الخميس 2015/01/22

آخر تحديث: 15:55 (بيروت)

"شاويش" مخيمات اللجوء.. "ديكتاتور" مقنّع

الخميس 2015/01/22
"شاويش" مخيمات اللجوء.. "ديكتاتور" مقنّع
غالباً ما يجبر "الشاويش" اللاجئين على شراء حاجاتهم من محل يملكه (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
عادة ما تسمّى مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، باسم "شاويشها"، أي "صاحب السلطة" في المخيم. فـ"الشاويش" هو مالك الأرض أو مستأجرها الذي يؤجر الخيم للاجئين، وهو المسؤول عن شؤون المخيم.


كأن خيم الذل الباردة، وتخاذل الدول الكبرى، لا يكفيان اللاجئين حتى تضاف إليهما سطوة من هم أولى بالمعروف، أي الأقربين كالـ"شاويش". لوهلة قد يظن البعض، أن "الشاويش" شخصية من الأفلام الكوميدية، لكن الواقع يختلف بحقيقته عن أي فكاهة، لا بل إن قبضة "الشاويش" المحكمة في إدارة شؤون مخيمه، جعلت منه حاكماً "ديكتاتورياً".

حسين هو ابن "شاويش" أحد مخيمات زحلة، المعروف بـ"منطقة معلقة أراضي، بي كود 037"، بحسب توصيف "اليونسيف". يضم هذا المخيم 120 خيمة، وتسكنه 109 عائلات أي ما يعادل 690 شخصاً، بينهم 220 طفلاً تتراوح أعمارهم بين عامين و14 عاماً. يقول لـ "المدن"، إنّ اعتماد قيمة إيجار الخيمة، تم بقسمة الإيجار الإجمالي لمساحة أرض المخيم، على عدد الخيم، ليبلغ 300 ألف ليرة لبنانية سنوياً للخيمة الواحدة.
إلا أن قيمة إيجار الخيمة المنخفض والمقبول نسبياً في مخيم أبو حسين، يختلف عمّا هو في مخيم "بلال الساروط"، الذي تسكنه 52 عائلة لاجئة، أي حوالي 300 شخص، في منطقة بر الياس البقاعية، والذي يبلغ ايجار الخيمة فيه، مليون ومئتي ألف ليرة سنوياً.
الفرق في إيجار الخيمة، بين مخيم وآخر، يحدّده "الشاويش"، في وقت تقف البلديات موقف الحياد من كل ما يجري، بحسب ما قالته نينا قعقور، المسؤولة في منظمة "بيوند" التي تعنى بشؤون اللاجئين في منطقة البقاع، في حديث لـ"المدن"، مؤكدة أن "أقدمية الشاويش في لبنان، وجنسيته السورية، تجعلان منه موضع ثقة لدى أقاربه وأبناء منطقته الذين يعتمدون عليه في تأمين مكان السكن والعمل، ما يساهم في زيادة تحكمه بهم". كذلك يمكن أن يكون "الشاويش" لبنانياً في حال كان يملك أرض المخيم.


تشير قعقور، الى "ضرورة عدم تعميم فكرة الإستغلال كصفة ملازمة للشاويش، لكن الحقيقة أن النسبة الأكبر منهم، تعمل على كسب أكبر قدر ممكن من الأموال على حساب لاجئين لا حول لهم ولا قوة، بدءاً بتأجيرهم الخيم بأسعار مرتفعة، مروراً بتأمين العمالة لأطفال ما دون الخامسة عشر مقابل مبلغ مادي زهيد، وحتى احتكارهم، ومنعهم من العمل خارجاً. وغالباً ما يجبر الشاويش اللاجئين على شراء حاجاتهم من محل يملكه".
 تتقاضى زينا (11 سنة- اسم مستعار)، في أحد مخيمات البقاع، ستة دولارات لقاء ست ساعات عمل، تقوم خلالها في تحصيل المنتوجات الزراعية، وخصوصاً البطاطا. لكن زينا لا تحصل عملياً على أي مبلغ. إذ يقتطع "الشاويش" دولارين من الستة لنفسه، فيما يحتفظ بالأربعة الأخرى، لكي يضمن تحكمه الدائم بعائلتها، ولكي يؤمن إيجار خيمتهم مسبقاً. تسرد زينا، ظروف العمل الصعبة، ولساعات طويلة، فيما يبرر والدها عملها، بأنه يعاني من مرض "الديسك"، ما يمنعه من العمل لتأمين حاجات العائلة التي يبلغ عدد أفرادها 11 فرداً. يُرجع ابن "الشاويش" حسين سبب عمالة الأطفال كبديل لرب الأسرة، إلى أن عمالة الأطفال هي مصدر رزق أساسي، لدى أغلب الأسر الموجودة في المخيم، إضافة الى أن مرونة الأطفال في عملهم، تجعل منهم الخيار الأفضل لـ"الشاويش". يضيف: "التزام اللاجئين بالعمل معنا في فصل الصيف، كيد عاملة رخيصة، يقابَل بتقديم المواد الغذائية الأساسية كالسكر والشاي والخبز لهم، على مدار العام، على ان لا تتعدى قيمتها المئة ألف شهرياً". هذا الأمر يختلف بالنسبة إلى "الشاويش" بلال الساروط،، الذي نفى في حديث لـ "المدن"، سعيه لتشغيل أي من اللاجئين، وبما أنه ليس مندوباً لمؤسسة خيرية، ولا يقوم بتقديم خدمات مجانية، يستدرك قائلاً: "أستفيد من إيجار الخيم الذي هو مصدر رزقي". لكنّه في الوقت نفسه يؤكد أنه المعني المباشر في كل ما يخص المخيم، خصوصاً لجهة المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية، ويعتبر أن وجوده أساسي لتجنب وقوع أي خلافات بين اللاجئين عند تقاسم المساعدات الأممية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها