاوة رسالتها الإخبارية من المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا. قادت الإنجاز الى مستوى تحدي واشنطن، التي يقيم جنودها على مسافة تقارب العشرين كيلومتراً إلى الجنوب من موقع وصول قوات النظام والحلفاء. 





ولولا هذا التوجيه الدعائي، باتجاه افتعال المواجهة مع واشنطن، لما كان هناك أي أثر لانجاز في منطقة خالية، أهملها النظام السوري على مدى ثلاث سنوات، وأنزلها الى اسفل قائمة أولوياته العسكرية، بوصفها "غير مهمة" و"غير استراتيجية". 

في الواقع، النظام وحيد في الصحراء. لا منافس له ولا عدو ولا صديق. وحده طيف الأميركيين الذين يشاركونه صحراءه، ويقيمون في باديته (التنف)، ويمنعونه من التقدم الى عمقهم الأمني، يلاحقه، ويحفزه على تسجيل "انجاز". وتحول وجود الأميركيين في المنطقة، إلى عنصر غير ملموس، ينقذ الصورة من خوائها المشهدي، ويحيلها إلى مضامين سياسية غير ميدانية.

تكثر رسائل تحدي الأميركيين في التغطية الاعلامية، رغم أنه تغيب أي دلالات لها في الصورة. عوضاً عن ذلك، تكثر صور السيلفي العسكرية في الميدان الصحراوي. فالجنود يعتمدون على أنفسهم لتوثيق "الإنجاز"، وهو احتفال شخصي بما يتخطى "الإنجاز السياسي"، يحييه الجنود الذين عبروا الصحراء. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها