الخميس 2017/10/19

آخر تحديث: 14:12 (بيروت)

فقط في مصر.. المتحرشون يسرحون ويمرحون ضمن هاشتاغ MeToo#

الخميس 2017/10/19
فقط في مصر.. المتحرشون يسرحون ويمرحون ضمن هاشتاغ MeToo#
الإعلامي رامي رضوان خائف على السياحة من الهاشتاغ! (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
صحيح أن الهاشتاغ MeToo# صار هاجساً مسيطراً على العالم الافتراضي، ومنه إلى العالم الواقعي، ليشكل واحداً من أهم أحداث الأسبوع الحالي، وصحيح أن الصيحة الهوليوودية التي بدأتها ميليسا ميلانو بلغت مدى أوسع مما تخيلناه جميعاً. لكن مرور ذلك الهاشتاغ على مصر يعطيه خصوصية مرعبة.

تتصدر مصر القوائم العالمية التي تخص العنف ضد المرأة بكل أشكاله، وهو ما ظهر في تقرير "تومسون رويترز"، قبل أيام، حيث احتلت القاهرة المركز الأول في أكثر مدن العالم خطراً على النساء، في جميع الجوانب، لا التحرش فحسب. ذلك أن 9 من أصل 10 نساء مصريات تعرضن لإزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية، كما تزوجت 17% من الفتيات قبل سن 18 عاماً، و2% منهن قبل سن 15 عاماً.

وتظهر أرقام البنك الدولي أن مشاركة الإناث في القوى العاملة بلغت 23% العام 2016، مقابل 26% العام 1990. ووفقاً للأرقام الأميركية، فإن 65% من المصريات فوق سن 15 عاماً يتعلمن القراءة والكتابة، مقابل 82% من الرجال.

كل ما سبق يعطي تصوراً عاماً عن "حكايات الرعب المصرية" التي مرت تحت الهاشتاغ الهوليوودي. غير أن التخيل شيء، والحقيقة شيء آخر.

فالحكايات مروعة للغاية، فيها تجارب تحرش من باب التحرش إلى الاغتصاب والعنف الجسدي الذي ينتج عنه تشويه دائم. ولم تبخل القاهرة على الهاشتاغ بحكاية تتزامن وتتفاعل مع وضع المرأة في مصر. فـ"فتاة المول"، سمية عبيد، التي تحرش بها شاب واستضافتها ريهام سعيد في برنامجها وكانت سبباً في إيقافه منذ عامين بعد حملة إلكترونية جامحة ضد الإعلامية الموتورة، عاد المتحرش بسُميّة مرة أخرى بعد حبس عامين لينتقم منها، فمزّق وجهها وشوّه ملامحها انتقاماً منها على "عدم سكوتها" على تحرشه والتسبب في حبسه. ثم لما خرجت الفتاة لتحكي ما حدث لها، تحولت إلى "مجرمة" بعد لفظة نابية نطقت بها في لحظة انفعال.

ومثل ما حدث مع سمية، يحدث مع كل أنثى تحكي قصة تحرشها في الواقع الافتراضي، وبدلاً من أن يخجل المجتمع من حجم المشكلة وتفاقمها، تحول عدد كبير من الرجال من متابعي التفاعل إلى نوعين: إما مستخف بالمشكلة.. أو متحرش!

المستخفون أنفسهم تحولوا إلى ساخرين من فكرة المعاناة الأنثوية، وراحوا يكتبون حكايات عن تحرش النساء بالرجال، في محاكاة تهكمية لما يفترضون أنها معاناة مبالغ في تقديرها. أما الغاضبون فانبروا للهجوم على صاحبات الحكايات لاعتبارات كثيرة، أهمها أنهن "يسببن الفضيحة لأنفسهن وأهلهن". رد الفعل هذا كان متوقعاً، فهو يتكرر دائماً في كل حدث متعلق بالتحرش.

غير أن رد الفعل المريض والمثير للتقزز والغضب معاً، صدر عن أولئك الذين استغلوا الهاشتاغ ليكون مدخلاً للتحرش السيبيري. فظهر عدد من المرضى الذين حاولوا الدخول من باب التعاطف الساخر، من أجل مضايقة البنات والتحرش بهن، لتتفرد مصر مرة أخرى باعتبارها الدولة التي يظهر فيها المتحرش.. في مساحة حكايات التحرش!

لكن ذلك كله، لم يعنِ الإعلامي رامي رضوان في شيء، الذي خرج في برنامج 8 الصبح على DMC، ليقول "إن ذلك الهاشتاغ من الممكن أن يتسبب في الكثير من  المشاكل لأنه يؤكد صحة التقارير المنشورة وقد يؤثر في السياحة في مصر إذا ثبت أن مصر غير آمنة للسيدات". ولا يمكن معرفة أي إثبات آخر يريده رضوان، أكثر من التقارير العالمية والحكايات المخيفة التي ترويها صاحبات الشهادات الحية عن أنفسهن.

كثير هو ما كُتب عن العنف ضد المرأة في مصر بكل الأشكال الممكنة، وكثيرة هي الدعوات المدنية التي تحاول مقاومة هذه الظاهرة، سواء بالضغط على الدولة لسن قوانين أكثر صرامة، أو بزيادة الوعي المجتمعي. لكن طالما أن الدولة –ممثلةً في إعلامها- ترى أن المهم ألا تخرج هذه القصص حتى لا تؤثر في "المشهد العام"، فلن يظهر حل قريب. وهنا، يحق للنساء أن يكُنّ أكثر عنفاً، من دون أن يلومهن أحد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها