الأربعاء 2017/02/01

آخر تحديث: 20:06 (بيروت)

"الشيعي" كشخصية تلفزيونية

الأربعاء 2017/02/01
increase حجم الخط decrease
لم تخرج الشخصية الشيعية في البرامج التلفزيونية الساخرة، عن إطارها المنمط كشخصية عالقة في منظومتها السياسية والعشائرية. تُقارب من زاوية الهزل، وتُوظَّف في مكانها، سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت أو البقاع أو الجنوب، بوصفها كشفاً عن مستور من بيئة منغلقة. 

ثلاث شخصيات "شيعية"، تقدم فقرات في ثلاثة برامج ساخرة على الشاشات، وتلعب دور المراسل لها. عباس جعفر، مراسل "بي بي شي" على قناة "ال بي سي"، (كان ضمن "شي ان ان" في "الجديد" قبل انتقال البرنامج الى "إل بي سي")، و"علي اسبيرين"، مراسل برنامج "هيدا حكي" في قناة "أم تي في"، ومازن سليم مراسل برنامج "على ما يبدو" في قناة "أو تي في".

تغيرت الصورة الشيعية في الميديا، خلال الأعوام العشرين الماضية. في التسعينيات، اختُصرت تلك الصورة في شخصية "أم طعان" (الممثلة ميراي بانوسيان). تلك المرأة الريفية الجنوبية، المقاومة، المناصرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري. ومثلت أولى الصور الطريفة عن البيئة القروية الجنوبية، بوصفها امرأة بسيطة، تعرّف المشاهد اللبناني على بيئة اجتماعية غريبة الى حد ما عنه، كونها تعيش تحت الاحتلال. 

غير أن الصورة اليوم، ذهبت الى حدّ القول بأن الطائفة تُكاد تُختصر في التبعية السياسية (حزب الله او حركة أمل)، والعسكريتاريا، والخارجين عن القانون، رغم وجود استثناءات طبعاً، وبينها تقرير "علي اسبيرين" من برج البراجنة بعد تعرضها لتفجير ارهابي. قد تكون هذه الشخصية، جزءاً من بيئة اجتماعية وتمثل في خصوصياتها جانباً ساخراً يحفز على الطرافة والضحك في البرامج الساخرة، لكنه في الوقت نفسه، تنميط للبيئة الشيعية ما بعد الحرب، يدركها المنخرطون فيها.

صورياً، تلعب الشخصيات الثلاث أدواراً ثانوية في هيكلية البرامج الثلاثة. الجزء المخصص لها، يقتصر على نقل روحية بيئة اجتماعية يعتقد معدو البرامج أن الوصول اليها صعب. ويتم استدعاء هذه البيئة، عبر وجهات متعددة: الأولى هي الوجهة المذهبية، بالنظر الى ان اسماء المراسلين لا تحتاج الى جهد لمعرفة البيئة التي تنتمي اليها. والوجهة الثانية هي المناطقية، والثالثة تعتمد إظهار الفارق في اللهجات. من هنا، يكرس "عباس جعفر" صورة ابن منطقة البقاع، فيما يكرس "علي اسبيرين" صورة ابن الضاحية الجنوبية لبيروت.

وفي الصورتين، يحشد المراسلان أدبيات منمطة عن ابناء المنطقتين، بالدعوى إلى تشريع "الحشيشة" مثلاً، أو اظهار ابن البقاع كواحد من الطفّار، وهم المطلوبون للدولة اللبنانية، والفارون منها. 

على ان توظيف الشخصيات في تلك المواقع، ينطلق من أنهم ناطقون باسم شريحة اجتماعية، يُعتقد أنها لا تزال غائبة عن الميديا. أو أن المنشور منها ميديوياً، لا يظهر جزءاً كبيراً من سلوكيات المنتمين اليها. من هنا، تعتقد البرامج الثلاثة أن اعتماد شخصيات شيعية في مهمة مراسلين، سيفك ألغازاً لطالما ترددت عن أن تلك المناطق تعيش تعتيماً في الميديا، وسيكشف جانباً غير مُدرك منها، أو أنه عاجز عن الظهور. ووجدت الحل في تبيانه بصورة ساخرة، تنفذ فيها من تهمة التعميم بأن البيئة تتألف من الطافرين، أو من المطالبين بتشريع الحشيش، أو من متعاطي "السيمو" والمخدرات!

لكن البرامج في الواقع، ولو أنها اعتمدت المقاربة الهزلية، انزلقت الى التعميم. وبدلاً من استدعاء تفاصيل البيئة الشيعية، بكليّتها، استدعت الصورة النمطية عنها، تلك التي تأوي الطافرين، أو الخارجين عن القانون. أدخلت البيئة في المنظومة التلفزيونية كشخصية تهريج، بعيداً من التصور الإجتماعي. ذلك ان المقاربة، سياسية وليست سوسيولوجية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها