الجمعة 2016/04/22

آخر تحديث: 12:42 (بيروت)

أفول نجم المدونات الفلسطينية

الجمعة 2016/04/22
أفول نجم المدونات الفلسطينية
المدونة الفلسطينية عبير قبطي
increase حجم الخط decrease
أين أصبح التدوين في فلسطين؟ يمكن القول إن هذا السؤال يحمل ما يكفي من الأسباب الموجبة لطرحه اليوم. ففي الوقت الحاضر لم يعد خافياً على أحد من متابعي المدونات، أفول نجم هذه الأخيرة. وذلك بعد سنوات من إنتشارها، الذي سمح بصعود فئة شبابية واسعة ساهمت، إلى حد ما، في "الإستغناء" عن المنصات الرسمية، أو القريبة من الجهات الرسمية من أجل التعبير الحر، في قضايا السياسة والفن والإقتصاد والاجتماع.

وإذا كانت المجتمعات العربية تتشابه لناحية تعاطيها مع مسألة الحكم والديمقراطية والقضايا الحقوقية والإنسانية، فإنها في فلسطين، تكتسب إضافة أخرى تمنح التعاطي مع مثل هذه المسائل منحاها الخاص. وعليه، فإن التدوين الفلسطيني، وإن إشترك مع التدوين العربي في عدد من المتشابهات، فقد بقي له نكهة خاصة.

لعل أحد الأمثلة على ذلك مدونة الشابة الفلسطينية عبير قبطي، التي أنشأتها عام 2007. يتنوع محتواها بين الاجتماعي والسياسي والحقوقي والثقافي، لكن الوجه الأبرز في عمل قبطي، هو محاولتها الدفع بخطابها إلى تخطي الدائرة العربية "الضيقة"، وتفعيله ليكتسب زخماً من خلال نقله إلى الغرب بلغته ثم النقاش في فحواه.

هكذا، تتصدر نصوص عن حقوق المرأة والتمييز الجنسي وتجريم الذكورية، فضلاً عن لفت النظر إلى النشاط النسوي الذي يدمج بين النضال الحقوقي والدفاع عن القضية الفلسطينية.

تقول قبطي لـ"المدن": "منذ البداية لم تكن لمدونتي هوية واحدة، بل كانت متغيرة وفق موقعي الجغرافي، نشاطي السياسي أو الاجتماعي، اهتماماتي وغيرها، وكذلك نمط الكتابة، فأحياناً أكتب تحقيقاتٍ صحافية، آراء وتحليلاتٍ سياسية، أخباراً، تعليقات، أنشطة، وغيرها، إضافة إلى الصور، أكتب بالعربية، الفصحى غالباً والعامية أحياناً، وكذلك الإنكليزية. من هنا،فإن مضمونها متنوع جداً".

أفول نجم المدونات هو الخلاصة التي خرجت بها قبطي بعد 9 سنوات من التدوين. وترى أن ضعف المدونات بدأ بعد ازدياد شعبية مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها للتغيير السياسي والاجتماعي". وبالرغم من أن هذه المواقع لعبت دوراً في الدول التي شهدت حراكات شعبية، حيث "أثرت هذه المواقع على ثقافة الكتابة والقراءة وكيفية استهلاك الأخبار وغيرها"، فإن التدوين كان اللبنة الأولى التي أسست لثقافة التعبير الحر والخروج على الإعلام الخاضع لضوابط السلطة ومحرماتها.

لكن، يبدو أن المشكلة ليست في وجود بديل فحسب، بل لأن هذا البديل قد أرسى سريعاً طرقاً تقنية أخرى أمضى من التدوين، حيث الانتقال من النصوص الكبيرة التي لا تستهوي إلا محبي القراءة، إلى "النصوص القصيرة التي أضحت الأسلوب الشائع للتعبير عن الرأي، فتم استبدال قراءة المقالة المطولة حول موضوع معين، بقراءة نصوص قصيرة وسريعة حول مواضيع عدة"، بحسب قبطي.

ولم يتمكن المدونون من الركون إلى مدوناتهم كمكان وحيد للتواصل، حيث لجأوا إلى "الكتابة في مواقع تابعة لوسائل إعلام، أو لمشاريع تدوين جماعية. وهذا أضعف التدوين على المواقع الخاصة".

إلى هذين السببين، هناك سبب ثالث، هو وفق قبطي: "الفوضى والفائض في المنشورات. سواء في المواقع الكترونية أم في مواقع التواصل. لم يعد عقل الإنسان قادراً على استيعاب كل شيء، والمدونات لم تعد قادرة على الصمود أمام المنافسة".

تلعب مواقع التواصل دوراً سلبياً بالنسبة إلى لمدونين، فهي "تحرق كثيراً من الوقت الذي يمكن استغلاله للكتابة. وأرى أن مواقع التواصل أوجدت ثقافة القراءة السطحية والسريعة، التي لا تصلح للمدونات".

لكن، رغم ذلك، فإن العلاقة بين التدوين ومواقع التواصل الاجتماعي ليست على هذا القدر من السوء. وجود عالم مشرع النوافذ ليس سيئاً بالضرورة. فقد يكون مصدر أفكار ومواد وطروحات تستحدق الكتابة والنقاش، وهو ما تؤكده قبطي التي ترى أن "ثمة علاقة إيجابية مع مواقع التواصل، لأنني في العديد من الأحيان استقي المعلومات والأفكار منها، أو قد يستفزني منشور في فايسبوك فالجأ إلى المدونة للكتابة، وعندما أكتب أحتاج إلى نشر التدوينة على مواقع التواصل لتصل إلى الناس".

صحيح أن بعض المدونين والمدونات، قد أدوا قسطاً لا بأس به، في تفعيل النقاش حول العديد من القضايا الحساسة، لكنهم، وفق قبطي، "لم يلعبوا دوراً خارقاً في عالمنا العربي". وتعزو ذلك إلى كثير من الأسباب من بينها الفجوة الرقمية". لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بالفضل لجزء منهم "ساهم في التأثير على الرأي العام في بعض الأماكن، من خلال كشف المعلومات، أو ترتيبها بطريقة تصل إلى جمهور أوسع، وأحياناً لفت أنظار الإعلام التقليدي إلى قضايا عينية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها