الخميس 2014/09/18

آخر تحديث: 16:27 (بيروت)

سلام يتعهد بتسليم ملف المفقودين: الأهالي ينتظرون الإثنين

الخميس 2014/09/18
سلام يتعهد بتسليم ملف المفقودين: الأهالي ينتظرون الإثنين
الدعوة الى التجمع الخميس المقبل وفقاً لبرنامج الحملة لا تزال قائمة (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease

لا يتبادر الى مخيلة شخص يعيش بين جميع أحبائه أن يقفز ليعانق شخصاً غريبا لمجرد أن الآخر يملك صورة لأحد أفراد عائلته. هذه الحاجة لأي ذكرى عن الأحباء، تنغص على أهالي المفقودين في الحرب اللبنانية حياتهم. "وداد من زمان بدي شوفك لفرجيك شي... هيدا زوجك حد ابني بالصورة لما عزوا بكمال جنبلاط". كانت جملة واحدة كافية لدفع زوجة أحد المخطوفين ورئيسة لجنة أهالي المخطوفين وداد حلواني، لمعانفة أُم أحد المخطوفين، كما يتعانق الأخوة، أبناء العائلة الواحدة.

اليوم الخميس، هو اليوم الأول في الحملة التي ينظمها أهالي المفقودين، للضغط على الحكومة لتنفيذ قرار مجلس شورى الدولة، بداية العام الجاري، القاضي بالزام الحكومة تسليم كامل ملف لجنة التحقيق حول قضية المفقودين، والذي أنجز منذ العام 2000". "حكمت محكمة الدولة، نفذي يا دولة"، هو شعار الحملة، الذي يعبر عن القوة الإلزامية للقرار الصادر عن مجلس الشورى، بصفته القاضي الذي تخضع له الإدارة العامة، لكي لا يبقى أحد فوق القانون.

لم تكن مطالبة الأهالي لقاء الحكومة للحصول على إجابات وافية منها، بالأمر اليسير. فبعد أن منعهم رجال أمن السرايا الحكومية من الإقتراب منها، استطاعت حلواني من الوصول قبالة السرايا برفقة المحامي نزار صاغية ومجموعة من الأهالي، للخروج بتعهد من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بتسليم ملف التحقيق المذكور أعلاه. لم يكن الوصول إلى السرايا سهلاً، فأهالي المفقودين يهددون السلم الأهلي والأمن العام بالنسبة للمسؤولين على ما يبدو. والا لماذا تعترض سيارة الأمن حلواني لمنعها من الإقتراب؟ لماذا يتعرض أحد المصورين "للكمة أمنية" تلهي المعتصمين عما يحدث مع وداد؟ لماذا يمنع أهالي المفقودين من مساءلة المسؤولين أصلاً؟!

خرجت حلواني، ووفد الأهالي برفقة النائب غسان مخيبر ليزفوا للأهالي بشرى خير. "رئيسة مصلحة الديوان ميرفت عيتاني تتعهد لأهالي المخطوفين، بالوكالة عن رئيس الحكومة تمام سلام، بأن يتم تسليم الملف كاملاً للأهالي يوم الإثنين المقبل كحد أقصى"، هذا ما أعلنته حلواني أمام الأهالي كحصيلة للمفاوضات السريعة التي أجريت.

بالرغم من الوعود "اللجنة ستستكمل تحركاتها" إلى حين يصبح العهد حقيقة.
استلام الملف سيكون الخطوة الأولى بالنسبة للأهالي، وفقاً لحلواني. بالنسبة لأهالي المفقودين، هذه الخطوة هي فاتحة الأمل. فأم عزيز، التي فقدت أبناءها الأربعة تريد أولادها "ميتين أو عايشين". تقول أم عزيز لـ"المدن" أنها إنتظرت 32 عاماً، تريد قميصاً أو أي شيء من أثرهم. "لعامل شي ضد لبنان من ولادي يعدموا"، ولكن فليخبروا أم عزيز أولاً. أما لو أنهم أبرياء فـ"والله حرام".

أما حسانة، وهي ضمن لجنة الدفاع عن المفقودين، فتجد في حديثها لـ"المدن" أن "القصة بسيطة جداً، فقط تسليم الملف". تكمل حسانة أن "حق المعرفة مكرس بالقانون، ومحكمة الدولة حكمت بتنفيذه". هذا التنفيذ الذي لن يفضح ما هو معروف بالنسبة للأهالي، أي من "قتل أبناءهم أو إختطفهم". بل سيرشدهم الى "مكان وجودهم فقط". والوصول إلى هذه النتيجة هو الحل الوحيد بمداواة وجع الأهالي وذاكرتهم. "أحد الآباء يرى ابنه المفقود في منامه معاتباً إياه: لماذا لا تبحث عني؟" تخبر حسانة. هذا جزء من معاناة الأهالي اليومية. فمنهم من يسرقهم الحلم إلى أحبائهم، ومنهم، كأم عزيز، من أفقدهم الحزن والبكاء نعمة النظر.

بالعودة إلى المفاوضات مع الحكومة، يشرح رئيس "جمعية دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين" (سوليد) غازي عاد لـ"المدن"، أن "حجة الحرب والخوف على السلم الأهلي لم تتغير"، غير أن "الضغط هو الذي أوصل إلى هذه النتيجة". "حجج واهية"، حاول من خلالها ممثلو الحكومة أن يتهربوا من إعطاء كلمة أخيرة. يبقى الأهم أن يتم تسليم الملف، وفقاً لما تعهد به رئيس الحكومة اليوم، لنتمكن من "المطالبة بالمعتقلين في السجون السورية على ضوء تحقيقات موثقة".

الحكومة، في اليوم الأول من الحملة، حاولت منع الأهالي من الوصول إلى المسؤولين عن قضيتهم. وهي كانت لهم دائماً بالمرصاد لمنعهم من الوصول إلى حقهم في المعرفة، معرفة مصير أبنائهم. "هذه الحملة ليست لمخطوفي ومفقودي الحرب الأهلية فقط، هي للتصدي للخطف والخطف المضاد الذي لم يتوقف بالرغم من توقف الحرب، هي حملة للدفاع عن الفصل بين السلطات، على استقلالية القضاء ودستورية المؤسسات"، قالت حلواني. الدعوة الى التجمع يوم الخميس المقبل وفقاً لبرنامج الحملة لا تزال قائمة، فاما يحتفل الأهالي باستلامهم القرار أو يعاودون المطالبة والنضال إلى حين عودة الدولة إلى مظلة القانون.

increase حجم الخط decrease