السبت 2017/10/21

آخر تحديث: 12:27 (بيروت)

طموحات رئاسية لقاسم سليماني؟

السبت 2017/10/21
طموحات رئاسية لقاسم سليماني؟
قاسم سليماني في كردستان العراق (إنترنت)
increase حجم الخط decrease

قد لا تكون الصور المتداولة طوال الأسبوع الماضي لقائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وتظهره متواجداً في مناطق كردية على خلفية تحركات الحكومة العراقية في بغداد سيطرتها على المدينة والمناطق المحيطة المتنازع عليها، دليلاً على عمق النفوذ الإيراني في البلاد، بقدر ما هي إشارات دعائية على مستويين، شخصي خاص بطموحات سياسية لدى سليماني، وعام يتعلق بماكينة صناعة البروباغندا الإيراني.

وتناقلت وسائل الإعلام المحلية والإقليمية صوراً، روجتها أولاً حسابات في "تويتر"، لسليماني وهو يزور قبر الرئيس العراقي السابق جلال طالباني في مدينة السليمانية العراقية، وهي جزء من كردستان العراق، وتقول صحيفة "واشنطن إكزماينر" الأميركية أن حسابات في "تويتر" مرتبطة بسليماني مباشرة تشرف على توزيع ونشر الصور والمعلومات والشائعات حول الدور الذي يقوم به سليماني حالياً في الأزمة بين بغداد والعراق، وهو دور متكرر قام به سليماني لخدمة البروباغندا الإيرانية في مناطق مثل حلب والحدود السورية العراقية وغيرها.

ورغم أن كثيراً من المحليين والمسؤولين الغربيين، ومن بينهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" مايك بومبيو، يقرؤون الصور كدليل على أن العراق والميليشيات الشيعية المعروفة باسم الحشد الشعبي يعملون تحت أوامر وإرشادات إيران بشكل مباشر عبر سليماني، إلا أن ذلك التوصيف قد يكون مبالغاً فيه لسببين، أولاً: سليماني لا يعمل فقط كقائد عسكري فقط بل هو أكثر "دبلوماسي" تثق به إيران في الشرق الأوسط، والثاني أن سليماني في صوره ينسق مع الأكراد وليس مع الحكومة العراقية ما يجعل السردية السائدة حول طبيعة الصراع في كركوك بأنه صراع بين الأكراد المؤيدين للولايات المتحدة مقابل العراقيين الموالين لإيران، خالية من أي معنى.

ورغم أن النفوذ الإيراني في العراق خطير ويطرح تحدياً للمصالح الأميركية والعراقية، لكن من المبالغة في دور سليماني بناء على صوره التي نشرها بنفسه في "تويتر" تساهم في تحقيق استراتيجية سليماني نفسها، وللوهلة الأولى يبدو من الغريب أن سليماني يسمح لأحد بالتقاط صورته نظراً لموقفه كمنفذ رئيسي للأوامر الإيرانية ضمن شبكات الإرهاب والعمليات الخاصة، لكن الواقع أن هذه الحادثة تمثل القاعدة وليس الاستثناء.

ففي العام 2015 أصدرت إيران فيلماً وثائقياً عن سليماني أعلن فيه بفخر عن موقعه الإلكتروني، غير المفعل حالياً، وقد أصبح ميل سليماني لنشر الصور في الميدان واضحاً جداً منذ ذلك الحين فيما قد يكون تمهيداً من أجل خوضه الانتخابات الرئاسية الإيرانية في المستقبل القريب، ما يعكس طموحات سياسية كبيرة. ومن جهة أخرى تلعب صور سليماني التي تكررت في مناطق مثل حلب ومنطقة الحدود العراقية - السورية، دوراً أكثر أهمية، وهو الإيحاء بأن دور إيران أكثر انتشاراً وفعالية مما قد يكون عليه في الواقع، ضمن لعبة بروباغندا دولية من أجل الحصول على نفوذ في الشرق الأوسط.

يشكل سليماني وسط هذه النظرية جزءاً واحداً فقط من آلة البروباغندا الإيرانية، ففي العام 2015 تم تعميم صور من غرفة عمليات لواء عاشوراء التي تظهر بأن الحرس الثوري الإيراني يمتلك أسطول من طائرات ن دون طيار، دعماً للجهود الرامية لهزيمة تنظيم "داعش" في العراق، وبطبيعة الحال عندما حرر الجيش العراقي والحشد الشعبي مدن الفلوجة والرمادي لم يكن هنالك أي ذكر للطائرات من دون طيار في التقارير العالمية لأنها أصلاً لم تلعب دوراً يذكر، لكن عند سؤال أي مواطن عراقي عن سير المعركة فإن الجواب سيكون بأن الإيرانيين دعموا القوات العراقية سواء على الأرض "أو عن طريق الجو" وهو ما لم يحصل.

وفي الواقع، يعتقد غالبية العراقيين بأن الولايات المتحدة تدعم "داعش"، وأن إيران هي التي حمت العراق من التنظيم التكفيري. والسبب في ظهور نظرية المؤامرة هذه متعدد الجوانب، ففي أعقاب ظهور تنظيم "داعش" قدمت إيران للعراق أسلحة وطائرات في غضون بضعة أيام، ولكن لإبداء استيائها من رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي، تأخرت إدارة أوباما في تقديم دعم الولايات المتحدة المجدي لأسابيع إن لم يكن لأشهر.

وبطبيعة الحال، ساعدت إدارة أوباما العراق في وقت لاحق، ولكن الحديث الإعلامي عن الدعم الجوي لا يوفر نفس التأثير الذي تخلقه الصور الإيرانية للدعم البري خلال العمليات الميدانية للحشد الشعبي، وحتى بعد عودة القوات الخاصة الأمريكية في نهاية المطاف للمساعدة على الأرض، قام المرشد الأعلى علي خامنئي ووسائل الإعلام الإيرانية واسعة الانتشار بالرد على ذلك ببساطة عن طريق تكرار شعار" الولايات المتحدة تمول تنظيم داعش".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها