الثلاثاء 2014/05/13

آخر تحديث: 01:11 (بيروت)

الشاشة السورية: ديموقراطية بالقوة

الثلاثاء 2014/05/13
الشاشة السورية: ديموقراطية بالقوة
increase حجم الخط decrease
لا يخلو من المعنى أن يجري اختيار مرشح للإنتخابات الرئاسية السورية بكاريزما هي أقرب إلى أداء الممثل الكوميدي السوري عصام عبه جي. هذا ما ظهر من أداء المرشح الرئاسي حسان النوري في مقابلة تلفزيونية على الفضائية السورية الليلة الماضية، وقد قدّم أداء لا يُصدّق من البلاهة السياسية. 
 
يكفي أن النوري إعتبر حضوره، كمرشح رئاسي منافس، على الشاشة الرسمية، دحراً للمؤامرة الكونية على سوريا.. ولعله بذلك أراد أن يضيف إلى رصيد منافسه بشار الأسد، باعتباره صاحب الأمر في حضوره، مؤكداً بوضوح أنه لو كان في موقع القرار السوري في ظل هذه الأزمة، لما اختار غير ما اختارته القيادة السورية. علام جاء الرجل ليرشح نفسه إذاً ما دام يجد في القيادة الحالية الكفاءات اللازمة للعبور فوق هذه الأزمة؟!
 
سهرة تلفزيونية لا يمكنها إلا أن تضيف هزلاً إلى همروجة الإنتخابات، كذلك الهزل الذي بدت عليه البلاد مع فتح باب الترشيح للرئاسة.. فراح كل من هبّ ودبّ يرشح نفسه، كأن المقصود دفع الناس إلى هذا الشعور بالهزل والتفاهة حين يفتح باب الديموقراطية لهم. "أرأيتهم؟ لا تليق بنا الديموقراطية".. كأنهم يدفعون الناس إلى هذا الإحساس، حينها فقط سيأتي دور مرشح واحد جدي يليق بقيادة المرحلة.
 
إنها مسرحية مفضوحة من دون شك، بدءاً من فتح باب الترشيح، إلى اختيار المرشحين الثلاثة، وصولاً إلى إفساح المجال لهم للظهور على الشاشة الرسمية، وكذلك إلى تقديم عينات من آراء الناس في الشارع ومطالبهم التي يتمنون لمرشحهم النوري العمل عليها. التلقين بدا واضحاً في أصواتهم ولهجاتهم وحضورهم. كانوا يخاطبون الدكتور حسان بالإسم، ويطالبونه بأشياء من قبيل الرقابة على الأسعار وتأمين دور أفضل للحضانة.
 
أداء المذيعة في المقابلة، لم يحسب حساباً على ما يبدو للمقبل من الأيام. فهي كانت تتصرف باستخفاف شديد، بتهكم واضح، وبأداء إنتصاري على ضيفها الذي ربما يواجه الإعلام في مقابلة مطولة للمرة الأولى في حياته. سنرى إذاً كيف ستتصرف المذيعة، والمحطة الرسمية، التي تكفلت بإعداد هذه المسرحية، مع المرشحيْن الآخرين في إطلالاتهما الانتخابية، مع "المرشح" بشار الأسد خصوصاً، وإلى أي حد ستتجرأ وتسأل وتناور وتتهكم.
 
ليس سهلاً إقناع الناس بأنهم باتوا فجأة في أحضان إنتخابات ديموقراطية، في بلد مدمر هُجّر الملايين من أبنائه، وقُتل واعتُقل مئات الآلاف. أجواء لن تنفع معها الحملة الإنتخابية المزعومة لبشار الأسد، والتي رفعت شعار "سوا". صحيح أن الناس سيساقون كالعادة للإنتخاب بالدم والهتاف والخوف، لكن أحداً لن يستطيع أن يكذّب ما تراه عيناه وهما تنظران إلى ماكينة التزوير الهائلة، تسوقه إلى إنتخابات يفوز فيها بشار الأسد ونظامه بنسبة غير تسعينية هذه المرة... تأكيداً على أجواء الديموقراطية.
 
لكن تلك الحملات الإنتخابية، سرعان ما تتحول على أيدي الناشطين المعارضين إلى حملات مضادة، كما لو أنها قنبلة دخانية ردّها المتظاهرون إلى مصدرها بعدما باتت أكثر فاعلية. كذلك تعامل الناشطون مع شعار بشار الأسد وحملته "سوا"، فراحوا يتداولون الكلمة مع توليفات جديدة كل مرة، وكوميدية في الغالب.
 
بينما تدور رحى الحرب، يتابع الإعلام دوره ووظيفته. الكل يعرف أن هذا لن يغيّر شيئاً من المسألة، فبعد أكثر من ثلاثة أعوام على الثورة، بات لكل طرف حججه أو أكاذيبه، ويصعب أن يكسب طرف، عناصر من الطرف الآخر. لكنها الحرب، ولا بد من الكلام واللغو والضحك على هامشها، ريثما تمضي.. وستمضي.

alalam_635354076175063927_25f_4x3.jpg
حملة الرئيس السوري بشار الأسد الإنتخابية
increase حجم الخط decrease