الجمعة 2015/07/03

آخر تحديث: 16:23 (بيروت)

دعم التصدير البحري... هل يتخلى لبنان عن البر نهائياً؟

الجمعة 2015/07/03
دعم التصدير البحري... هل يتخلى لبنان عن البر نهائياً؟
كلفة التصدير ستنخفض بفعل المنافسة (عامر عثمان)
increase حجم الخط decrease

يبدو ان البحر أصبح الحل الوحيد أمام الصادرات اللبنانية، بعد سلسلة من الأزمات واجهتها الشاحنات اللبنانية المصدّرة الى الخارج، وخصوصاً نحو الدول العربية. والتصدير البحري برز كمطلب ملح من قبل المزارعين والصناعيين والتجار، بعد انسداد افق التصدير البري، وتأمين خط المعابر الحدودية من لبنان بإتجاه سوريا والأردن والعراق.

التأكيد الرسمي على إعتماد البحر كطريق وحيد للتصدير، في ظل الظروف الأمنية التي تسيطر على البر، تُوج بإقرار مجلس الوزراء (أمس)، تخصيص مبلغ 21 مليون دولار لدعم فرق تكلفة تصدير المنتجات الزراعية والصناعية الى الدول العربية، خلال مدة سبعة أشهر. وبحسب نقيب المزارعين ابراهيم ترشيشي، سيدفع المبلغ شهريا وفقا لآلية تضعها مؤسسة "إيدال" بالتنسيق مع وزير الزراعة أكرم شهيب. وأضاف ترشيشي لـ "المدن"، ان "الدولة اللبنانية ستساهم بمبلغ 2000 دولار من إيجار كل شاحنة تؤمن عبر بواخر "الرورو" التي تقوم بالتصدير، والمبلغ يساوي 5% من إيجار الشاحنة". وتوقع ترشيشي ارتفاع عدد البواخر المصدرة، ما ان تتوالى الرحلات ويعرف العالم ان الخط البحري اصبح ناشطاً ذهاباً واياباً.

إعلان مجلس الوزراء هذا، انعكس ارتياحاً في اوساط الصناعين والمزارعين. فإعتبر رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل ان هذا القرار "يشكل صدمة ايجابية للقطاع الصناعي ويحفز الصناعيين على الاستمرار قدما في مشاريعهم التطويرية"، مضيفاً ان "هذا القرار يساهم في المحافظة على الاسواق التقليدية للصادرات الصناعية والزراعية اللبنانية، التي عمل كل صناعي ومزارع على انشائها وتثبيتها على مر السنين".

من جهة اخرى يتخوف التجار من ارتفاع كلفة التصدير جراء رفع كلفة النقل، نظراً لإرتفاع نسبة الطلب مقابل العرض. اذ ان اقتصار التصدير على طريق البحر، ودعم الحكومة له بعد وقت طويل من الركود، حرك سوق الطلب كثيراً، وذلك سيؤدي الى رفع كلفة البواخر والشاحنات. لكن رغم ذلك، يرى ترشيشي ان ارتفاع الكلفة أمر طبيعي في البداية، لكن الكلفة ستنخفض بسبب المنافسة. "فالباخرة التي تحمّل من مرفأ طرابلس الى مرفأ مرسيم في تركيا، كانت أجرة الشاحنة فيها 2000 دولار، لكن مع الوقت إنخفضت الكلفة وباتت اليوم حوالي 800 دولار".

وفي جميع الأحوال، يعتبر ترشيشي انه من الضروري ان تتابع الدولة دعمها للخط البحري، "حتى يعتاد المصدّر اللبناني على هذا الخط، وتؤمن الشركات المصدّرة البواخر المطلوبة بكميات كبيرة تساعد على ارتفاع حدة المنافسة، فتنخفض الكلفة وترتفع حركة البضائع، ويصبح التصدير أسهل وأسرع".

إقرار الدعم يشكل الخطوة الأولى في هذا المشوار العسير، غير ان المواطن اللبناني إعتاد لغة الإقرار دون تنفيذ. وفي أحسن الأحوال، يبدأ التنفيذ لكنه يتعثر لاحقاً بفعل حركة الفساد الداخلي في لعبة السياسة والمصالح. وانطلاقاً من هذه النقطة، طالب ترشيشي "المعنيين، وتحديدا وزير الزراعة، الدعوة الى اجتماع طارئ لتنفيذ الآلية التي اتُفق عليها، لنبدأ بالشحن في أقرب وقت ممكن، وندعو الشركات البحرية للبدء بعملها". وفي حال سير العملية على أكمل وجه، سيتمكن لبنان من تصدير "أكثر من 1250 طناً يومياً، اذا ما اعتمدنا حجم التصدير نفسه الذي كان في تموز من العام الماضي، وهو معدل 50 شاحنة يومياً، محمّلة بـ 25 الى 27 طناً"، وذلك يعني محاولة تعويض الخسائر التي مني بها هذا القطاع.

يطرح نجاح التصدير البحري اذا ما التزمت الحكومة بوعودها، سؤالاً عن امكانية العودة الى التصدير البري، في حال هدأ الوضع الأمني براً. وهذا الطرح يعيد "خربطة" الآلية التي سيسير وفقها التجار وشركات التصدير، مما سيؤثر سلباً على البضائع وعلى طرق التصدير. وفي هذا الإطار، يشير ترشيشي الى إمكانية عدم العودة الى التصدير البري، حتى وان فُتحت المعابر، الأمر الذي يعني رسم صورة جديدة للبنان على انه بلد مصدّر عبر البحر. والطريق البحري بنظر ترشيشي أفضل للمنتوجات، لأن "بضائعنا تصل عبر البحر بشكل أسرع، نظيفة ومرتّبة وطازجة، بدل إخضاعها للتفتيش في سوريا والاردن والعبث بها وتعرضها لأشعة الشمس والتلف ما يقلل من قيمتها". واعتماد التصدير البحري بشكل دائم، يعفي اصحاب البضائع من تكرار سيناريو التهديد بإقفال المعابر، والذي كلّف المصدرين خسائر كبيرة، ومنها مثلاً، عدم تصدير أكثر من 10% من كمية الصادرات التي كان يصدرها لبنان، منذ اقفال معبر نصيب. وعلى الهامش، يذكر ترشيشي ان "أكثر الزراعات تضررا من إقفال المعبر هو "الخس"، فالدنم كان بمليون ونصف ليرة، أصبح الآن بين 200 الى 300 ألف ليرة. وإذا استثنينا "البطاطا"، فإن كل المزروعات صدّرنا منها بالطائرة بين60-70 طناً يوميا، بدلا من أن نصدّر الف طن يوميا".

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها