السبت 2017/02/25

آخر تحديث: 17:24 (بيروت)

آخر فصول المواجهة مع "أعداء الشعب"

السبت 2017/02/25
آخر فصول المواجهة مع "أعداء الشعب"
هو عودة مقالات موقعة باسم "هيئة التحرير" في صحيفتين على الاقل اليوم السبت (غيتي)
increase حجم الخط decrease
أبلغ ما في المواجهة بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ووسائل الاعلام ان ترامب استرد وسائل الاعلام لمعركة حريات. من شأن هذا التحول أن يشغل وسائل الاعلام عن متابعة ملفات، قد تحمل بذور إدانة لإدارة الرئيس الاميركي، في خضم المواجهة بين الطرفين. وعوضاً عن القيام بدورها المعتاد، انشغلت في إحالة النشاط الى الدفاع عن "القيم الديموقراطية"، وهو ما يثبت فشلها في التعاطي مع الازمة المستجدة، التي لم يُعرف مثيلاً لها في أدبيات الرئاسة الاميركية، كما قالت وسائل إعلام أميركية السبت.

على أن فتح ملف الحريات، هو بمثابة حرب استباقية، تخوضها وسائل الاعلام، لتقويض مساعي البيت الابيض لفرض عقوبات إضافية، لا يبدو أنها ستتوقف عند منع مراسلي "سي إن إن" و"نيويورك تايمز" و"بوليتيكو" و"لوس أنجلوس تايمز" و"بازفيد" من حضور الإفادة في مكتب المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، الجمعة. وعلى الرغم من أن الغياب عن تلك الافادات، لن يكون أمراً مهماً الى حد كبير، بالنظر الى انهم قادرين على الحصول على المعلومات من وسائل اعلام ستحضر الحدث، إلا أنه لا خيار أمام الممنوعين إلا خوض تلك المعركة، لتجنّب زيادة العقوبات عليها.

استطاعت إدارة ترامب أن تحقق مرتجاها. بالهجوم المضاد، لم تعد مجبرة على خوض معركة دفاع عن نفسها في وجه أنباء تُنقل عن مصادر مجهولة. قوّضت الضخ الاعلامي، والتسريبات لصالح معركة الحريات. ووضعت حداً للخسائر الى حد كبير، حتى في معركة الحريات. ففي وقت يمكن أن تثير قضية الحريات الكثيرين للدفاع عنها، فإنه في المقابل ستزرع الشكوك في أذهان قسم من الرأي العام حول المعلومات التي تُبث في وسائل الاعلام المناهضة لترامب، وقد وضع لُبنة هذا التوجه بوصف المنصات الاعلامية تلك بـ"أعداء الشعب"، وأعطى دليلاً على عدم صوابية معلوماتها، بالاشارة الى استطلاعات الرأي التي لم تتوقع نجاحه في الانتخابات.

وترامب، لا يثأر من وسائل الاعلام على موقفها السابق، المرتبط بتأييد منافسته في الانتخابات هيلاري كلينتون. هو يقوّض المساعي للاستمرار في حملة وسائل الاعلام ضده، عبر فتح ملفات عن علاقته بروسيا، لتأكيد صوابية رأيها حوله حين انحازت لكلينتون في الانتخابات الماضية. علماً أن ملف العلاقة مع موسكو، هو أكثر الملفات إحراجاً للبيت الابيض، في ظل حملة عالمية تظهر تدخل روسيا في الانتخابات الاوروبية، مما يدعم فرضية تدخلها في الانتخابات الاميركية، فضلاً عن الكشف عن أهداف موسكو التوسعية في عصر بوتين، على حساب الدور الاميركي.

وتفاقمت الخلافات الاخيرة بين ترامب ووسائل الاعلام المعارضة له، على ضوء انتقاد ترامب لمكتب التحقيقات الاتحادي "إف بي آي" لفشله في منع تسريب معلومات تخص "الأمن القومي" لوسائل الإعلام وأصدر توجيهات للمكتب بالعثور على من يقفون وراء تسريب معلومات سرية.

جاءت تصريحات ترامب وسط تقارير إعلامية أفادت بأن مكتب التحقيقات رفض طلبا من البيت الأبيض بنفي أخبار تقول إن أعضاء بفريق ترامب كانوا على اتصال بضباط في المخابرات الروسية خلال حملة انتخابات الرئاسة. وكتب ترامب: "إف بي آي. عاجز تماما عن وقف مسربي معلومات الأمن القومي الذين اخترقوا حكومتنا منذ فترة طويلة. بل إنهم عاجزون عن العثور على من يسربون المعلومات من داخل إف بي آي. نفسه". وأضاف: "معلومات سرية تمنح لوسائل الإعلام ويمكن أن يكون لها أثر مدمر على الولايات المتحدة. اعثروا عليهم فوراً".

وترى وسائل الاعلام أنه يتدخل بـ"أف بي آي"، مما يعارض مبدأ فصل السلطات. كشفت "سي أن أن" عن قضية التحقيقات، فثارت إدارة ترامب، وحولت القضية الى مواجهة رسمية، هي الاولى في تاريخ البيت الابيض، إذ استبعدت وسائل الاعلام المعارضة لترامب من الافادة الصحافية التي عقدت الإفادة بدون كاميرات بدلاً من الإفادة الصحافية اليومية المعتادة التي ينقلها التلفزيون يوم الجمعة، في غرفة الإفادات الصحافية بالبيت الأبيض. ولم يذكر سبايسر سبباً لاستبعاد هذه المنظمات الإعلامية بشكل خاص وهو قرار أثار احتجاجات قوية.

عندها، حولت وسائل الاعلام الاميركية القضية الى قضية حريات، وصولاً الى وصف تصرف ترامب بـ"تصرف دكتاتوري يهدف لتقويض عمل الإعلام الحر في الولايات المتحدة، على شاكلة القادة المستبدين حول العالم، كما هو الحال في مصر وفنزويلا وروسيا وتركيا التي تتعاظم فيها مسألة تهميش الإعلام المستقل ونزع الشرعية عنه"، كما ذكرت صحيفة بوليتيكو.

اللافت هو عودة مقالات موقعة باسم "هيئة التحرير" في صحيفتين على الاقل اليوم السبت. واعتبرت "نيويورك تايمز" في مقال موقع باسم "إدارة التحرير" أن هذه الخطوة إهانة للديموقراطية، مذكرة أن البيت الأبيض تعهد في كانون الأول/ديسمبر 2016 بأنه لن يحظر أي وسيلة إعلامية، واليوم ينكث تعهداته.

أما صحيفة "بوليتيكو" فاعتبرت الأمر فصلاً آخر من فصول ترامب في حربه مع الإعلام. وتساءلت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عبر مقال موقع باسم إدارة تحريرها عن جدوى قرار ترامب، متهمة اياه بخيانة تقاليد الرئاسة والسلطة الأميركية، وأنه يذكر الأمة الأميركية بتجربة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، الذي وصفته بأنه آخر شخص يريد ترامب أن يتخذه كقدوة ويتبع خطاه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها