الأحد 2017/01/01

آخر تحديث: 14:09 (بيروت)

روسيا 2016: الدعاية نصف القوة

الأحد 2017/01/01
روسيا 2016: الدعاية نصف القوة
الاعلان عن الانتكاسات أكسبها ثقة لدى الاعلام الغربي (سبوتنيك)
increase حجم الخط decrease
لم ترفع وسائل الاعلام الروسية، بلادها، من العتمة الى الضوء العالمي فحسب. فالقوة التي اتسمت فيها البلاد، بعد وصول الرئيس فلاديمير بوتين الى السلطة، رفدت وسائل الاعلام بجانب منها. وكما السياسة والقوة العسكرية، بات للاعلام الروسي دور خارجي، شهد أكبر تجلياته في العام 2016. 

مؤشرات الدور الروسي، يُقرأ من الانتقادات الاوروبية لوسائل الاعلام الروسية، والدعوات لحجبها، وفي بعض الاحيان لمكافحة دعايتها، وهو ما دفع بوتين للتنويه بدورها وتكريمها. فالاعلام الروسي اليوم، ليس ذراعاً دعائياً للنهضة الروسية العالمية فحسب، هو كسر للاحتكار الغربي للضخ الاعلامي، حيث صنع ما يشبه التوازن الاعلامي في الساحة العالمية، ليكون صدى لمحاولات موسكو أن تكون قوة موازية. 

أيقنت موسكو، قبل خمس سنوات، الدور الهام الذي تضطع به وسائل اعلامها للترويج لها. من غير إعلام، لا يمكن أن تحقق تواجدها، وتثبيت نفوذها، وإخافة خصومها وتهديدهم. ادراكها للاستراتيجية القائلة بأن "الدعاية نصف القوة"، دفعها في السنوات الماضية الى اطلاق نسخات عالمية من وسائل اعلامها. فظهرت "روسيا اليوم" الناطقة بالانكليزية، والعربية.. وغيرهما من اللغات. وقطفت ثمار ما صنعت في العام 2016. 

ابرز ادوات الحرب الدعائية الروسية، كشفتها معركة حلب. ضخّ الاتهامات المتواصل لدول اوروبية، وللولايات المتحدة الاميركية، ومجلس الامن أيضاً، دفع وسائل إعلام غربية للتشكيك بالرواية السورية المعارضة، وكسر احادية التعاطف مع السوريين. وبدلاً من أن تضطلع وسائل الاعلام الغربية بدور الدفاع عن المدنيين في حلب، سكنت هاجس "الحيادية" و"التوازن"، في مقابل الضخ الروسي الاعلامي المتواصل.. وحولت جهودها للدفاع عن موقف الدول الغربية. 

فقد كرست روسيا مجموعة مصطلحات في وسائل اعلامها، بدلت الى حد كبير في المواقف الدولية. إذ اتهمت الاتحاد الاوروبي بـ"تشجيع المجموعات المسلحة"، بينما اتهمت المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا بأنه يسعى للتوصل الى حلب بهدف "اعادة ضخ المسلحين"، ومنحهم فرصة لالتقاط الانفاس. ولم تنفك عن اتهام واشنطن بأنها "غير جادة في محاربة الارهاب"، وأنها تريد "كسر الجيش السوري". ووسعت دائرة الاتهامات الى دول عربية، زاعمة انها "تدعم جبهة النصرة". 

الضخ بالمصطلحات، وتنميط صورة عن الاطراف الغربية المعنية بالازمة السورية، دفعت وسائل الاعلام الغربية للانشغال بالرد والدفاع، بينما دفعت السياسة الدولية لاثبات عكس ما تدعيه موسكو. هنا، كان التبدل في المواقف الدولية التي التزمت الحياد، وأكدت ادانتها لعمليات اقصاء المدنيين والتنكيل بهم، وهو ما يُقرأ على أنه فرض توازن روسي في التغطية. 

في المقابل، قضت وسائل الاعلام الروسية على محاولات كشف دعايتها، عبر ايكال وسائل الاعلام الروسية لنفسها مهام "الكشف عن زيف الادعاءات الغربية"، وهو ما ظهر في تقرير أعدته "روسيا اليوم" تحت عنوان "بروباغاندا حربيّة هائلة لتشويه سمعة الجهود الروسيّة في محاربة الارهاب داخل سوريا". 

على أن الدعاية الروسية، في هذا الصدد، لم تكن إلا صدى لقرار سياسي يتحرك على مستويين: المستوى العسكري بالانخراط المباشر في الميدان السوري، والمستوى الاعلامي الذي يواكب الحدث. بذلك، عوّضت وسائل الاعلام الروسية عن ضعف التأثير لدى وسائل اعلام النظام السوري، بخلق صور نمطية وتعميمها على العالم، بفضل انتشار وسائل الاعلام الروسية، وتقديم نفسها على أنها تكشف الرأي الآخر، وتكشف ما يخفيها الاعلام الغربي. 

التغطية في سوريا، جزء من مهام تضطلع بها وسائل الاعلام الروسية لمقاربة الملفات الروسية وتعميمها في العالم. وأكثر من ذلك، حملت على عاتقها مهمة الكشف عن "القوة" الروسية العسكرية. وقد اكتسبت جمهوراً واسعاً في الغرب، نتيجة الاعلان عن "الانتكاسات" الى جانب "الانجازات". فبث أنباء عن تحطم طائرتين أثناء هبوطهما على حاملة الطائرات في المتوسط، يزيد من ثقة الجمهور المتابع بوسائل الاعلام، فيرى انها "حيادية" وأن تغطيتها "متوزانة". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها