الإثنين 2016/11/21

آخر تحديث: 15:43 (بيروت)

نقابة الصحافيين المصريين في السجن: عهد الزنازين

الإثنين 2016/11/21
نقابة الصحافيين المصريين في السجن: عهد الزنازين
الدولة لا تنسى خصوماتها
increase حجم الخط decrease
"أول حكم بحبس نقيب الصحافيين فى التاريخ والجغرافيا كمان". 
هكذا علق نقيب الصحافيين المصري يحيى قلاش لجريدة "التحرير" على الحكم الصادر بحقه، وحق السكرتير العام للنقابة جمال عبد الرحيم، ووكيل النقابة خالد البلشي. 

لا تبدأ الواقعة المهزلة، بالحكم الصادر من محكمة الجنح، بل إن بدايتها ظهرت منذ أن صارت الأرض المصرية مساحة للتفاوض والبيع على يد النظام المصري الحالي، وهي القضية التي أثارت غضب قطاع واسع من الشعب في مختلف المِهن، وفي مقدمتهم الصحافيون والمحامون، إذ نظمت النقابتان تظاهرات واسعة تندد ببيع جزيرتي تيران وصنافير. حتى أن شريحة كبيرة من مؤيدي النظام رفضت هذا الحكم غير المسبوق تاريخياً.

لجأ صحافيان هما عمرو بدر ومحمود السقا إلى "مظلتهما القانونية"، وهي نقابة الصحافيين، لوقوفهما ضد بيع الأرض المصرية، بعدما وُجهت اليهما اتهامات بالتحريض على تغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري وشكل الحكومة، والانضمام إلى إحدى الجمعيات والهيئات والمنظمات التي تهدف إلى تعطيل أحكام دستور الدولة والقانون، ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة عملها.

وبعد الاعتصام بالمبنى، ووقوف مجلس نقابة الصحافيين معهما، صار هذا المجلس في خصومة مباشرة مع الدولة بمؤسساتها وأجهزتها وقضائها، ويحدث لأول مرة في التاريخ المصري أن يقتحم مبنى النقابة، وهو ما أثار غباراً كثيراً وقتها، لأنه الإجراء الذي لم يقم به الاحتلال الانكليزي نفسه.

بعدها، أحيل إلى النيابة نقيب الصحافيين، وسكرتير النقابة، ووكيلها؛ لاتهامهم بإيواء أشخاص صدر في حقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار في قضايا جنايات وجنح معاقب عليها قانوناً.

النظام المصري الحالي لا يكتفي بارتكاب ما لم يجرؤ أي نظام سابق عليه. فبعدما صار هو أول من يقتحم مبنى نقابة الصحافيين في تاريخه، صار أول نظام يصدر حكماً ضد مجلس نقابته، في قضية ملابساتها السياسية أكثر من القانونية، حول بيع الجزيرتين.

السياق العام للحدث الآن، خصوصاً بعد حكم المحكمة المصرية بمصرية الجزيرتين، يقول إن الدولة لا تنسى خصوماتها ولا من يقف في مواجهة جنونها. وما زال السيسي يرى في الإعلام أداة بروباغندا، لا وسيلة نقل معلومات، وهو الذي لم يوفر جهداً للتصريح حول رؤيته لدور الإعلام مراراً وتكراراً.

لذلك، مفهوم ما كتبه خالد البلشي في حسابه الشخصي في "فايسبوك"، عن رسائل النظام لهم "هدوا اللعب"، بالتعبير المصري الدارج، ومعناه الدعوة للتخفيف من الضجة المثارة، التي لا تتعدى كونها لعباً في مساحة لا تحب الدولة فيها أي تحرك خارج ذهنيتها الضيقة.

محامي خالد البلشي، الأستاذ عبد الستار البلشي، صرح لـ"المدن" إن الحيثيات صدرت لحظة كتابة هذه السطور بشكل رسمي، وفي كل الأحوال، فالنضال في مواجهة الحكم يكون في ساحة المحكمة، والخصومة كذلك فيها، خصوصاً وأن الحكم الصادر هو بالحبس، ولا بدّ من التعامل معه في الإطار القانوني.

وخارج التفصيلات اللوجستية القانونية، فإن المشهد يقول، كما كتب خالد البلشي نفسه، بـ"استكمال إغلاق منافذ الحركة في المجتمع بعدما تم قتل السياسة داخله".

اللافت الذي يستدعي التوقف والغضب أيضاً، إن مجلس النقابة هو مجلس منتخب من الجمعية العمومية للصحافيين، بمختلف انتماءاتهم السياسية، أي أن القضية تمسّ بشكل مباشر كل الصحافيين بلا استثناءات. فكيف لم يتصدر خبر الحكم الصفحات الأولى لكل الصحف والمواقع الإلكترونية المصرية يوم الاحد، جاعلين منه أولوية قصوى، حتى مع اختلاف الاجندات والقرب من النظام؟ 

فـ"المقال" و"الشروق" و"المصري اليوم"، هي الصحف التي جعلت من الحدث خبرها الرئيسي على صفحاتها الأولى، فيما تراجع الخبر في الأهمية في بقية الصحف المستقلة، واختفى تقريباً من الصفحات الأولى للصحف القومية.. ألا يرى القائمون على الصحف التي تجاهلت الخبر أن في ذلك الحكم تهديد لكل صحافي، أو بتعبير جريدة المقال "زنزانة لكل صحافي"؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها