الأربعاء 2014/11/05

آخر تحديث: 17:18 (بيروت)

مجلس النواب: ولاية كاملة بالتمديد.. وداعاً ديموقراطية

الأربعاء 2014/11/05
مجلس النواب: ولاية كاملة بالتمديد.. وداعاً ديموقراطية
حاول البعض تحويل الجلسة إلى جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

كما كان متوقعاً، وبعد إستخدام كل المبررات في الأسباب الموجبة، بدءًا من تقدير المصلحة الوطنية العليا وتفادي الفراغ في المؤسسات وتجنب موت النظام وإنهيار ما تبقى من الدولة وصولاً إلى الخوف من المجلس التأسيسي أو المؤتمر التأسيسي، أقر التمديد، في محطة جديدة تكرس العقم الذي وصل اليه لبنان، وتؤكد أن الفعل الديموقراطي مؤجل الى حين يبدو بعيدا.

وعلى الرغم من قناعة الكثير بلا دستورية وديموقراطية الخطوة وتكريس عرف ميثاقية التصويت الطائفي الذي أصر عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، أقر مجلس النواب اليوم الاربعاء التمديد لنفسه لمدة سنتين وسبعة أشهر بـ95 صوتاً، ومعارضة نائبي الطاشناق أغوب بقرادونيان وأرتور نظاريان ومقاطعة وغياب نواب "التيار الوطني الحر" وحزب "الكتائب"، حتى 20 حزيران 2017. عملية انتخابية عام 2009، كافية ليتربع النواب على كرسيهم الى ما بعد نهاية ولايتهم، أما الناخب، الشعب، فعلى ما يبدو ليس أولوية لدى الساسة والزعماء.


في مجرى الجلسة، في المحضر وبعد مداخلات لعدد من النواب حول أولوية إنتخاب رئيس الجمهورية ومحاولة البعض منهم ولا سيما النائب والوزير بطرس حرب ومعه نواب القوات اللبنانية تحويل الجلسة إلى جلسة إنتخاب للرئيس نظراً لتوفر النصاب المطلوب لذلك، أنه عند إنتخاب رئيس الجمهورية وإقرار قانون إنتخاب، وإذا زالت الظروف الإستثنائية يصبح هناك تقصير لولاية المجلس.


وقد سجلت الجلسة جملة من المحطات والمواقف السياسية رغم أنها لم تقتصر على إقرار قانون التمديد.

فقد دعا الرئيس نبيه بري اللجنة المكلفة درس قانون الإنتخاب إلى إجتماع يوم الإثنين في 17 الحالي في عين التينة بعد إنتهاء الجلسة مباشرة وذلك تنفيذاً لما وعد به خلال الجلسة، ووقع على كل القوانين التي أقرت خلال الجلسة  ومن بينها وأهمها أيضاً إقتراحي القانونين المعجلين المتعلقين بالإجازة للحكومة إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية بقيمة مليارين ونصف المليار دولار أميركي لخدمة الدين العام، وفتح إعتماد إضافي في الموازنة العامة بقيمة 340 مليار ليرة لبنانية لتغطية النفقات الملحة للإدارات والمؤسسات العامة خلال العام 2014 وبداية العام 2015، وذلك بعدما كان الإقتراح الأول بقيمة 4،4 مليار دولار والإقتراح الثاني بقيمة 500 مليار ليرة لبنانية.


وقد إعترض النواب أحمد فتفت، كاظم الخير، هادي حبيش وعاصم عراجي على قوانين الإجازة للحكومة صرف الأموال بسبب ما قالوا إنه غبن وتغييب لمناطقهم عن الخطة التي أقرتها الحكومة مؤخراً لتنمية الشمال وتقدم النائب فتفت بإقتراح قانون معجل مكرر يرمي لإنشاء مجلس تنمية الشمال وعكار.


إلا أن المفارقة أن كل القوانين التي أقرت خلال الجلسة أرفقت بنص الفقرة الأولى من المادة 56 من الدستور بناء على إقتراح وزير المالية علي حسن خليل بعد التشاور مع رئيس الحكومة تمام سلام، والتي تقول حرفياً:" يصدر رئيس الجمهورية القوانين التي تمت عليها الموافقة النهائية في خلال شهر بعد إحالتها إلى الحكومة ويطلب نشرها. أما القوانين التي يتخذ المجلس قراراً بوجوب إستعجال إصدارها، فيجب عليه أن يصدرها في خلال خمسة أيام ويطلب نشرها".


إذا فقد سرى مفعول إستعجال النشر بعد خمسة أيام ليس فقط على قانون التمديد وإنما أيضاً على القروض والإعتمادات المالية التي أقرت لتفادي مسألة التوقيت وإمتناع وزراء "التيار الوطني الحر" و"الكتائب" عن التوقيع على هذه القوانين.


وفي عرض سريع لمواقف الأطراف خلال وبعد إنتهاء الجلسة يمكن تسجيل الآتي: بعد إبتكار تشريع الضرورة، برز موضوع ميثاقية التصويت الذي أصر على التمسك به بري على قاعدة أنه ليس نصاً دستورياً ولكنه يراعي التركيبة اللبنانية وسيبقى متمسكاً به تفادياً للفتنة التي تعتبر أشد فتكاً من القتل، إلى حين تغيير التركيبة، فيما رأت مصادر نيابية أن هذا الأمر يكرس عرفاً يوزع البلد بين الطوائف الثلاث الأساسية الكبرى ويصنف النواب درجة أولى ودرجة ثانية.


هذا الإتجاه سجل عليه بعض النواب المسيحيين إعتراضهم داخل الجلسة ولا سيما نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وعاطف مجدلاني ونقولا فتوش وغيرهم لجهة محاولة إلغاء تمثيلهم إذا لم يكونوا داخل كتل الأحزاب المسيحية الأساسية.


ومن خارج الجلسة سجل الرئيس حسين الحسيني أن ما يحصل جاهلية وليست ميثاقية، فالميثاقية التي ينشدونها إنما هي جاهلية تشبه قرار المشركين من قريش عندما انتدبوا شخصا من كل قبيلة وزودوهم بالسيوف القاطعة لقتل الرسول محمد من أجل أن يحمل جميع قبائل قريش دمه.


أقرت المداخلات القانونية والدستورية والسياسية أن المجلس التأسيسي أو المؤتمر التأسيسي في حال الفراغ سيكون أقوى وأعلى من الدستور ويفتح البلد على المجهول، وبالتالي فإن التمديد لمجلس النواب هو لمنع الوقوع في الفراغ على مستوى السلطة، كما أكد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لدى مغادرته المجلس. كذلك فعل رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط ورئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة الذي أكد أن الأولوية يجب أن تبقى لإنتخاب رئيس للجمهورية، مشيراً إلى أن ما طرحه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قيد النقاش وأن موقف القوات اللبنانية حول أن المرشحين للرئاسة سميرجعجع وميشال عون لن يتمكنا من الوصول، تحتاج إلى ملاقاتها لأن سنونو واحد لا يكفي.


أما رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية فلفت إلى أنه من خلال التصويت مع التمديد ليس متباعداً عن العماد ميشال عون، وهو أي فرنجية ليس مرشحاً إلى رئاسة الجمهورية طالما أن العماد عون هو مرشحنا.

تبقى الإشارة أخيراً إلى أن كتلة "القوات اللبنانية" ومن خلال مشاورات قبل وخلال الجلسة أعلنت السير في التمديد تفادياً ورفضاً للفراغ والمزيد من التفكك في المؤسسات الدستورية، وفق ما عبر نوابها.

وهكذا، أنجز النواب الممدد لهم، تمديدهم الثاني، وأعلنوا بقاءهم إلى أجل يبدو بعيداً، بميثاقية شكلية لن تغطي خرقهم المستمر للدستور.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها