الخميس 2016/12/22

آخر تحديث: 18:43 (بيروت)

الطفلة فاطمة.. نُحرَت أربع مرات

الخميس 2016/12/22
الطفلة فاطمة.. نُحرَت أربع مرات
زُوّجت في عُمر سبع سنوات، وأُجبرت على الانتحار، وكتبت وصيتها، وفجَّرت نفسها
increase حجم الخط decrease
الوجع يا فاطمة (9 سنوات)، وجعان. أولهما دفعك للانتحار، بقوة "الوصاية الابوية"، وثانيهما تزويجك بعمر السبع سنوات، بـ"الاكراه" بالتأكيد. فطفولة فاطمة (9 سنوات) التي لم تكتمل معالمها بعد، والمخبأة بخفر تحت عباءة سوداء، لا تتسع لكل تلك الضغينة، من سفاح يتلطى بالدين، ويحمل زوراً اسم "الاب".
مراجعة مقطع الفيديو مرة، واثنتين، وثلاثاً، تضيف الاعباء الى صدر متتبعيه. لم يعد المشاهد يُفاجأ بحجم ممارسات الجماعات المتطرفة، تجاه الآخر. النقيض لهم عقائدياً وسياسياً وفكرياً. لكن تحويل أهوال الحقد في اتجاه أطفال، لا ذنب لهم ولا حول ولا قوة في الصراع، بغرض الاقتصاص السياسي، فإنه تخمة في البؤس، وتراكم لا يوصف من الاحقاد، على طفلة يفترض أن تكون "فلذة الكبد"، أولاً وأخيراً. 

انتشرت شائعة تقول إن موقع "فايسبوك" حظر الفيديو الذي انتشر ظهر الاربعاء، ويظهر والد الانتحارية يقنعها وشقيقتها بتنفيذ عملية انتحارية. سرعان ما يقود البحث الى أن الحظر غير كامل. ما زال الفيديو ينتشر، ويوثق أهوال أب قاد ابنتيه الى الانتحار. وقسوة أم، جهزت ابنتها لتفجير جسدها، تصفية لحساب سياسي. وقد حمّلهما الأب في حساباته في "فايسبوك"، في ما يبدو رداً على أنباء تحدثت عن أن الطفلة كانت تحمل عبوة على ظهرها، وتم تفجيرها عن بُعد.. وبذلك، يوصل الاب رسالة التنظيمات الارهابية، بأنها تخترق الإجراءات الأمنية في العاصمة السورية. 

تعرّض مئات الآلاف لمقطعي الفيديو، وشاهدوه بألم وغضب. ولم يكن بوسع المغردين الغاضبين، الا السؤال: "لماذا لم ينتحر هو بنفسه، أو تنتحر الأم، بدلاً من الطفلة"؟ 

السؤال منطقي بالتأكيد. ذلك ان ملامح الطفلتين في حضن والدهما، أثناء اصغائهما لتعليماته، تكشف حجم الفاجعة. فاطمة مترددة. قلقة. خائفة. لا تمتلك قدرة على الرفض، أو الاعتراض. تنفذ ما يمليه والدها الذي يبدو معنِفاً. يستحيل أن تُقاد طفلة الى حتفها، من غير خوف مسبق. تشرد بنظرتها، أثناء ملاطفتها في محاولة اقناعها. لا تعرف مما يقوله الأب إلا كلمة "الله أكبر". كلمة حفظتها عن ظهر قلب، جراء التعرض لإملاءات من "الوصيّ". ذلك الوصي الوحش، الذي زوجها لآخر بعمر 10 سنوات، وما كانت قادرة سوى على ذكر ذلك القتل المعنوي المبكر في وصيتها. 

كيف يمكن لطفلة أن تكتب وصية؟ ماذا تملك من وصايا أصلاً؟ كيف تكتب انسياقها للإعدام وتلونه بحبر ملون؟ كيف يمكن لها أن تحدد اسمها، وتغلق النظر عليه، ثم تحدد ورقة الوصية بألوان أخرى؟

لقد نُحرت فاطمة أربع مرات. حين تزوجت زواجاً مع وقف التنفيذ، بالنظر الى ان زوجها المفترض اختفى حين كان عازماً على تنفيذ عملية انتحارية. ونُحرت مرة ثانية حين وجدت نفسها مضطرة للاستماع إلى والدها.. ومرة ثالثة حين كتبت وصيتها، ورابعة حين أُجبرت على تنفيذ عملية انتحارية. 

لكن من غير هذه الفظاعة، ما كان ليُعرف أن تكفيرياً يخطط لعمليات في قلب مدينة دمشق. فظاعة الفعل، صنعت حيثيته الاعلامية. بات مشهوراً، ولو على أشلاء طفلته. جذب أنظار العالم اليه. وأجبر وسائل الاعلام على التعاطي معه، بجدية، خارج صورته كتكفيري مجرم، وقاتل أطفال. "الدعاية السيئة هي دعاية حسنة"، بنظر الرجل القاتل. وقدم خدمة لجماعته المتطرفة للبناء على الحادثة بوصفها "اختراقاً أمنياً في عقر دار النظام السوري". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها