الأربعاء 2014/11/05

آخر تحديث: 15:29 (بيروت)

التمديد: اعتراضات "مدنية" تحفظ ماء الوجه

الأربعاء 2014/11/05
increase حجم الخط decrease

مجدداً رفعوا الصوت. منذ ليل أمس الثلاثاء افترشوا ساحة رياض الصلح احتجاجاً ومحاولة لمنع انعقاد جلسة التمديد التي مرت بسلاسلة رغم الخطاب السياسي ورغم الرفض السابق لعدد من الكتل. عشرات من الشبان قرروا المواجهة كما العام الماضي، تحت شعارات رفض التمديد، والطعن بشرعيته شعبياً.

 

معظم من تواجد في الساحة أو النقاط الرئيسية التي حاول المعتصمون سدها ومنع النواب من دخول المجلس، وعرقلة انعقاد الجلسة كانوا يدركون أن النواب لن يمنعهم شيء من إطالة عمر ولايتهم للمرة الثانية على التوالي، رغم ذلك أبوا أن يمر الحدث وكأن شيئاً لم يكن، وكأن صوتاً لم يعترض ليحفظ للشعب ماء وجهه، رغم أن الأغلبية الساحقة من الشعب لم يعنهم خرق الدستور ومصادرة حقه الطبيعي في اختيار ممثليه.

 

في داخل مجلس النواب، حط اعتراض شباب الحراك المدني للمحاسبة، على بعض نقاشات النواب الجانبية. معظمهم سخر من هذا التحرك، متحججاً تارة بالضرورات وتارة أخرى بالأوضاع، من دون أي اشارة أو اعتراف بتقصيرهم كنواب وكطبقة سياسية، ان كان في اجراء الإنتخابات الرئاسية، أو حتى في الأوضاع الأمنية المتردية التي هي نتاج طبيعي لحكم هذه الطبقة.

 

لم يستثن غضب الحراك، أحداً. كل الطبقة السياسية كانت محط نقدهم، واحتجاجهم، حتى تلك الرافضة للتمديد فوضعوهم في سلة واحدة: "حرامي، حرامي، مجلس نواب، حرامي"، و"لا للتمديد"، و"تمديدكم احتلال"، و"لا لإنعقاد جلسة الذل" شعارات حضرت صراخاً ورفعاً، فيما لم تغب البندورة والبيض لرشق المواكب التي حاولت الدخول عبر المنافذ والطرقات التي سدها الناشطون.

 

محمد رعد، عبد المجيد صالح، نائلة تويني، باسم الشاب، وغيرهم، هم بعض من "النواب الممديين لأنفسهم" كما يطلق النشطاء، الذين حاول المحتجون منعهم من الوصول الى مجلس النواب،  قبل أن يلتفوا ويدخلوا من جهات أخرى أمنها الإنتشار المكثف للقوى الأمنية والجيش، فيما لم يرتدع بعض النواب عن إطلاق العبارات النابية والشتائم بحق المعتصمين.

 

على مساحة الوسط التجاري، بدا أن القوى الأمنية والجيش على أهبة الإستعداد، لمواجهة "المدنيين" المحتجين، حاولوا فتح الطرقات لنواب الأمة، بكل الوسائل، التي وصلت في بعضها الى درجة الضرب. مئات من الجنود نفذوا أوامر قيادتهم بتأمين طريق  النواب لتمديد ولايتهم.

 

محاولات متكررة لم تنفع لا في منع النواب في الوصول الى "المجلس المحتل" كما اسماه الناشطون ولا في تأخير حتى انعقاد الجلسة، التي ما ان انعقدت حتى أقرت قانون النائب نقولا فتوش للتمديد لسنتين وسبعة أشهر، اي ولاية كاملة اذا ما اضيف اليها مدة التمديد الأول.

 

رغم خروج النواب منتشين بتمرير التمديد، إلا أن المحتجيين بقوا في أماكنهم يتداولون في ما يمكن فعله بعد أن اصبح التمديد واقعاً، وبعد أن باءت محاولاتهم كلها بالفشل. الحماسة لإستكمال الإحتجاج رغم أفقها المسدود، كانت الخيار الوحيد، وسط تأكيدات بإستمرار حملتهم على كل الصعد، ولكن من دون أفق واضح الا بالاعتراض ان عبر قطع طريق او قبلها عبر حمل المكانس امام البرلمان او اطلاق الصافرات استهجانا.

 

بدا واضحاً من حجم المشاركة المتواضعة، أن الشعب اللبناني في مكان آخر. لاشك أن هذا الصمت هو أصلاً ما شجع النواب على الإستخفاف بالتحرك الاعتراضي وعلى إقرار التمديد. شعب تبدو أولوياته في مكان آخر، بعض مل السياسة، والطبقة السياسية، واستسلم أمام الأمر الواقع، وأغلبية ترى في نواب الأمة خير ممثل لها نتيجة الفرز الطائفي، وهي ذاتها، من لا تخفي سخطها من الوضع الأمني والإقتصادي والإجتماعي في البلد.

 

على مقربة من مبنى جريدة "النهار" التي نصب المحتجون خيمهم بقربها. يمر أحد عمال المطاعم القريبة. يضحك عند رؤية الشباب يحتجون ويطالبون بالديمقراطية والإنتخابات. يسخر: "شو رح يتغير، هم ذاتهم سينجحون في حال إجراء الإنتخابات". ويضبف: "المهم أن نأكل ونعيش في هذا البلد".

 

قد يبدو في قوله هذا ملخص لحالة بلد، أضحى على رأس أولويات سكانه لقمة العيش، والأمان، وأن يمر كل يوم على خير، من دون طموحات أخرى، ومن دون تمنيات أكبر. بلد يحلم فيه البعض بأقل قدر من الحقوق، يحلمون بصمت، ويغطون، طبقة سياسية، تمنعهم حتى من الحلم، تحت شعارات وعناوين طائفية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها