الخميس 2015/07/30

آخر تحديث: 16:54 (بيروت)

النفايات.. نعمة عالمياً ونقمة لبنانياً

الخميس 2015/07/30
النفايات.. نعمة عالمياً ونقمة لبنانياً
معمل لمعالجة النفايات في فنلندا (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease


بين طمر النفايات وحرقها، يحار المعنيون في لبنان في صوغ حلول لأزمة نفايات مستمرة منذ أسابيع، تحمل في ظاهرها كوارث بيئية وفي باطنها صفقات مشبوهة ومحاصصات طائفية ومناطقية.
وبعيداً ممّا يضمره المعنيون من وراء الأزمة، رب سؤال عن مدى إطلاعهم على الحلول الممكنة وآلياتها، إن لجهة طمر النفايات أو حرقها أو غير ذلك من الحلول، ففي جميع الأحوال ستشكّل حلول التخلّص من النفايات أزمة بيئية إن لم نقل كارثة بيئية، فليس إحراق النفايات، مجرّد إضرام للنار فيها، ولا طمرها مجرّد استحداث حفرة في أرض بور وطمر النفايات فيها.


فطرق التخلّص من النفايات في غالبية دول العالم لا تمت بصلة الى المعالجات في لبنان، ولم تعد الدول تسعى الى معالجة نفاياتها فحسب، بل الى تحقيق أرباح من هذا القطاع من خلال تحويل النفايات الى طاقة بواسطة تكنولوجيات تولِّد منها كهرباء أو حرارة أو وقوداً حيوياً أو وقوداً اصطناعياً، وهذا التحويل لا يعني الحرق بالضرورة، بل هناك تكنولوجيات أخرى كالطمر أو الترميد أو الإنحلال الحراري وغير الحراري وبعضها يعتمد على خليط النفايات.
ولعدد من دول العالم مسارات متقدمة في مسألة توليد الطاقة وإدارة المخلفات، بينها سويسرا، التي حظرت منذ عام 2000 التخلص من النفايات عبر الطمر في باطن الأرض، فعمدت الى التخلص من النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها أو تحويلها إلى أسمدة عبر عملية الحرق في منشآت خاصة مصممة بتكنولوجيا متطورة بحيث لا تسبب تلوثاً في الهواء، كما أن الطاقة الناتجة عن عملية الحرق تستغل في إنتاج الطاقة الحيوية والكهرباء.


وليس بعيداً من سويسرا، فإن المانيا حظرت منذ عام 2005 طمر النفايات في باطن الأرض بشكل نهائي واعتمدت آلية الحرق لتوليد الطاقة، كذلك فعلت السويد التي وصل بها الأمر إلى استخدام 100% من النفايات في إنتاج الكهرباء والطاقة، حتى أنها تعمد أحياناً الى استيراد المزيد من النفايات من النرويج. وتعالج العديد من الدول مثل الدانمارك وبلجيكا وهولندا وإسبانيا وفرنسا واليابان نحو 50% من نفاياتها في محطات تحويل النفايات الى طاقة.
أما العالم العربي فيُنتج سنوياً أكثر من 80 مليون طناً من النفايات المنزلية، يذهب معظمها الى مكبّات مكشوفة لا تراعي أدنى معايير صحة الإنسان والبيئة، باستثناء أبوظبي والبحرين وتونس التي باشرت تجاربها في بناء محطات حرارية لتحويل النفايات الى طاقة. أما الأردن فيبدو أنه تقدّم أشواطاً عن لبنان وبقية الدول العربية، وذلك باعتماده محطة لتحويل النفايات من العام 1999، الى غاز حيوي من خلال تقنية الهضم اللاهوائي، ويحقق المشروع أرباحاً سنوية صافية للأردن من بيع الكهرباء.


وبالنظر الى تكلفة التخلص من النفايات فإنها ربما تقتصر على بناء المحطات العلاجية أو المحارق، قبل أن تبدأ بدرّ المكاسب والأرباح من خلال إنتاج الغاز الحيوي ومن ثم الكهرباء، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن تكلفة إنشاء محطة لتحويل النفايات الى غاز بقدرة 680 طناً في اليوم، (أي ما يتناسب مع مدينة صغيرة أو مجموعة قرى) تقدّر بنحو 150 مليون دولار.
في لبنان تُهدر ملايين الدولارات على شركات لا تتجاوز مهامها كنس النفايات وجمعها ونقلها الى مطامر، أقل ما يقال فيها أنها بدائية، ولا يراعي معظمها أياً من المعايير الصحية والبيئية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها