السبت 2016/03/26

آخر تحديث: 14:12 (بيروت)

مصر: جردة للانتهاكات الحقوقية.. وأحمد ناجي رأس هرم الجليد

السبت 2016/03/26
مصر: جردة للانتهاكات الحقوقية.. وأحمد ناجي رأس هرم الجليد
ليست قضية الكاتب أحمد ناجي إلا رأس هرم الجليد في سلسلة الانتهاكات للحريات العامة
increase حجم الخط decrease
بات من الصعب أن يمر يوم من دون أن تشهد مصر أحداثاً تتعلق بالحريات والتضييق عليها.
دائرة الممنوعات تتسع يومياً، ومحاربة المعارضين من ناشطين ومثقفين وإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني وحتى برامج تلفزيونية، تمارس وفق عدد كبير من اللوائح والقوانين، التي تجعل الأمر يبدو ذريعة قانونية بعيداً من السياسة.

ليست قضية الكاتب أحمد ناجي، إلا رأس هرم الجليد في سلسلة الانتهاكات للحريات العامة التي طالت صحافين ومثقفين ومدونين وناشطين مدنيين. الزميل ناجي، ينفّذ اليوم عقوبة بالسجن عامين بتهمة "خدش الحياء العام". وعلى الرغم من أن الدستور المصري ينص على حماية حرية التعبير، إلا أن المحكمة اعتبرت أن كتاب ناجي، "استخدام الحياة"، يحتوي على ألفاظ خادشة للحياء تدعو لنشر الرذيلة والفجور.

ترصد "المدن" هنا، سلسلة الانتهاكات الحقوقية التي طالت جوانب الحياة العامة في مصر، منذ أواخر عهد الرئيس حسني مبارك حتى الآن.


الصحافيون والبرامج التلفزيونية

منذ تسلم الرئيس عدلي منصور الحكم، ثم انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، تم إيقاف نحو 9 برامج تلفزيونية، من ضمنها برنامج باسم يوسف، أبلة فاهيتا، جمع مؤنث سالم، آخر النهار، وبرنامج "مع إسلام"، الذي يقضي مقدّمه إسلام البحيري عقوبة سجن عام، بتهمة ازدراء الأديان، بسبب انتقاده كتب التراث الإسلامي.

لائحة التضييق على الحريات في مصر لا تنتهي، وعدد كبير من المتظاهرين قتل من دون محاسبة قوات الأمن المسؤولة عن وفاتهم، ولعلّ أشهرهم شيماء الصباغ. مئات الشباب والفتيات والناشطين الحقوقيين، يقبعون خلف قضبان السجن منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي. والتهم دائماً جاهزة: إهانة السلطة، المشاركة في تظاهرات، دعم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وغيرها.

المعتقلون والمحكومون بسنوات من السجن بسبب خرق قانون التظاهر، كثر من بينهم أحمد دومة، محمد عادل، هند نافع، علاء عبد الفتاح، ماهينور المصري، أحمد ماهر، وغيرهم الكثير، وبعضهم ينفّذ حكماً بالسجن 15 عاماً. بالإضافة إلى الاعتقالات التعسفية والانتهاكات أثناء الاحتجاز، والعنف الجنسي والتعذيب في مراكز الاحتجاز وحالات الوفاة تحت التعذيب، التي قام مركز النديم سابقاً، بتوثيق عدد كبير منها.


الكتاب والمراكز الثقافية

بداية حملة التضييق على المراكز الثقافية كانت مع منع احتفالية الفن ميدان، التي كانت تقام في ميدان عابدين، في آب/ أغسطس 2014. قبل ذلك وجهت وزارة التضامن الاجتماعي إنذاراً للكيانات التي تعمل في الميدان الأهلي وليست مسجلة لدى الوزارة، ومعظم هذه المؤسسات مستقلة مسجلة كشركات أو كمنشآت فردية، لأن طبيعة نشاطها لا يتسق مع قوانين الجمعيات التي تتطلب تراخيصاً في كل مرة يتم فيها تنظيم حفل موسيقي أو عرض مسرحي أو معرض تشكيلي.

إجراءات السلطات وصلت إلى حد مداهمة عدد من المؤسسات الثقافية، والعبث بممتلكاتها وإغلاق بعضها، كما حدث مع غاليري تاون هاوس، مسرح روابط، ودار ميريت للنشر. واقتحمت قوات أمنية شركة زيرو برودكشن، ومركز الصورة، وتم القبض على بعض العاملين في هذه المؤسسات لفترات قصيرة.

كل ذلك حصل بذريعة وجود مخالفات إدارية وقانونية إن صحت، لا تقتضي إغلاق أي من هذه المراكز. وشملت المخالفات حيازة برمجيات غير مرخصة، وانقضاء تراخيص الدفاع المدني، ومخالفة قوانين العمل، فضلاً عن ذريعة "خدش الحياء العام"، كما في حالة أحمد ناجي.


مؤسسات المجتمع المدني


في الآونة الأخيرة، تم استدعاء مؤسسة نظرة للدراسات النسوية رسمياً ووجهت السلطات عدداً من التهم لمؤسستها ومديرتها مزن حسن، مع 3 آخرين من الموظفين. نظرة أعلنت أن هذا "التحقيق يتبع نمطاً يسعى إلى استهداف المنظمات غير الحكومية، الذي بدأ عام 2011. وقد تصاعدت هذه الهجمات في الآونة الأخيرة، لإغلاق المساحات العامة من طريق إجراء حملة تطال منظمات المجتمع المدني المستقلة".

في شباط/ فبراير الماضي، أصدر مسؤولو وزارة الصحة المصرية أمراً بإغلاق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، كونه يؤدي عملاً غير مرخص، رغم أنه مسجّل كعيادة طبية منذ عام 1993.

وعزت الحكومة هذه الإجراءات إلى القضية رقم 173/2011 من عام 2011، والمعروفة في وسائل الإعلام بقضية "التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية". وبدأ التضييق على مؤسسات المجتمع المدني عام 2014، حين أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي إمهال جميع المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية حتى 2 سبتمبر/أيلول 2014، للتسجيل بموجب القانون 84/2002. وقد اختارت بعض المنظمات التسجيل كمكاتب محاماة أو كشركات لا تهدف للربح، وليس كجمعيات بموجب هذا القانون.

















القانون، الذي صدر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، رفضه المدافعون عن حقوق الإنسان، واعتبر مخالفاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ورأت فيه إجراء تقييدي يعمل على إطلاق يد الحكومة تقريباً في إغلاق أي منظمة أو تجميد أصولها أو مصادرة ممتلكاتها، أو رفض المرشحين لمجلس إدارتها، أو وقف تمويلها، أو رفض طلباتها بالانتساب إلى المنظمات الدولية.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" حينذاك، إن "قيام حكومة السيسي بمطالبة المنظمات بالتسجيل بموجب قانون 2002 سيء السمعة، ليس سوى أمراً موجهاً إليها بالتنازل عن استقلالها، إذ لا يوجد سبيل لتسجيل منظمة بموجب القانون 84 والاستمرار في اعتبارها مستقلة عن الحكومة".
واتهم رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد وقتها، الحكومة بـ"الرغبة في السيطرة التامة على المنظمات الأهلية وتحويلها من منظمات غير حكومية، إلى كيانات شبه حكومية خاضعة للأجهزة الأمنية والإدارية، تصبح الحكومة هي المدير الفعلي لها". عيد بدوره، فوجئ في آذار/ مارس الجاري بقرار منعه من السفر والتحفظ على أمواله، من دون توجيه اتهام رسمي له. كما ضمّت اللائحة حسام بهجت الصحافي ومؤسس "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، الذي منع من السفر وتم تجميد أصوله. أيضاً منعت المحاكم والنيابات وأجهزة الأمن 10 نشطاء حقوقيين على الأقل من السفر في الأسابيع الأخيرة، بينهم محمد لطفي مدير "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، و4 عاملين في "المعهد المصري الديمقراطي"، وأبو بكر خلاف نقيب الإعلام الإلكتروني، وغيرهم.

وشملت القضية، 16 منظمة غير حكومية منذ 2011، وأسفرت عن الإدانة والحكم بالسجن على 43 من الموظفين الأجانب والمصريين، العاملين في المنظمات غير الحكومية في عام 2013. واضطر "المعهد الوطني الديمقراطي" و"المعهد الجمهوري الدولي" و"فريدوم هاوس" و"المركز الدولي للصحافيين" و"مؤسسة كونراد أديناور" لإغلاق مراكزها في مصر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها