الإثنين 2017/05/29

آخر تحديث: 15:27 (بيروت)

صناعة المؤخرات والتنكّر لها

الإثنين 2017/05/29
صناعة المؤخرات والتنكّر لها
increase حجم الخط decrease
لن تفلح كل الحملات الإعلانية التي اختبرها طبيب التجميل اللبناني، نادر صعب، أو سيختبرها، بتحقيق مردود تسويقي يماثل ما حققه شريط غير محترف، انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وعاد عليه بالشتيمة والسباب. شدّ الشريط عشرات آلاف المشاهدين الذين تنبهوا إلى محتوى "غير لائق"، وانتقدوه، بعدما تعرضوا له، وتلصصوا على مضمونه، مذهولين ومصدومين.


والذهول، المصطنع في معظمه، مردّه ظهور "زبونة" مفترضة، أو باحثة عن مقاييس جمالية فاتنة (رغم أنها لا تبدو بحاجة إليها!)، وهي مكشوفة المؤخرة أمام الكاميرا، مذعنة لوحدة قياس طبيب التجميل. كما يعود إلى أن الدكتور صعب يجري اختباراً حياً للمقاييس، خلافاً للعرف القائم لدى أطباء التجميل الذين يستخدمون عادة، الشروح ثلاثية الأبعاد على مجسمات بلاستيكية، أو رسوم كرتونية. نُبشت المصطلحات الحقوقية والأخلاقية من أدبيات التماهي مع الحالة، لتُدين الطبيب، وتتهمه بتسليع المرأة لأغراض تسويقية.

ورغم أن استخدام تلك المصطلحات، محقّ في جانب كبير منه، إلا أنه يتعامى عن أن القطاع الطبي/التجميلي هذا موجود ومزدهر، في لبنان والعالم، ويسلّع المرأة كل يوم (مدعوماً بعوالم السينما والأزياء والإعلانات والتلفزيون والأغاني المصوّرة، الخ..)، سواء رأينا ذلك في فيديو، أم لم نره. كما أن الاحتجاج يجب أن يوازيه اعتراف بنجاح التجربة التسويقية، بالمعنى البحت لـ"البزنس"، وهو اعتراف واقعي وموضوعي يعيننا في فهم الميديا التي نستهلكها جميعاً، شئنا أم أبينا، وحتى لو رفعنا الصوت بالتحفّظات والاستنكارات. ذلك أن تصوير المقطع بكاميرا غير محترفة، ترك منفذاً لصعب للتملص من تبنيه، فضلاً عن أنه لم يعتمده كمادة ترويجية في صفحاته الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعزز شبهة "التسريب"، وبالتالي، التملص من المسؤولية عنه، رغم أن زوايا تصويره، لا تترك مجالاً للشك بعلم صعب به، وباحتمالات النشر.

وما كان الفيديو ليلقى هذا المدى الواسع من الانتشار، لولا أنه يكشف ما أخفاه عشرات أطباء التجميل في مقاطع ترويجية مشابهة. للمرة الأولى، يتيح مقطع مشابه للمشاهدين التلصّص على صناعة المؤخرات المجمّلة.. ويتيح له، استطراداً، التعرف إلى صنعة "التجميل المثير"، بالنظر إلى أن الفتاة/العارضة محط الاختبار (وهي ملكة جمال المغتربين 2016 في ألمانيا)، لا تحتاج حُكماً إلى صناعة تجميلية إلا لغرض زيادة الإثارة. وبذلك، فإن فرضية التسريب، لو تحققت - وهي تحققت فعلاً - ستقدم خدمة جليلة لجذب المشاهد، وستسوّق صعب على أنه جراح تجميل الجميلات، بل ملكات الجمال، لا المترهلات.

مجرد السماح بالتصوير، إذا تم استبعاد فرضية التسريب أو الموافقة عليه، سيخدم استراتيجية "التسويق بالصدمة". وهي استراتيجية إعلانية ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز دورها، وتتيح للمعلن الإفلات من تبني المادة الإعلانية، والتنكر لها بعد أن تؤدي أغراضها. سيصدم الجمهور بمحتوى الفيديو، ويُثار الجدل حوله، ما يضاعف مشاهداته. بذلك، ورغم ركاكة المحتوى وعدم احترافيته، سيحقق نجاحاً يتخطى كل الحملات الإعلانية والتسويقية التي دأب صعب على اختبارها منذ ثماني سنوات. سيتجاوز مفعول اللوحات الإعلانية، والإعلان عن الإنجازات في لبنان والعالم، والتي قد تضعه في مساحة منافسة ضيقة مع آخرين يشاركونه "الكار" نفسه.

لن يتوقف صعب عند حجم الشتيمة التي تعرض لها، على ضوء ما أسماه مستخدمو مواقع التواصل "تسليع المرأة" او "خدش الحياء العام". يستطيع الإفلات من المسؤولية، بذريعة "التسريب" و"عدم الاحترافية" في التصوير. لكن الهدف تحقق، ذلك أن نتائجه تعادل 8 سنوات من الإعلانات المحترفة، أو تزيد قليلاً. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها