الإثنين 2016/12/19

آخر تحديث: 18:12 (بيروت)

السلطة تبتكر النكات.. لكن على مَن يضحك اللبنانيون؟

الإثنين 2016/12/19
السلطة تبتكر النكات.. لكن على مَن يضحك اللبنانيون؟
النكتة عرفاً، هي تحوير للأزمة، وتعايش معها (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
أبلغ ما يُرصد في تعليقات اللبنانيين في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد اعلان تشكيل الحكومة، غياب عنصر المفاجأة. اليقين بأن "السيستم" اللبناني، يسير وفق مبدأ المحاصصة الطائفية والسياسية، لم يترك منفذاً إلا للتهكم من الواقع، الذي سيستمر الى أجل غير مسمى، استجابة لأي حدث. 
على أن الزوايا التي التقط منها المغردون الساخرون "طرف الخيط"، أوجدتها السلطة بنفسها. فهي تسعى، في تجربتها السياسية في الحكم، إلى خلق "جديد" و"مبتكر"، يساهم الى حد كبير في ايجاد فضاء عام يتيح للمواطن التحرك، فلا يتخطاه بسبب قصر نظره السياسي، وعدم إلمامه بملفات إدارة الحكم السرية.. ذلك ان العناوين العريضة، مثل "الفساد" و"المحاصصة الطائفية والحزبية"، تتيح هامشاً للتغريد، يستعصي الغوض فيه، والنفاذ منه. 

أوجدت السلطة للبنانيين مواد دسمة للتندّر. وزارة معنية بشؤون حقوق الانسان، أو بقضايا اللاجئين، أو شؤون المرأة أو مكافحة الفساد، ترتقي الى مستوى النكتة التي تضحك السلطة لها، وتفتح للمواطنين باب التهكم. في الاصل، هي عناوين تمتاز بقدرتها على الجذب، وإثارة ما يمكن أن يشغل الرأي العام، ويحرف نظره عن الاهم، على غرار أسئلة مرتبطة بكيفية توزيع الحقائب، واختيار الاسماء لها، وحصص الأحزاب، والعلاقات التي تربط الوزير، برأس الهرم الحزبي. 

السلطة، بهذا المعنى، تستنبط حدثاً جديداً، من قلب الحدث. تحترف في خلقه، على قاعدة "الابتكار" الذي يشغل الرأي العام، ويبعده عما يحتاج معرفته بالفعل. ذلك ان "الجِدّة"، تماثل "اللامألوف" في خلق نقاش عام، لا يلامس ما تريد السلطة طمره. بينما ينشغل الرأي العام به، كحدث يسترعي الانتباه، ويسكنه عوضاً عن البحث عن المطمور. 

تكشف التعليقات المتهكمة نوع العلاقة بين السلطة، والرأي العام. الأخير ما زال تابعاً، يلامس سطح المشهد، ولا ينخرط فيه، لا في شَكلِ مُقرِّر، ولا مُراقِب حتى. يضحك المغردون على نكات دوّنها مغردون مبتكرون وخفيفو الظل. أما رموز السلطة، فيضحكون مرتين، في الاولى استجابة للنكتة المتداولة، وفي الثانية ابتسامة نجاح لخطة حرف الانظار. 
والنكتة عرفاً، هي تحوير للأزمة، وتعايش معها. يجيد اللبنانيون هذا الفعل، تخفيفاً من وطأة الحدث، وتماهياً معه. خرجت تعليقات بالغة في الخفة، جاءت على شكل تحليل، أو سخرية.. كما برزت تعليقات أخرى تكرر ما دأب اللبنانيون عليه من نعي لفرص التغيير، منذ الحراك المدني. لكنها لا تقدم ولا تؤخر في المشهد. فالسلطة تضحك للنكات، وتآلفت مع غياب الدهشة، ذلك ان لبنان، كما عرفه مواطنوه في السنوات الأخيرة، عاصٍ على احترام عقل المواطن، وأولوياته. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها