الجمعة 2016/09/23

آخر تحديث: 14:01 (بيروت)

"إرث أوباما" في "تويتر": هيمنة لكلمة "مجازفة"

الجمعة 2016/09/23
"إرث أوباما" في "تويتر": هيمنة لكلمة "مجازفة"
increase حجم الخط decrease
قبل ثمانية أعوام، عندما انتخب باراك أوباما أول رئيس للولايات المتحدة من أصول إفريقية، لم يتوقع أحد أن يعود مشهد التمييز العنصري في البلاد إلى ما هو عليه اليوم من ارتفاع في وتيرة أعمال العنف والقتل، وكان آخرها مقتل رجل أسود في ولاية كارولاينا الشمالية، الأربعاء، برصاص الشرطة، ثم اندلاع احتجاجات عنيفة أدت إلى إعلان حالة الطوارئ هناك.


"هذا هو الإرث الحقيقي لأوباما"، يقول مغردون أميركيون في "تويتر" في تعليقهم على المشهد الصادم في الولاية الواقعة على شاطئ المحيط الأطلسي، بعد أيام قليلة على خطاب أوباما الذي توجه فيه إلى الناخبين من أصول إفريقية، معتبراً فيه أن تصويت الناخبين السود لمرشح الرئاسة الجمهوري دونالد ترامب سيشكل "إهانة شخصية له وللإرث الذي تركه كأول رئيس من أصول أفريقية في الولايات المتحدة".



ويربط الأميركيون في تغريداتهم بين سياسات أوباما الداخلية وبين ارتفاع مستوى العنصرية، إلى حد عودة الاحتجاجات المطالبة بالمساواة والعدالة الاجتماعية تحت شعار "الحيوات السوداء مهمة" (Black Lives Matter)، فيما يرى آخرون أن توجهه بالخطاب إلى فئة واحدة من الأميركيين فقط، بناءً على عرقهم، بهذه الطريقة، هو خطاب عنصري بحد ذاته ويشجع على اتخاذ مواقف عنصرية من قبل الناس العاديين على المستوى الشخصي، ليس فقط اتجاه أصحاب البشرة السوداء بل تجاه مختلف الأعراق والمهاجرين أيضاً.

ويبدو أن الناخبين الأميركيين من أصول أفريقية، قد تحولوا إلى تأييد ترامب، بدلاً من خيارهم السابق هيلاري كلينتون المرشحة عن الحزب الديموقراطي، حسبما أشارت آخر استطلاعات الرأي في البلاد، وقبل ثمانية أسابيع من موعد الانتخابات، وذلك في أول رد فعل حقيقي ومباشر على خطاب أوباما، في وقت ينتشر فيه هاشتاغ #ObamaLegacy على نطاق واسع في "تويتر" و"فايسبوك".

واسترجع الأميركيون ذكرياتهم مع أوباما، تحديداً في فترة رئاسته الأولى عندما كانت الآمال عالية بخروج البلاد من العبء الاقتصادي الذي تركه الرئيس السابق جورج بوش الابن، لكن مرور السنوات جعل الولايات المتحدة تفقد شيئاً من مكانتها الدولية التقليدية، وتحديداً في الشرق الأوسط وأوروبا، مع اهتمام إدارة أوباما بالتوسع آسيوياً، حيث الاقتصادات الجديدة، ما سمح بعودة دول مثل روسيا إلى ملعب السياسة الدولية بقوة إلى حد يقارب قوتها أيام الاتحاد السوفياتي بكل ما يحمله ذلك من حساسيات متراكمة لدى الأميركيين. فضلاً عن تحفظات الصين حول السياسة الأميركية في محيطها الجغرافي، ويظهر أثر ذلك في الأزمة السورية حيث تظهر الولايات المتحدة عاجزة وفاشلة مهما حاولت التدخل.

في ضوء ذلك، يصبح إرث أوباما "الحقيقي" مزيجاً من أعمال الشغب والكراهية والانقسام والإفلاس والحرب في الخارج والإرهاب على الاراضي الأميركية. "لقد كان مشغولاً بتدمير الولايات المتحدة الأميركية"، يقول أحدهم، فيما يتهمه آخرون بأنه يركز فقط على نفسه، حتى في حديثه عن الانتخابات المقبلة: "لم يكن همه أبداً الولايات المتحدة، كل ما يبالي به هو صورته العامة"، فيما وصف البعض خطابه بأنه "غير قانوني" لأنه يرسخ صورته العامة و"كأنه يدعو الشباب من أصول إفريقية إلى تعليق صورته على الجدار وخدمته شخصياً: "المواطنون لا يخدمون موظفي الحكومة".

والحال أن هؤلاء المغردين ليسوا بالضرورة من أنصار ترامب أو من كارهي كلينتون، بل لعلهم أفراد محبطون ويائسون وغاضبون. وتبدو وجهة النظر السائدة هنا أن ترامب وكلينتون، كخيارين يتنافسان في الرداءة السياسية (بحسب آراء المغردين)، هما نتيجة لسياسات أوباما الداخلية، والإرث الذي خلّفه بعد ولايتين رئاسيتين، قضاهما وهو "يلتقط الصور" و"يتحدث عن حب زوجته ميشيل".

وكانت كلمة "مجازفة" (risk) متداولة بشدة في "تويتر"، ضمن نقاشات الأميركيين حول إرث أوباما، ويعكس ذلك خوفاً من تزايد المخاطر الأمنية في البلاد، خصوصاً بعد التفجيرات التي حصلت في مدينة نيويورك، صباح الاثنين. وهناك خوف واضح من دخول البلاد في حرب ما: "الأعداء لا يخشوننا والحلفاء لا يثقون بنا، وهناك خطر الحرب الأهلية أيضاً".

البعض الآخر استخدم الكلمة في سياق مضاد تماماً، للحديث عن شجاعة أوباما في السياسة الخارجية، وهنا يصبح اتخاذ أوباما لقرارات مثل الاتفاق النووي الإيراني والمصالحة مع كوبا، أموراً إيجابية رغم خطورتها الظاهرية. ويصبح إرث أوباما بالتالي غير قابل للقياس في التو واللحظة، بل "يجب الحكم عليه بعد سنوات"، عندما يظهر أثره الحقيقي في الولايات المتحدة التي ابتعدت عن النزاعات، "ليس من منطق الضعف بل من منطق الحكمة".

ونشر أنصار أوباما إحصائيات وصوراً ومعلومات تظهر نجاح أوباما طوال السنوات الماضية، تحديداً في مجال الاقتصاد والأجور وانخفاض البطالة. لكن الهاشتاغ الذي أنشئ لهذه الغاية #ThanksObama تم استخدامه من قبل أميركيين كثر بطريقة معكوسة ساخرة: "شكراً أوباما لأنك دمرت العالم"، أو "شكراً أوباما للفوضى في كارولاينا الشمالية"، أو مجرد "شكراً أوباما" مع إيموجي الوجه الغاضب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها