الأربعاء 2014/11/26

آخر تحديث: 15:12 (بيروت)

صباح التي فتحت ذراعيها للإعلام.. فلم يردّ التحية بمثلها

الأربعاء 2014/11/26
صباح التي فتحت ذراعيها للإعلام.. فلم يردّ التحية بمثلها
increase حجم الخط decrease

بدأت صباح حياة جدلية، وأنهتها بالجدل نفسه. فتحت ذراعيها للإعلام، وتعاطت معه بشفافية، فساهم في تكريسها "ديفا" على الساحة الفنية.. لكن الإعلام نفسه، كسر هالتها خلال السنوات العشر الأخيرة، وكرّس صورة مغايرة لها: صورة الفنانة العجوز التي ينتظر كثيرون موتها، ويطلقون الشائعات عليها، فتسخر من الشائعات معلنة تمسكها بالحياة.

لم تضع صباح في يوم من الأيام استراتيجية إعلامية لنفسها. تعاطت معه بعفوية وبرحابة صدر. عاندت عمرها، وأباحت ظهوره في الصور الأخيرة. صورها، بجميع أحوالها ومرحلها العمرية، كانت مباحة. حتى تفاصيل حياتها الخاصة، والحميمة. وإذا كان الإعلام في مراحل سابقة، أضاء على انتاجاتها، (توقف قبل عشر سنوات، بعد تقديم دويتو "يانا يانا" مع المغنية رولا)، والمتغيرات التي طرأت على حياتها، فإنه في السنوات الأخيرة حوّلها الى سبق صحافي، يقوم على الفضائحية، بالنظر الى تعدد زيجاتها، وعلاقاتها مع الزعماء العرب، أو حتى بصورتها كامرأة عجوز.

المسافة التي يجب أن تفصل بين الحياة الخاصة والفنية، تقلصت الى حدود تهشيم صورتها في الميديا. لطالما كانت عرضة لشائعات الوفاة، وشائعات الزواج المتأخر. لا تتحمل صباح مسؤولية هذا التحول، بقدر ما يتحمله الإعلام نفسه. لم يحافظ عليها كأيقونة، أو أسطورة كما يزعم في وصفها. وربما الصفة الأخيرة، اكتسبتها من امتداد عمرها على أكثر من ثمانين عاماً، مرفقاً بصورة تظهر تجاعيد وجهها، أو عجزها عن الحراك.

والعمر الذي بلغته صباح، تتشاركه مع آخرين لم يكتسبوا تلك الصفة (الأسطورة)، لأن صورتهم بقيت في مكان مغاير. تم الحفاظ على الصورة القديمة التي تثبت أن وديع الصافي أو سعيد عقل أو مريم فخر الدين – إستطراداً – ما زالوا وجوهاً جميلة في الذاكرة. وعلى النقيض، فتحت صورها شهية المشيعين لاطلاق شائعات وفاتها، بوصفها تقدمت في العمر وآن لها موعد الرحيل.

تحفظ لصباح قدرتها على الصمود، وتمسكها بالحياة كآلية للفرح، بما يتخطى انتظار الموت القادم لا محالة. سخريتها من الشائعات، كانت أبسط رد على احباط الآخرين بها. ولم تتعرض فنانة في زمانها لكمّ من الشائعات، بقدر صباح التي فتحت حتى آخر أيامها نافذة للصورة. تعاطت مع العمر بوصفه واقعاً إنسانياً لا نفاذ منه. تحركت في إطاره صورةً تتخذ آلية الـ"قبل" والـ"بعد". لم تهلها الصورة، ولا الإطلالات الآيلة الى التهشيم. وظلّت ذراعاها مفتوحتين للصحافة التي شكرتها في يوم من الأيام في أغنية "ألو بيروت"، ولم يردّ الصحافيون التحية بأحسن منها.

شائعة وفاة صباح، باتت اليوم حقيقة. لا تُلام على تعاونها مع الإعلام الذي هشم هالتها في السنوات الأخيرة، وفتح الشهية على الإنتقاص من وقعها وموقعها، لكنها بذلك، أثبت تواضعها، وتخطيها عقد العمر والشكل. صباح اليوم، صورة من الماضي، أكثر جمالاً، واسطورة في تحديها العمر ومهانة السبق الصحافي!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها