الجمعة 2017/10/13

آخر تحديث: 15:54 (بيروت)

عنصرية "دوف".. والصيغة اللبنانية

الجمعة 2017/10/13
عنصرية "دوف".. والصيغة اللبنانية
من تظاهرة لبنانية ضد العنصرية إزاء اللاجئين السوريين (حسين بيضون)
increase حجم الخط decrease
ليس سهلاً أن تسقط النقاش الذي تلى "اعلاناً عنصرياً" اعتذرت عنه شركة "دوف"، وسحبته من التداول، على واقع الحال اللبناني. ذلك ان مفاهيم العنصرية اللبنانية، مرتبطة بسياق سياسي، يتخطى البُعد الحقوقي الذي أحاط بإعلان "دوف" وأخواتها من الشركات الباحثات عن تسويق لمنتجاتهن. 
اقتصر النقاش في تجربة اعلان "دوف" على جانب الاساءة للبشر، بسبب لون بشرتهم، ما يمنع أي تبرير للإعلان الذي دافعت عنه بطلته، بطريقة غير مباشرة، حين قالت إنها اختارت المشاركة في الاعلان بغرض تغيير الصورة المنتشرة في العالم عن السمراوات في مقياس معايير الجمال. 

التبرير الأخير، لم ينقذ الاعلان ولا الشركة من الانتقاد، لكنه في الوقت نفسه، لن يتحقق في لبنان، إثر حملة سياسية ضد السوريين، لا تُعفى من الاتهامات بالعنصرية، وتجد ما يبررها، مرة باسم قلق وجودي من "الغرباء"، ومرة أخرى باسم "الحفاظ على الكيان اللبناني"، رغم أن التجربتين، في لبنان و"دوف"، لهما سياقهما الانساني. 

غير أن النقاش اللبناني حول السوريين، لا يعترف بـ"الانسانية" و"المساواة بين البشر"، كما هو الحال في الانتقاد الذي طاول "دوف". المحزن في لبنان، أن هناك إمعاناً في الانتقاص من تلك المفاهيم الحقوقية، حين يصل الأمر الى المقاربات السياسية. وليس هناك ابلغ من تغريدتين لوزير الخارجية جبران باسيل، قال في احداها "لا يحق لأي كان في العالم ان يفاتحنا بموضوع الانسانية ووزير خارجية لبنان يقول لكم فليطبقوها في بلادهم قبل ان يخبرونا عنها". بينما قال في الثانية: "عنصريين بلبنانيّتنا، مشرقيّين بتكويننا، عالميّين بانتشارنا". 

يتفق اللبنانيون بالتأكيد، مع المغردين العالميين، على رفض المساس بحقوق البشر، بسبب اللون أو العرق، ما يمثل احتفائية جميلة، لا تجد لها أي تثبيت على أرض الواقع حينما تُحال الى مستوى سياسي و"كياني". ولا تخرج من سياق الشعارات، إذا ما وصل القرار السياسي الى مستوى الخوف من الغرباء، كما هو الحال في تغريدة أخرى لباسيل استتبعت الأولى، ولم تثر نقاشاً جاداً إلا في بعض وسائل الإعلام، حين قال: "كل اجنبي قابع على ارضنا من غير ارادتنا هو محتل من اي جهة أتى". 

فإطلاق مصطلح المحتل، من غير أن يقترن بالوجود العسكري لأي جهة كانت، يقود حكماً الى الاعتقاد بأنه وَصَفَ اللاجئين بالمحتلين، ما يعني تشريع مقارعتهم، ومواجهتهم بالقوة، وهو ما يمثل أخطر مقاربة في سياق الحملة ضد هاربين من بطش الحرب والنظام. 

هذه المقاربة، لن تستدعي جدلاً واسعاً في العالم، يتخطى ما تشير اليه وسائل الاعلام العالمية بأن بعض اللبنانيين يمارسون العنصرية ضد اللاجئين، في وقت ثمة من يؤيدها، بوصف السوريين "باتوا عبئاً على لبنان واقتصاده"، كما يقاربها مدونون بأنها "حق ناتج عن قلق وجودي". وبالتالي، لن يصل النقاش الى مستوى رفض المقاربة، كما هو الحال في مقاربة اعلان "دوف"، رغم أن الأخير له وجهته التسويقية التي تفهمتها العارضة السمراء. كما لن يصل الى مستوى الضغط لسحب اعلان على سياق لبناني محلي، تشابه ضغوطاً مورست على شركة التأمين "اليانز سنا" في الصيف الفائت، لسحب اعلان يصور سارقي السيارات من أهالي بعلبك في شرق لبنان.

العارضة النيجيرية السمراء، لولا اوغونيامي، بطلة اعلان "دوف"، خففت من وطأة الحملة التي أقيمت ضد الشركة أواخر الاسبوع الماضي، اثر اعلان اتهم بالعنصرية ضد اصحاب البشرة السمراء. ومع ذلك، سحبته الشركة من التداول. أما التصريحات اللبنانية فإنها باقية وتتمدد، حتى انقضاء الانتخابات النيابية المقبلة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها