الخميس 2014/10/30

آخر تحديث: 18:23 (بيروت)

تراجع الدولة عن ضبط الإيجارات القديمة يهدد كبار السن

الخميس 2014/10/30
تراجع الدولة عن ضبط الإيجارات القديمة يهدد كبار السن
بكداش: " الفئة المستفيدة من ضبط الإيجارات بأغلبها من المتقاعدين" (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

الوقوف على عتبة الشهر الأخير من العام الجاري، والتأمل في ما ينتظر النسيج الإجتماعي اللبناني، في ملف قانون الإيجارات، قبل دخول العام الجديد، لا يبشر بالخير حتى اليوم. ذلك أن 28 كانون الأول هو التاريخ المحدد لدخول قانون الإيجارات الجديد حيز التنفيذ، من دون أن يتضح، بعد، ما إذا كان قابلاً للتنفيذ أم لا.

والواقع أن تجريد مقيمين من حقهم بالسكن، نذير شؤم على المجتمع الذي سيتحمل عواقب وخيمة لو شهد أزمة تشرد. أضف الى ذلك، وانطلاقاً من الواقع الإقتصادي المتردي، وتجذر النيوليبرالية، وما رافقه من تضييق حجم التدخل الحكومي في الاقتصاد، أنّ علاقات الإيجارات، وأي مسألة عقارية، باتت تتعلق بطرف ثالث يتحكم بالسوق العقارية، ويتمثل بالمتعهدين والشركات العقارية. والواقع أن تسعينات القرن الماضي شكلت مرحلة مفصلية بالنسبة لقوانين الإيجارات. ذلك أن ما قبل العام 1992 ليس كما بعده. هذا التبدل يظهر جلياً في دراسة للمصممة الغرافيكية والباحثة المدينية نادين بكداش، بعنوان "المستأجر القديم من مواطن الى عقبة".

عام 1992 تم وضع قانون إيجارات جديد يحرر عقود الإيجار السكني، في ظل نظام اقتصادي نيوليبرالي. هذه الخطوة كانت الأولى نحو تضييق الخناق على نظام ضبط الإيجار من خلال فصل عقود الإيجارات القديمة عن الجديدة، وفق بكداش. في المقابل، قامت الدولة بعد الحرب بتصنيف الأبنية، بين تراثي وغير تراثي. تجتمع هذه العناصر، لتسهل الطريق أمام المتعهدين والشركات العقارية للتوسع بمشاريعها والتحكم بالسوق العقارية. فتقوم هذه الجهات بشراء العقارات من مالكيها، ودفع تعويضات إخلاء المستأجرين إذا لزم الأمر.

وعن الإخلاء، تعرض بكداش حالة مبنى "الديك" في عين المريسة، الذي أحدث مالكه تصدعات مقصودة فيه، خلال هدمه للمبنى المجاور. ثم قام باستغلال التصدعات ليتلاعب على القانون عبر سلسلة من المستندات، بعضها صادر عن كاتب بالعدل وبعضها الآخر عن رئيس شرطة بيروت. فيقوم بإخلاء السكان مقابل تعويضات غير منصفة، لم تحدد من قبل القضاء حتى. تقول بكداش إن الديك استند في الإخلاء الى ضرورة ترميم المبنى بينما تجري العادة على الإخلاء في حالة الهدم... "لكن الحصول على رخصة هدم كان صعبا لتصنيف المبنى ذي قيمة تراثية". تكمل: "اليوم المبنى من الخارج يثير الإرتياب، أما من الداخل فعبارة عن ورشة واضحة لمبنى في مرحلة الهدم". إذا، "الإخلاء التدريجي للمستأجرين لم يتم عبر تعديلات قانونية بل من خلال تغيير موازين القوى القائمة".

أما عن الفترة الممتدة بين 1942 و 1992، فقد كانت سياسة ضبط الإيجارات من خلال قوانين استثنائية ترمي الى تمديد مفاعيل عقود الإيجارات، هي السمة الأساسية. تقول بكداش إنه بالرغم من ضبط الإيجارات كان "ملاكو العاصمة يجدون في الإيجارات مصدراً مستداماً للدخل". تظهر النسب التي أبرزتها بكداش، أن الوصول إلى السكن من قبل المقيمين كان يعتمد بشكل أساسي على الإيجارات. وقد شكل المستأجرون 85% من المقيمين في المدن. أما الملاكون فلم تتخط نسبتهم الـ10%. ترد بكداش هذا التفاوت في النسب الى غياب قروض الإسكان خلال تلك الفترة، بالأخص قبل عام 1962. في ذلك الحين، كانت الإيجارات القديمة هي تلك المعقودة قبل الإستقلال، وبناءً على هذا التصنيف، فإن 66% من الإيجارات كانت تعتبر جديدة، مقابل 33% معقودة ما قبل الإستقلال.

النتيجة الأهم لهذه النسب، تكمن في أن "السواد الأعظم من المستفيدين من الإيجارات اليوم هم من فئة المتقاعدين وكبار العمر".  تتأكد هذه النتيجة من خلال الإحصاءات التي عرضها الأستاذ المحاضر في مادة الإقتصاد في كلية الزراعة في "الجامعة الأميركية"، جاد شعبان. تظهر هذه الإحصاءات أن نسبة الإيجارات القديمة عام 2009 كان 31%. 47% منها يقطنها أشخاص تخطوا الـ 65 من عمرهم، بينما 41% منها تقطنها نساء، و25 % يقطنها عاطلون من العمل. ينفي شعبان ما يتم تداوله من أن "المستأجرين القدامى يدفعون 200 ألف ليرة سنويا، ذلك أن الأغلبية يدفعون حوالي 430 ألف شهريا".

بالتالي فإن الفئة المستفيدة من ضبط الإيجارات هي بأغلبها من المتقاعدين الذين لا يملكون أي مصدر للدخل. ما يستدعي بالتالي العمل على أطر متعددة، تتخطى علاقة المالك بالمستأجر. أولها "منع أي تدخل في قطاع الإسكان من قبل أي طرف غير الدولة، على أن لا يكون المشرع هو نفسه صاحب المصلحة في الإستثمارات العقارية". كما أن أي تعديل في قانون الإيجارات القديم يجب ألا يحصل من دون سياسات رديفة على مستوى كبار العمر كضمان الشيخوخة ومعاشات التقاعد وغيرها، أما لناحية المالكين فيبقى الأفضل "التفكير بتعويض معين لهم".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها