الجمعة 2016/04/29

آخر تحديث: 19:19 (بيروت)

استبدلوا الأحمر بالصور الحية.. حلب تُباد

الجمعة 2016/04/29
استبدلوا الأحمر بالصور الحية.. حلب تُباد
increase حجم الخط decrease
المطالبة بحجب صور حلب المؤلمة عن الشاشة، مطلب كوزموبوليتي، لا أكثر. في لحظة مشابهة، يصبح حجبها تآمراً على المقتول، وعلى الذاكرة. فليرَ العالم آلامنا. فليسمع العالم صرخات أطفالنا. حلب تُباد، من كل الأطراف. وحجب صور ضحاياها وموجوعيها، يرضي المترفين فقط.

العالم أشاح بنظره عن الموت، فسكت، وذيّل تضامنه ببيان اعتراض لا يحجب البراميل والصواريخ الفراغية وقذائف الهاون وقذائف مدفع جهنم عن الاطفال. هذا العالم المفجوع على مشاعره، إذا مسّها دم يسيل من جبين أم، والمقشعر من غبار لون وجه ناجٍ من القصف، عليه أن يعي أن الألم متواصل. ولم يقدم أي مبادرة غير التعبير عن القلق. هذا العالم الذي يدعي السياسة، اثبت أنه لا يمارسها، إذا قارب القتل طفل، بل ينخرط في عمليات سياسية، متى وجد فرصة لاظهار توقه لاعلان النجاحات. ألم حلب اليوم، يا أيها العالم، يشبه كل آلامنا، في أسابيعها الممتدة من التاريخ، الى جميع آحاد القيامة.

حجب الصور، لا يمثل إلا فرصة لهذا العالم للتبرؤ من مسؤوليته. سيكون قادراً على القول إنه لم يرَ، ولم يسمع. حجبها، ليس إلا تآمراً مع القاتل، أياً يكن، لأنه سيطمر الألم، ويفتح مجالاً للتسويات، وسيوفر فرصة لكل المتآمرين بأن يناموا ملء جفونهم. فالذاكرة لا تغفو على صورة طفل يبكي، وأب يلطم راسه: "ما النا غيرك يا الله".

يمثل اللون الاحمر في صورة التعريف عن الناشطين في فايسبوك، إعلاناً صارخاً بأن حلب تُباد، وتدمر، وتخطى القتل فيها كل الألوان، وطاف الدم من الشاشات إلى المحافل الدولية. لكن هذا الأحمر، الثائر، المتمرد، المقتول، لا يكفي لاستنهاض العالم. لن يوقف امداد النفط عن الطائرات، ولا امداد البارود عن مدافع جهنم. هو يشبه تضامننا، كما كل العالم، مع مقتول يمعن بالقتل، متى لم يجد من يردعه. متى يصبح طلب إيقافه ملحاً؟ ألا يكفي الإعلان أن حلب غير مشمولة بالهدنة الجديدة، سبباً كافياً لايقاف القتل فيها؟ ماذا يريد العالم من استمرار القتل، والقصف المتبادل؟

بوسع الناشطين فعل الكثير. لقد فعلوا في وقت سابق، حين رُمي أطفال الغوطة بالكيماوي. لكن التضامن مع أطفال الغوطة، لم يمهّد لقرار أممي أدى إلى إخراج الكيماوي من التداول. صور الاطفال وحدها، دفعت مجلس الامن الدولي إلى الاجتماع واتخاذ القرار. واليوم، التضامن مع حلب وحده، عبر لعن العالم، وانتقاده، لن يكون كافياً لايقاف حمام الدم. حلب، كما سواها من المناطق السورية، تحتاج إلى صدمة تحرك العالم، إلى صورة حية، وصوت عالٍ.

استبدلوا الاحمر، والصور التعبيرية، بصورة حية. الشهداء الاحياء ضمير العالم المهتزّ. كذلك النساء الناجيات والشيوخ المتألمون. آن لحلب أن تُنقذ، بتحريك ضمائر المجتمع الدولي.  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها