الخميس 2015/10/01

آخر تحديث: 19:47 (بيروت)

القضاء أمام إستحقاق: حماية الفساد أم كاشفيه؟

الخميس 2015/10/01
القضاء أمام إستحقاق: حماية الفساد أم كاشفيه؟
الوقفة الإحتجاجية الأولى امام قصر العدل للتضامن مع حرية الصحافة وزبيب
increase حجم الخط decrease
المطالبة بحماية كاشفي الفساد في مواجهة محاولة "إستعمال القضاء" لملاحقتهم، هي إحدى خلفيات الإعتصام اليوم أمام وزارة العدل. ونفذت الإعتصام مجموعة من الصحافيين والناشطين  تضامناً مع الصحافي في جريدة "الأخبار" محمد زبيب، أثناء إستجوابه أمام النيابة العامة في إطار دعوى قدح وذم وتشهير مقدمة من وزير الداخلية نهاد المشنوق، على خلفية نشره صورة شيك صادر عن بنك المدينة لمصلحته.

تحيل قضية زبيب الى مجموعة من المسائل التي لم يبتها المشرع اللبناني حتى اللحظة على الرغم من إلتزاماته الدولية بها. ذلك أن إقتراح قانون حماية كاشفي الفساد لا يزال في أدراج المجلس من دون إقرار، على الرغم من إنضمام لبنان الى إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وتصب نتائج هذا القصور التشريعي مباشرةً في حق المواطنين عامة والصحافيين خاصة بالوصول الى المعلومات، ونشرها، وهي مسألة أخرى لا تحظى بالحماية وبأي ضمانة إضافية. وتحدد جميع هذه المسائل الحدود والقيود الواقعية لحرية الصحافة في لبنان. فهل فعلاً يكرس المشرع والقضاء حرية التعبير وواجب المواطن في فضح الفساد؟

يهدف إقتراح قانون "حماية كاشفي الفساد" الى التشجيع "على كشف معلومات تتعلق بأعمال الفساد". بالإضافة الى "حماية كاشف الفساد من أي ملاحقة قضائية ...". ووفقاً للإقتراح، يقع على عاتق المواطنين موجباً بالـ"التعاون الكامل مع السلطات في تنفيذ سياستها وبرامجها الهادفة الى مكافحة الفساد". وتأتي هذه المادة بالتناغم مع مضمون الإتفاقية التي إنضم إليها لبنان الذي يفترض به أن يقرّ قوانين محلية تنظم آلياتها وتكرسها. ويتناغم الإقتراح أيضاً مع هذه الإتفاقية لناحية أن كون الكشف عن الفساد ضرورة، "على الرغم من كل نص مخالف يمنع الكشف عن المعلومات المصنفة سرية". بمعنى آخر، لا تعود للصفة السرية للملفات أي قيمة ما دامت تستخدم لإخفاء حالة من الفساد. فيتحول الفساد الى ذريعة مشروعة لخرق هذه السرية.

في المقابل، يحدد القانون آلية الكشف عن الفساد أمام هيئة متخصصة مستقلة، تنشأ بموجب إقرار القانون. والحال، أن عدم إقرار القانون يؤدي الى القول بأن الدور الأساسي حتى هذه اللحظة في كشف الفساد يقع على عاتق الصحافة بشكل أساسي. فبينما لا يتمتع غير الصحافي بالحماية القانونية الكافية عند كشفه عن حالة فساد، تبقى حرية الصحافة المكرسة في التشريع اللبناني، ورقة إضافية تتيح للصحافي لعب دوره في مكافحة الفساد من دون أن تمارس عليه أي ضغوط، بالأخص القضائية منها.

يؤكد المحامي نزار صاغية في حديث مع المدن أن "الأولوية اليوم هي لحماية حرية الصحافة". ويضيف، موضحاً الإشكاليات القانونية التي عادةً ما تواجهها ملفات كشف الفساد، بأن إحدى هذه الإشكاليات "إثبات حسن نية كاشفه". وفقاً لصاغية، "العراقيل أمام إثبات صحة المعلومات وبالتالي حسن النية عادةً ما تكون كثيرة"، ومن بينها سرية المعلومات، وعدم الترخيص بالحصول عليها، وبناءً عليه "نؤكد حاجتنا إلى قوانين تبيح الوصول الى المعلومات".

بالنسبة إلى قضية زبيب، يقول صاغية أنه "أبرز مستندات تؤكد قيام زبيب بعمله الإستقصائي"، ما يجعل ما نشره "معلومات صحيحة، لا غاية شخصية خلف نشرها، يصب في تحقيق مصلحة عامة". بالتالي فإن نشر هذه المعلومات يأتي "ضمن حدود الضرورة التي تحتمها المصلحة العامة، بعيداً من أي غاية شخصية". ويقع على القاضي لهذه الناحية أن يتحقق من هذه المعلومات لـ"يتأكد من حسن نية زبيب".

وكان صاغية قد أعلن هذا الموقف عند خروجه وزبيب من جلسة الإستجواب، آملاً أن يتم "حفظ الملف" على إعتبار أنه "لا مجال لإدانة زبيب بجرم القدح والذم". والحال أن تمكن زبيب من إثبات حسن نيته ينفي عنه جرم القدح والذم. في المقابل يؤكد ذلك صحة ما أورده من معلومات حول المشنوق، او يرجح صحتها على الأقل. وهنا يكون القضاء امام إستحقاق جديد... هل يتوسع في التحقيق في الشيك الذي تم نشره؟

وكان المحامي العام التمييزي، القاضي عماد قبلان، استمع الى إفادة زبيب بحضور وكيله صاغية. وبعد ساعتين ونصف الساعة من الإستجواب، تم ترك زبيب بسند إقامة. وفقاً لصاغية، سيتم تقديم مذكرة خلال 48 ساعة تؤكد عدم خروج زبيب عن القانون. وفي سياقٍ مواز إعتبر نقيب المحررين أن "ما حصل يدخل في إطار عمل زبيب كإعلامي يلاحق القضايا الحياتية والإجتماعية والإقتصادية...".
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها