الإثنين 2016/05/16

آخر تحديث: 18:26 (بيروت)

محامي"أطفال شوارع"وأحمد ناجي لـ"المدن":الدولة تنبش توابيت القانون

الإثنين 2016/05/16
محامي"أطفال شوارع"وأحمد ناجي لـ"المدن":الدولة تنبش توابيت القانون
محمود عثمان: "أطفال شوارع" تُستخدم ضدهم مواد قلب نظام الحكم والإرهاب باستخدام وسائل التواصل
increase حجم الخط decrease
"أطفال شوارع" محبوسون الآن على ذمة التحقيق في قضية تتعلق بالأمن القومي ربما تنتهي بحبسهم لأعوام عديدة. وقبلهم، "شوكان" محبوسا لمنذ كثر من 100 يوم، وإسماعيل الإسكندراني منذ أكثر من 160 يوماً، وأحمد ناجي الذي يواجه حكم الحبس سنتين بتهمة خدش الحياء العام بسبب فصل نشر من روايته.


الجنون الذي يحرّك الدولة فيقودها نحو استغلال قوانينها لحبس المبدعين والكتاب وصل إلى درجة غير مسبوقة. لم تعد الفكرة في خلاف الرأس السياسي لمواجهة الحبس التعسفي، بل إن مجرد "الانتشار" الافتراضي كفيل بحبس صاحبه لعدد من السنوات.

وسط هذا الجنون والحصار والاتهامات الجاهزة بالخيانة والعمالة والتواطؤ وغيرها من الاتهامات المجنونة، ما زالت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" تعمل على الوقوف مع المدانين والمتهمين في قضايا تتعلق بالنشر أو استخدام وسائل الاتصال الحديثة.

واحد من الوجوه البارزة في المؤسسة، محاميها النشيط محمود عثمان، الذي تصدى للدفاع عن الصديق والزميل أحمد ناجي في قضيته- إلى جانب المحامي ناصر أمين- والآن هو محامي "أطفال شوارع" في الاتهامات الموجهة ضدهم.

يتحرك محمود عثمان على أكثر من جبهة، بعدما تحولت مشكلات الإبداع إلى قضايا جنائية. تحاوره "المدن" في محاولة لفهم تركيبة المشهد القانوني الحالي للقضايا التي صارت حدثا يوميا يهددنا جميعا..

* بداية.. هناك اعتقاد قوي بأن ما شهدناه من ملاحقات للكتاب والصحافيين والمبدعين خلال العامين الماضيين هو أمر غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث، لا في فترة حكم حسني مبارك ولا حتى وقت جمال عبد الناصر، هل هذا صحيح؟

- نحن، في مؤسسة "حرية الفكر والتعبير"، أسسنا بالفعل قاعدة بيانات عن الانتهاكات التي تطاول الصحافيين والمبدعين خلال الفترة الممتدة منذ العام 2007 حتى اليوم، واستطعنا توثيق 184 انتهاكا، أكثر من ثلثها في العام 2015 وحده. وهذا إن دلّ على شيء فعلى كيف أن الدولة ترى في وسائل الاتصال خطراً كبيراً على كيانها، وهو ما ظهر جليا في خطابات الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة، كان آخرها خطابه الأخير، فهو كرر الحديث عن خطورة الانترنت ووسائل التواصل. أعتقد أن هذا يدلل على التوجه العام للدولة تجاه حرية الإبداع.

* حوادث ملاحقة أصحاب فيديوهات نشرت في الإنترنت، وصلت إلى مداها الأقصى مع الأطفال المسيحيين الذين صوروا 28 ثانية للسخرية من "داعش" وحكم عليهم بالحبس ومؤخرا "أطفال الشوارع"، هل تستطيع توثيق متى بدأت هذه الملاحقة الافتراضية استناداً إلى القوانين؟

- ملاحقة أصحاب فيديوهات الإنترنت بدأت في العام 2014 بحادثة فجة جدا. شاب يدعى أحمد رفعت انتقد الداخلية بعد دعاوى إعادة هيكلتها، والتي كانت في حقيقتها مجرد حفلة وكرموا فيها راقصة. رفض الشاب الواقعة وعلق عليها في فيديو ونشره في الإنترنت، فتم الحكم عليه بالحبس لمدة سنة وخفف الحكم إلى 6 أشهر مع وقف التنفيذ، وغرامة. ومنذ ذلك الحين صارت قضايا النشر في الإنترنت من أولوياتنا، خصوصاً أنها لن تقف عند "أطفال شوارع".

* أنت محامي الدفاع عن مَن المحكوم عليهم أو المحبوسين حالياً؟

- إلى جانب الصديق أحمد ناجي، والراقصتين برديس وشاكيرا، وإسلام جاويش حين تمت ملاحقته أمنياً، ومؤخرا "أطفال شوارع"، أنا محامٍ لمجموعة من السيناريوهات التي تواجه تضييقا رقابيا أو أمنيا أو معروضة أمام المحاكم. منها مثلا سيناريو لكاتب يدعى أحمد عاشور، هو عبارة عن تحقيق استقصائي عن "ريا وسكينة" بتصور خيالي أنهما لم تكونا سفاحتين كما هو معلوم، واعتمد في بنائه على بعض الوثائق من دار الكتب والوثائق القومية. الرقابة في البداية طلبت تغيير العنوان وبعض التفاصيل في المضمون ووافق السيناريست الشاب على ذلك. وبدأ عاشور التصوير بالفعل، لكن أحد الأشخاص رفع عليه دعوى، وقال إنه يهين القضاء ومؤسسة الشرطة، لأن ريا وسكينة كانتا تعملان مع الإنكليز! وما زالت قضية هذا السيناريو أمام القضاء حتى الآن.

* كيف ترى المشهد الآن على المستوى القانوني، خصوصاً أن الكثير من هذه القضايا يُحكم فيها ضد المبدعين؟

- الفكرة العامة تتمثل في أن الدولة تعرف كيف تستخدم القانون لصالحها وصالح أهدافها فقط دون غيرها. وعلى سبيل المثال هناك 570 مادة من مواد قانون العقوبات تصل فيها عقوبات الحبس إلى أكثر من خمس سنوات في قضايا حرية الرأي، بعض هذه القوانين لم يتم العمل به منذ ثلاثينيات القرن الماضي. أخرجت هذه القوانين من توابيتها، رغم عدم دستورية الكثير منها، لتستخدمها الدولة كثيرا، خصوصاً في العام 2016. الترويع حاصل على مستويات متعددة، يكفي أن تعلم أن "أطفال شوارع" تُستخدم ضدهم مواد قلب نظام الحكم والإرهاب باستخدام وسائل التواصل. تخيل! قلب نظام الحكم!

* بالحديث عن عدم دستورية بعض القوانين، كان ذلك واحداً من تفاصيل دفاعك عن أحمد ناجي، استناداً إلى أنها مخالفة لصريح الدستور الذي يقضي بعدم عقاب المبدعين عقوبات سالبة للحرية. برأيك كيف يمكن التخلص من هذه القوانين؟

- الطرق "الشرعية" لذلك تتمثل في الآتي: رئيس الجمهورية يقترح ويرسل إلى مجلس الشعب، أو أحد الوزراء المختصين مثل وزير الثقافة مثلا يقترح ويرسل إلى المجلس. لا هذا ولا ذاك يحدث، وبصرف النظر عن رئيس الجمهورية، يطرح السؤال: لماذا لا يتحرك الوزير بدلاً من نهج "تسيير الأعمال" الذي يتبعه؟ أحياناً، إحالة المحاكم تغير بعض الأحكام الملزمة مثل القضية التي رفعناها لرفع الضبطية القضائية عن نقابة المهن التمثيلية.

* في حيثيات الحكم على أحمد ناجي، استدل القاضي في حكمه بمادة من الدستور تتعلق بالحبس في حالة مخالفة الآداب العامة، في ما يبدو مناقضاً لمواد حرية الإبداع، فهل هناك تناقض في مواد الدستور استغلّه القاضي؟

- القاضي في قضية أحمد ناجي استدل على وقائع غير موجودة على أرض الواقع، ومواد الدستور غير قابلة للتأويل والالتفاف. ما حدث أن أحمد ناجي لم يقم بفعل خادش للحياء كما يدعي القاضي، بل هو مجرد كاتب نشر فصلاً من روايته. وليس هو المسؤول عن النشر أيضاً. وبالطبع لا مواد يخالف بعضها بعضاً. الفكرة أن قضية ناجي لم تتوافر فيها الشروط الملزمة للعقوبة في مسألة خدش الأخلاق العامة إلا في خيال القاضي.

* هل تتعرض لمضايقات من أجهزة الدولة بسبب طبيعة عملك؟

- أتعرض لما تتعرض له كل المنظمات الحقوقية في مصر من تضييق وحصار يصعّب علينا عملنا وأحياناً إلى يؤدي إلى استحالته. لكن المشكلة الأفدح أن بعض الزملاء المحامين الذين يستقون معرفتهم بنا من أجهزة إعلام الدولة يتعاملون معنا بوصفنا مجرمين وخونة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها