السبت 2016/07/23

آخر تحديث: 15:16 (بيروت)

حرب الجِنسَين في مصر: أعرفه.. أعرفها

السبت 2016/07/23
حرب الجِنسَين في مصر: أعرفه.. أعرفها
increase حجم الخط decrease
إذا كنت مصرياً تملك حساباً في "فايسبوك"، فالساعات الـ48 الماضية جعلتك، على الأرجح، عرضة لطلقات الاتهامات المتبادلة، الحرب الضروس بين مجموعتي I know him      وI know her.
لم تكن هذه الحرب عادية، بل كانت تمايزاً جندرياً، بدأته البنات في مجموعة خاصة غرضها "فضح" متتعدي العلاقات، كثيري المغازلات، ومدمني وضع علامة "لايك" على صور البنات، ومحققي غزوات الرسائل في "فايسبوك".. وهو ما لم يسلم منه شاب وضعت صورته أو اسمه على هذه المجموعة.

تحول الأمر في ليلة واحدة إلى "مكاشفة" أخرجت خبايا في بادئ الأمر، لتتحول سلطة المكاشفة هذه إلى سلطة الكيد. إذن كانت المجموعة الأنثوية مجالاً مفتوحاً للمكائد والانتقامات العاطفية، فصار كل ذكر لشاب في المجموعة هو بالضرورة انتهاك لنزاهته.

لكن السرية في مجموعة ضمت 47 ألف بنت، ثم أخرى ضمت 55 ألف آخريات بالاسم نفسه، متعذرة، وخرجت الفضائح السرية إلى "الآخر" الغافل عما يحاك له ويقال عنه في التجمع الأنثوي. وفاحت رائحة المشاكل. انتهت علاقات ودُمّرت زيجات وفُسخت خطوبات. وهذا ما جعل الذكور يبادرون إلى إنشاء مجموعة لردّ الضربة. فصارت مجموعة "أنا أعرفها" ارتجالاً وغضباً، وإنضم اليها آلاف الشبان في ساعات معدودة، حيث حاول كل منهم أن يخرج من جعبته ما يمكن أن يقلق به الآخر الأنثوي. 

ولأن المجموعة الذكرية كانت بمثابة "رد فعل" على مبادرة نضجت وآتت أُكلها، أصيبت المجموعة بحالة فوضى، وشهدت ردوداً غاضبة على ما يجيء في المجموعة الأنثوية، وخيالات عن الانتقام من دون الانتقام نفسه.

هكذا تحول الموقع الأزرق في ليلتين إلى ساحة حرب باردة، يظهر ضحاياها علناً. قبل أن تتطوع كل مجموعة لاستخدام "جواسيس" تتسلل إلى المجموعة الأخرى وتنقل ما تراه من هنا إلى هناك والعكس.

غير أن الحرب لم تكتف برحاها في "فايسبوك"، إذ انتقلت فوراً إلى المواقع الصحافية التي بدأت برصد الوقائع، ثم تحولت إلى "الانحياز" إلى طرف على حساب الآخر، وانتهت بارتداء ثوب الحكمة ومحاولة تجحيم تأثير وخسائر المعركة الجندرية.

وبدأ الإعلام يستخدم أدواته المتاحة، فخرج الدكتور سعد هلالي، الأستاذ في جامعة الأزهر، على إذاعة "نجوم إف إم" في برنامجه الصباحي ليقول "رأي الدين" في هذه المجموعات، ليخلص الى أن ما يحدث فيها حرام، وأن من ستره الله لا يفضحه إنسان. فيما استعانت جريدة "الوطن" بخبير جنائي ليقول إن ما يحدث قد يسبب الحبس 15 عاماً. 

"تويتر" بدوره لم يقف صامتاً أمام المعركة الفايسبوكية، فتحولت وسوم #I_know_him  و #I_know_her إلى الأكثر تداولاً طوال اليومين الماضيين، ليس تماهياً مع المعركة، بل سخرية منها.

المفارقة أن كل هذه العوامل "الخارجية" لم تجعل معركة الفضائح تهدأ، بل إن كل جيش قوّض عدته بنفسه، بعدما بدأت تظهر التلفيقات الفجة، والبنات يتشاجرن، وبدأ الشبان يتشاجرون أيضاً، ليتفتت كل جيش على حدة، وكل منهم يتبنى خطاباً أخلاقياً. ذلك أن الغرض في المجموعة السرية هو الفضيحة لا التلفيق. هي للتشهير، لا للتزوير. ليرد آخر بأنه لا يمكن التأكد بعد التلفيقات الكثيرة، من الصادق في تشهيره ومن الملفق، ولا وجود "لصوت حكمة" داخل كل مجموعة ليحكم على مصداقية الاتهام من عدمه.

وبعيداً من "مبالغات" التحذير من خطورة المتفاعلين في المجموعتين، فالمشكلة في وجودهما أكبر من مجرد تدوينات وصور وما إلى ذلك. فالعلاقات الإنسانية الآن، خصوصاً العاطفية منها، تساوي بين الفعل الإنساني والافتراضي ولا تفصل بينهما. ناهيك عن أن هناك خيالاً محدداً عن طبيعة العلاقة ونقاوتها، يُستمد ربما من الدراما، أو من تصورات مراهقة، وكأن العلاقة تستعير معناها من خيالها المثالي، من دون أن تجرب نفسها في الواقع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها