الخميس 2016/12/22

آخر تحديث: 18:37 (بيروت)

"إم تي في" و"الجديد": كل تلفزيون خفير

الخميس 2016/12/22
"إم تي في" و"الجديد": كل تلفزيون خفير
increase حجم الخط decrease
في خطوة تصعيدية مفاجئة، قررت قناة MTV، تحويل المناوشات الإعلامية مع قناة "الجديد"، إلى حرب "جهاديّة" شنتها على زميلتها متهمةً إياها، في تقرير  أعده رامي نعيم وأذيع في نشرة الأربعاء المسائية، بـ"إهانة النبي محمد" و"إثارة النعرات الطائفية"، واضعةً الموضوع برسم مفتي الجمهورية ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، والدولة اللبنانية، مُطالبةً إياها بمحاسبة "الجديد" لردعها. 
بذلك تكون "إم تي في" قد نقلت نفسها من موقع المتهَم بالعنصرية، ومراراً بالطائفية، إلى موقع المتهِم هذه المرة. كما أنها، بمسارعتها لإظهار غيرتها المفرطة على الدّين واستنكارها الشديد لما أسمته إزدراءه، نصبت نفسها قائدةً لحملة الدفاع عن النبي ونصرة الإسلام، بعدما قادت، قبل أسبوعين، حملة الدفاع عن الأرزة والمطالبة بسحب الجنسية اللبنانية عمن اتهمتهم بتحقيرها.

"ام تي في" هذه المرة، كما "الجديد" في مرات سابقة، تحاول تطبيق المبدأ الذي وضعه وزير الداخلية الأسبق مروان شربل: "كل مواطن خفير". اليوم باتت الشاشتان "خفيرين" لصالح السلطة الأمنية، لجهة "الوشاية" بالآخر، مرة بتهمة "الاعتداء على المال العام" وفق اتهامات "الجديد" لـ"أم تي في"، واليوم بتهمة "ازدراء الاديان"، في حالة "إم تي في" ضد "الجديد". 

في الواقعة، أنه وفيما كان، ضيف التقرير عبر الهاتف، رئيس هيئة علماء المسلمين، يحاول ترك مجال لتُهمة "الغباء" بالتسبب بهذه الإساءة، قاطعه محاوره ليستخلص جازماً أن ثمة تعمّداً في الموضوع، خاتماً كلامه بالتمني أن يكون بإمكانهم ضبط الشارع. وقد بدا التقرير، لغته ونبرته، كما لو كان يحرض الشارع على التحرك لنصرة نبيهم والدفاع عن دينهم، تاركاً المشاهدين يتساءلون: ما الذي يرمي إليه؟ وهل غاب عن ذهن معدّه أن تحريضاً مماثلاً هو تحريض على القتل؟ 

سرعان ما ظهرت الاستجابة من الشارع، بعد يومين على عرض حلقة "للنشر"، حيث تداعى كثيرون الى التغريد تحت هاشتاغ #الا_محمد، فيما تحركت البيانات في طرابلس، ضد "الجديد". ووصل التقرير إلى حيث رَمى منذ بدايته، قافزاً قفزة بهلوانية من نُصرة الدين إلى نصرة القضية التي تهم "إم تي في"، وهي الإنتقام لنفسها وإحراز نصر مبين على غريمتها، عبر الاسترسال في تعداد ما سمّته تلفيقات "الجديد" بحقها. 

الطريف في الأمر أن التقرير حرص على عرض بعضٍ مما قاله النائب هاني قبيسي لـ"الجديد" على شاشتها، والذي تضمّن اتهامات تقارب تلك التي تسوقها قناة "إم تي في"، في محاولة واضحة لدعوة جمهور "حركة أمل" لمؤازرتها في الحرب التي شنتها، والتي أباحت لنفسها فيها استعمال كل أنواع الأسلحة، بما فيها التضليل والتلفيق، لتكون بذلك قد نهت عن خُلُق، ثم أتت مثله!

ذلك أن اتهاماً مماثلاً من شأنه فتح نار جهنم، في الدنيا قبل الآخرة، في وجه المحطة وبرنامج "للنشر". فقد سارعت "الجديد" للدفاع عن نفسها في تقريرٍ  كررت بثه وثبتته في أعلى صفحتها في "فايسبوك" لإيضاح ملابسات الموضوع. ليظهر بكل وضوح أن الحلقة المتهمة، قد رفعت شعار "إلا محمد"، فعلاً لا قولاً، قبل أن ترفعه ضدها حملة استعملته عنواناً لهاشتاغ ظهر الإثنين بعد بث حلقة "للنشر"، وظل كامناً، لسبب غير واضح، إلى ما بعد نشرة أخبار "إم تي في" مساء الأربعاء. والمحطة دافعت عن نفسها بالقول إنها جزء من "جبهة دفاع عن سيرة النبي الشريفة"، وكركي غردت معبرةً عن خيبتها لأنها وُوجهت بالتحريض عوضاً عن تهنئتها على اكتشافها ومحاربتها مثل هذه القنوات، التي تفتح الهواء لمذيعة مثل آمال مصطفى، والتي تقدم نفسها على أنها مسيحية تركت الإسلام لفظاعته، وتوجه دعوة إلى الفتيات المسلمات ليفعلن مثلها. 

البرنامج استضاف المذيعة المصرية، لمحاسبتها ومحاكمتها ومحاولة لفت النظر إلى ما تروجه القناة التي تعمل فيها، من "إساءات" للإسلام وللنبي. وقد استضاف البرنامج رجلَي دين، أحدهما مسلم لمواجهتها، والآخر مسيحي للتبرؤ منها. 

المفارقة هي أن "أم تي في" أدخلت في تقريرها المقاطع "المسيئة" للنبي وللدين، تماماً مثلما فعل برنامج "للنشر" لتفنيدها والرد عليها. فإذا كان ناقل الكفر كافراً فما الفرق بين المحطتين؟ 
يبقى أن القناتين تصرفتا كخفيرين، فساهمتا عندما نصبت كل منهما نفسها حارسة للدّين، في نشر ثقافة الحروب المقدسة، دفاعاً عنه، وفي تغذية شعور الناس بالإهانة كلما قال أحد كلمة مسيئة عن معتقداتهم، وهي تهمة فضفاضة حمّالة وجوه، وتعانيها مصر بشكل مزمن، بدليل الدعاوى القضائية الكثيرة من هذا النوع في أروقة محاكمها. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها