الخميس 2014/07/24

آخر تحديث: 14:20 (بيروت)

سوق خضار جديدة لبيروت: ولى زمن البسطات؟

الخميس 2014/07/24
سوق خضار جديدة لبيروت: ولى زمن البسطات؟
باتت العربات مصدر الرزق الوحيد لكثير من العائلات (علي علوش)
increase حجم الخط decrease


بلغت ظاهرة انتشار عربات الخضار والبسطات على الأرصفة، في بعض شوارع بيروت، حدها الأقصى بعد استحواذ هذه العربات والبسطات على جوانب الطرق العامة، وتسببها في إرباك حركة مرور السيارات والباصات. كما وازداد عددها في الأحياء حيث الكثافة السكانية عالية، ملبيةً بذلك احتياجات السكان بسرعة أكبر وبأسعار أقل.


لسنوات، تعثّر إفتتاح سوق مركزي للخضار والفاكهة بالمفرق في بيروت، لكن بلدية بيروت تمكنت أخيراً من إصدار قرار استملاك عقارات في صبرا لإنشاء هذه السوق التي باتت حاجة لأصحاب محلات الخضار.
ولأن المواطن اللبناني المتضرر الأكبر من تردي الأوضاع الإقتصادية وتفشي الغلاء، وجد البعض في بيع الخضار والفاكهة على العربات والبسطات، تحديداً في منطقة صبرا، مورد رزق جديدا، بعد أن أغلقت أبواب عمله الأساسي في وجهه، في ظل عدم قدرته على الإلتزام  ببدلات إيجار شهرية ودفع مسلتزمات الكهرباء والماء والضرائب.
فكان العمل على بسطة للخضار يختصر كل هذه العقبات المالية برأسمال بسيط. كما أغرى هذا العمل النازح السوري الذي أراد كسب المال لإعالة عائلته، فكان له ذلك بالبسطات.


أبو أكرم، لبناني يملك عربة خضار في منطقة صبرا، وهو عجز عن استئجار محل لكثرة التكاليف المترتبة على ذلك، يقول لـ"المدن": أقل إيجار محل يبدأ من 500 دولار شهرياً، إضافة إلى تكاليف الكهرباء والمياه وأجرة عامل واحد، ما يرفع الكلفة إلى أكثر من 700 دولار. وهذه المصاريف تمكنت من توفيرها على العربة مع أن ظروف البقاء تحت الشمس صعبة".
وتمتد البسطات في أكثر من نقطة تكون حركة المرور فيها كثيفة، وتتمركز في فروع ومداخل المناطق السكانية، وتوفر كل ما يطلب من خضار وفاكهة وبأسعار تنافسية، حتى بات الناس يرون فيها سوقاً بديلاً عن الأسواق المركزية.


حلم وسط بيروت


أحمد العريضي ورث مهنة بيع الخضار عن أبيه حين كانا يعملان في سوق النورية قديماً (وسط بيروت). أما اليوم فهو يوزّع الخضار لعدم قدرته على استئجار محله القديم "فالمتر في باب ادريس بملايين الدولارات". يتحسّر أحمد على تلك الأيام حين كان التجار يعملون في سوق واحد. أما اليوم وبعد أن أُخرجوا من تلك السوق إبان الحرب الأهلية وبعدها، يتمنى أحمد افتتاح سوق الخضار والفاكهة بالمفرق حتى يتمكن من تأمين مردود شهري ثابت يكفي عائلته.
ويقول لـ "المدن": "مرّت سنوات ونحن ننتظر حلحلة الخلافات السياسية التي منعت إنشاء هذه السوق، وذلك لكي نحافظ على تجارتنا بعد أن بدأ النازحون السوريون بمنافستنا".
إذا السوق الجديدة في صبرا هي أمل تجار الخضار والفاكهة القدامى الذين كانوا يعملون في سوقي النورية والمهندسين في وسط بيروت قديماً، ويصل عددهم إلى أكثر من ثلاثمئة تاجر. وهم سيشكلون عماد السوق الجديدة التي وافقت بلدية بيروت على استملاك العقارات رقم 5843، 2632، 5839، 5840، 5841، 5842 و4387 منطقة المزرعة العقارية خلف تعاونية صبرا، وذلك لإنشائها.


"خط عسكري"


رئيس بلدية بيروت بلال حمد أكد لـ "المدن"، أن "القرار قد صدر عن بلدية بيروت، وما زال ينقص قرار إستملاك الأراضي إلغاء التخطيط الممتد من مدرسة عمر حمد وصولا الى مقبرة الشهداء في منطقة المزرعة. وهذا يحتاج بعض الوقت بسبب الروتين الإداري. وما يطمئننا هو وقوف وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الحكومة تمام سلام الى صفنا للسير في الخط العسكري لتنفيذ هذا المشروع".

أما تمويل المشروع فهو غير جاهز بعد. ويتحدث حمد عن موازنة ضخمة وأرقام تقريبية لإنجاز هذه السوق. "فمثلاً استملاك العقارات المتلاصقة قد تصل تكلفتها إلى حدود 30 مليون دولار أميركي، و20 مليوناً للانشاءات والتجهيزات في الحد الأدنى. إلا أن هذه السوق ستكون محركا إقتصاديا لأنها تخلق فرص عمل وتزيد الحركة الشرائية، إضافة الى رفع مستوى المنطقة خدماتيا. أيضا سيتم إنشاء خزانات وبرادات للخضار ومركز فحص للخضار ذي مستوى عالٍ. فضلاً عن مواقف عمومية للسيارات تحت الأرض".


من جهته، رئيس "نقابة تجار الفاكهة والخضار" سهيل المعبي يعتبر في حديث لـ "المدن"، أن "إنشاء سوق الخضار والفاكهة بالمفرق يساهم في محو الظاهرة العشوائية للعربات والمحلات المتنقلة التي تبيع الخضار في أرجاء بيروت، وسيسمح للمنتسبين للنقابة من التجار، وعددهم نحو 340 منتسبا، بالعودة إلى تجارتهم".


يضيف: "النقابة وبالتعاون مع بلدية بيروت ووزارة الداخلية اتخذت قرارا واضحا بالتخلص من هذه الظاهرة. وقريبًا لن يبقى أي بسطة"، مشيرا إلى أنّ "هذه البسطات عدا عن كونها سبباً في زحمة السير، فهي تشوّه الطرق بأوساخها، وتنافس محال الخضار".
وعليه، فإن انتهاء الأعمال في السوق الجديدة سيستلزم 18 شهرا، كما وعد المعنيون، وهذا "إذا سارت الأمور القانونية وفق المطلوب. وبالتالي يبقى أمام أصحاب البسطات والعربات 18 شهرا لتدبر أمورهم، ولاسيما أنهم أول ضحايا تردي الأوضاع الإقتصادية والأمنية والاجتماعية.

increase حجم الخط decrease