الأربعاء 2014/08/13

آخر تحديث: 17:22 (بيروت)

التمديد: موافقة بالجملة ومزايدة بالمفرّق

الأربعاء 2014/08/13
التمديد: موافقة بالجملة ومزايدة بالمفرّق
البحث مجدداً عن غطاء مسيحي (المدن)
increase حجم الخط decrease

يرسم بعض النواب ضحكة عريضة حالما يذكر ملف التمديد للمجلس النيابي أمامهم. ضحكة لا تخفي يقيناً بأن الملف دخل مرحلة الجد، وأصبح أمرا واقعا بغض النظر عن المزايدات. ما كان ينفى في السابق علناً ويبحث سراً أضحى مكرساً بمساعي عراب التمديد الأول النائب نقولا فتوش. ينتظر الملف الوقت المناسب للتصويت عليه، بعد أن قدم فتوش رسمياً اقتراح قانون، وينتظر أيضاً استكمال المباحثات لتحديد سقفه الزمني، رغم أن فتوش حدده بسنتين وسبعة أشهر، المرتبط حكماً بالآفاق السياسية في البلاد عموماً وبالإستحقاق الرئاسي المعطل خصوصاً.

معظم النواب أضحوا في مجالسهم الخاصة مطمئنين إلى أن ولايتهم ستطول أكثر. ما يشاع عن معارضة من هنا أو من هناك لا تعدو كونها مزايدات ومناورات. بعضها يهدف الى الضغط من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية، وبعضها يحاول تسجيل النقاط على الخصم المسيحي تحديداً.

في كلتا الحالتين، إذا إنتخب رئيس للجمهورية أو لم ينتخب التمديد حاصل. المتغيّر الوحيد في حال إنتخب الرئيس هو في مدة التمديد لا أكثر، خصوصاً أن الجميع يؤكد أنه وفي حال إنتخب رئيس للجمهورية في الجلسة المقبلة أي في 2 أيلول فإن المدة الزمنية غير كافية للتحضير واجراء الإنتخابات.

على عكس ما يشاع من أن الخلاف اليوم يتركز حول مدة التمديد، إلا أن مصادر مطلعة على ما يدور بين المعدين للمشروع تكشف أن هذا النقاش لم يفتح بعد خصوصاً أن الجميع ينتظر مصير الإنتخابات الرئاسية، وتلفت الى أن الإلتباس حصل لأنه في حال إنتخب رئيس فإن الوجهة العامة سترسو على تمديد قصير الأجل قد يكون 6 أشهر للتحضير لإجراء الإنتخابات، أما في حال عدم إنتخاب رئيس للجمهورية، فإن النقاش سينتقل حكماً الى تمديد أطول زمنياً رغم أن مدته لم تبحث بعد في ظل اصرار البعض على ما ورد في اقتراح فتوش أي سنتين وسبعة أشهر لتصبح المدة 4 أعوام بعد أضافة التمديد الأول (سنة وثلاثة أشهر) أي ولاية كاملة، ويستند المؤيدون لهذا الطرح الى ما يسود المنطقة من إضطرابات تحتاج الى أعوام لترسو على صورة محددة إضافة الى الأخطار الأمنية المحدقة بلبنان والمنطقة. فيما يقف المعارضون لهذا الطرح أمام صعوبة التسويق لمثل هذا التمديد أمام الرأي العام.

رغم اعتراف أكثر من مصدر بأن مصير الإنتخابات الرئاسية لا يزال ضبابيا إلى حد كبير، إلا أنهم  لا يخفون أن التطورات متسارعة جداً في المنطقة. ورغم جزمهم بأن عودة الرئيس سعد الحريري لم تأت من ضمن صفقة عامة من ضمنها الملف الرئاسي، إلا أنهم يسجلون اعادة خلط للأوراق محلياً عبر عودة الحريري واقليمياً في أكثر من نقطة، مما يؤكد أن الملف الرئاسي لن يحسم قريباً، وبالتالي لن يكون ملف التمديد مطروحاً للتصويت قبل تشرين الأول، خصوصا أنه عندها يكون ضرورة زمنية نتيجة قرب انتهاء مدة التمديد الأول ويكون أيضاً مصير الإنتخابات الرئاسية بدا واضحا سلباً أم ايجاباً.

بين تداخل الملفات هذه، يقف "المستقبل" ومعه "اللقاء الديمقراطي" خلف ستار تحديد الأولويات.  كلاهما يقول إن الإنتخابات النيابية قبل الرئاسية ضرب من الجنون، يتقاطع مع الثنائي رئيس مجلس النواب نبيه بري وإن عبر مراراً عن رفضه لأي تمديد. مصادر مطلعة تقول إن موقف بري يعود إلى شعور لديه بأنه حمل كلفة التمديد الأول شخصياً، ويريد اليوم أن تتحمل باقي الأطراف مسؤوليتها، لكنها تجزم بأن بري ليس ضد التمديد، وأنه لو كان كذلك لما كان فتوش تقدم بإقتراحه، وتلفت الى أن بري الذي أبلغ الحريري بموقفه هذا، يسلك اليوم الطريق نفسه الذي سلكه عندما رفض مشاركة قوى "8 آذار" في مقاطعتهم لجلسات إنتخاب الرئيس، إنطلاقاً من موقعه كرئيس للمجلس النيابي، وترجح أن يكمل بري السير في هذا السيناريو لأنه يحقق له هدفاً آخر وهو الضغط على القوى المسيحية في "8 و14 آذار" الرافضة للتمديد، في الملف الرئاسي، لعلها تنجح في الدفع بإتجاه توافق مسيحي – مسيحي، خصوصاً أن جنبلاط والحريري يتقاطعان في موقفهما رئاسياً ونيابياً مع بري.

أمام موقف بري هذا، تبقى معضلة وحيدة وهي في تأمين غطاء مسيحي للتمديد. المعلومات الأولية تشير الى أن "القوات" و"الكتائب" أبلغا من يعنيهم الأمر أنهما ضد التمديد ومع إجراء الإنتخابات النيابية في توقيتها قبل إنتهاء مدة التمديد الأول في تشرين الثاني. وتلفت إلى أن موقف "الكتائب" و"القوات" لا يخرج عن سياق المزايدة المسيحية - المسيحية، ورفض تسليف عون نقاطاً كما حصل العام الماضي، وهو ما يطرح تحدياً جدياً على دعاة التمديد ليس لجهة تأمين الأصوات اللازمة لإقرار التمديد، بل لجهة معارضة الكتل المسيحية له.

حزب الله لا يمانع التمديد في هذا الظرف، مثله مثل كُثر من خلفه. يبقى موضوع المزايدة بين الأفرقاء السياسيين كي لا يحتمل وزر الفعل، هذا الفريق دون ذاك، في انتظار اي فسحة أمل دولية قد تقلب الطاولة وتفتح للثلاثي الحريري – بري - جنبلاط ثغرة يمكنهم عبرها قيادة صفقة جديدة لإنتخاب رئيس للجمهورية واجراء انتخابات نيابية ليس في موعدها القريب بل على الأقل بعد فترة وجيزة، رغم أنهم لا يخفون قلقهم من الوضع الأمني.

increase حجم الخط decrease