الثلاثاء 2016/03/22

آخر تحديث: 18:56 (بيروت)

إسرائيل تتسلل "بالعربية"

الثلاثاء 2016/03/22
إسرائيل تتسلل "بالعربية"
اسرائايل تستدرج العرب للنقاش
increase حجم الخط decrease
"الإرهاب الفتاك لا يميز بين قومية أو عرق أو دين. في الاعتداءات التي وقعت في اسطنبول ويافا وباريس حصد الإرهابُ أرواح أبرياء من السياح لا يمتّون للنزاعات بصلة. الله يكفي العالم شر الارهاب".

بهذه الكلمات، أرادت صفحة "إسرائيل بالعربية" في "فايسبوك"، التحدث بلسان مستنكر الإرهاب. فعل الاستنكار بوصفه رد فعل إنساني، عملت إسرائيل على تطويعه ليتحول إلى أداة تفتعل المساواة بين الضحايا. حاولت أن تقارب بينهم، بافتعال واضح، لاثبات "المظلومية" الإسرائيلية وترويج أن المستوطنين هم ضحايا أيضاً، بصرف النظر عن سياق التفجيرات والأعمال الارهابية في اسطنبول قبل أيام، وباريس العام الماضي، وحوادث قتل الإسرائيليين في يافا.

هذه الخطوة الإسرائيلية هي جزء من سياسة تتبعها السلطات الإسرائيلية منذ أن قررت دخول مواقع التواصل الاجتماعي، متوسلة التخاطب مع الخصم بلغته. لم تنفك إسرائيل تخاطب أعداءها بلغتهم.

لعل الجديد هو أن لغة التخاطب عبر "تويتر" و"فايسبوك" تخطّت جانب التهديد والوعيد القديم. أدوات التخاطب صارت أكثر قرباً من ثقافة الخصم، وذلك من خلال استخدام مفردات على صلة بموروث الخصم الثقافي والسياسي. من هنا، يمكن القول إن المسألة ليست عابرة. فهي تتيح التفاعل مع ما يُنشر والتأثير في فئات عربية واسعة.

هذا ما تسعى إليه إسرائيل، سواء حققت مبتغاها أم لا، فإن الأمر يبقى نسبياً، وذلك في ظل وجود تفاعل ملحوظ مع ما يُنشر على صفحة "إسرائيل بالعربية". فقد علق أحد المواطنين العرب على منشور "إرهاب بلا حدود" قائلاً: "بالدليل القاطع الارهاب لا يميز بين مسلم ومسيحي ويهودي. كلنا مستهدفون".

لكن هذا لا يعني أن كل منشور على الصفحة لا يتحول إلى ساحة نقاش، كما في المنشور نفسه، حيث يمكن للمتابع العثور على جملة من الردود التي تقول صراحة إن ما تفعله إدارة الصفحة لا ينطلي على كثيرين، ولاسيما من الفلسطينيين.

لا يمكن بأي حال من الأحوال استبعاد الهدف الدعائي لإسرائيل، من وجود هكذا صفحات وحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي. ذلك أنها تعمل من خلال الدعاية على التقليل من قدر الخصم وإلقاء عبء الصراع فوق كاهله.

ومن الموقع الأرزق إلى "تويتر"، حساب آخر بالإسم نفسه. "إسرائيل بالعربية"، هو منصة أخرى للسلطات الإسرائيلية التي تخاطب عبرها أكثر من 62 ألف متابع عربي، من خلال الصور ومقاطع الفيديو والتغريدات.

اللغة نفسها في "تويتر" تتكرر. الترويج المتقن لعناوين مثل المحبة والتسامح. فالتغريدات التي تزخر بهاتين الدعويين ليستا مجردتين، تشبه ثرثرة لا تلبث أن تتلاشى، إذ غالباً ما تكون مرفقة بخبر يمنح الكلام وقعاً على مستمعيه. من جملة هذه التغريدات خبر فوز الفلسطينية حنان الحروب بجائزة أفضل معلم في العالم لعام 2016. وقد أُرفق الخبر بتغريدة: "إسرائيل تكن كل الاحترام والتقدير لمن يساهم في تربية جيل جديد مبني على المحبة، بدلاً من التحريض. الله يكثّر من أمثالك حنان".

الدعوة صريحة إلى الكف عما يسميه الإسرائيليون تحريضاً. هكذا، "ليكثر الله من أمثال حنان"، ليصبح دور المعلمة الفلسطينية تخريج دفعات من "المتسامحين" و"المحبين"، فضلاً عن اللعب على التقارب الديني بين اليهودية والإسلام.

في النسخة العربية، تعمل الصفحات على الترويج لإسرائيل بوصفها الواحة الآمنة في ظل محيط ملتهب. يمكن إدراج خبر تهريب يهود يمنيين إلى إسرائيل في هذه الخانة. ويبدو هنا أن العمل لا يقتصر على إظهار إسرائيل بوصفها حامية اليهود، بل رسالة بمفعول رجعي تخاطب اليهود العرب الذين هاجروا إلى إسرائيل. كأنها تقول لهم إنهم وقعوا على الخيار الصائب مبكراً جداً.
ليس آخر القضايا التي تشغل العرب، إعلان أكراد سوريا منطقة إدارة ذاتية. المدخل عبر "تويتر" كان معايدة الأكراد بعيد النوروز، الذي لقي تفاعلاً كردياً كبيراً.

من جملة الأهداف التي تعمل عليها "إسرائيل بالعربية" بمؤازرة مواقع إسرائيلية باللغة العربية، النيل من المنتفضين في فلسطين، وذلك عبر تحويلهم إلى ما يشبه قاطعي طرق، مع أسلوب لافت في ملامسة الموروث الثقافي العربي، ومنها صورة الرجل العربي البطل، حامي البيت والعرض، والذي لا تسمح له رجولته بالتعرض للنساء.

من فلسطين إلى العرب، يسعى "إسرائيل بالعربية" إلى خلق جو من النقاش بين العرب في "تويتر" و"فايسبوك" حول ما كان إلى وقت قريب من البديهيات السياسية. ومنها ما الفرق بين إسرائيل والدول العربية؟ أليست بعض الدول الإقليمية والأحزاب العربية أكثر خطراً على العرب من إسرائيل؟ ثم أليست إسرائيل تواجه الإرهاب الذي يضرب العرب أيضاً؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها