الثلاثاء 2014/08/26

آخر تحديث: 16:13 (بيروت)

الحشيش بدلا من الزيتون.. في ادلب

الثلاثاء 2014/08/26
الحشيش بدلا من الزيتون.. في ادلب
تسعى الفصائل المقاتلة ذات التوجه الإسلامي لوقف زراعة الحشيش (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease
 

ثلاثة أنواع من التجارة ترافق الحروب: المخدرات، السلاح والدعارة. وليست الحرب السورية مختلفة في ذلك عن بقية الحروب في العالم. فقد انتشرت هذه التجارات الثلاث في أنحاء سوريا وفي دول اللجوء السوري أيضا. زراعة الحشيش أحد أكبر مصادر تمويل الجماعات المقاتلة في العالم، تغزو اليوم الشمال السوري "المحرر" من سيطرة النظام، لتمول الفصائل المقاتلة لشراء السلاح.

جبل الزاوية في محافظة إدلب على الحدود السورية التركية، من المناطق الأولى التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد وحملت السلاح في وجهه، مستفيدة من موقعها الجغرافي على الحدود التركية السورية، لكن سرعان ما تحولت مزارع وبساتين المنطقة من زراعة الزيتون إلى زراعة الحشيش، الذي يرى فيه المزارعون منتجا ذا مردود عال.

تضم محافظة إدلب عددا كبيرا من القرى المتلاصقة، التي أصبحت تعيش بمعظمها على عمليات التهريب بين سوريا وتركيا. يقول أحمد. م، وهو من معرة النعمان، إن معظم بضائع المنطقة أصبحت تأتي من الحدود التركية. "ما ضل عنا شغل، لا أراضي ولا تجارة، لولا التهريب نموت من الجوع". يضيف أحمد أن "عددا من أبناء قريته بدأوا فعلا بزراعة الحشيش، فمردود الحشيش التجاري أعلى بكثير من مردود الزيتون، الذي يحتاج إلى رعاية واهتمام لم يعد بإمكان المزارعين تقديمهما للأشجار".

ويشير أحمد، وهو مزارع (31 عاماً)، إلى أنه تحول مع عائلته أيضا إلى زراعة الحشيش، لتأمين مصدر دخل أعلى للعائلة، لكنّه يؤكد أن عدداً من الفصائل المسلحة أصبحت تقوم بعمليات مداهمة واعتقال للمزارعين، خصوصا "جبهة النصرة" التي نفذت عدة عمليات ضد مزارعي الحشيش، ما دفعهم إلى دفع أتاوات لعدد من الفصائل الصغيرة في المنطقة لحماية المزارع وعمليات النقل إلى تركيا، مثل لواء الإخلاص الذي يتمركز في بلدة عزمارين الحدودية، ويتخصص بعمليات تهريب الوقود والحشيش إلى تركيا.

 

ويؤكد عدد من أهالي بلدات المنطقة أن الفصائل المقاتلة ذات التوجه الإسلامي تسعى جاهدة لوقف عمليات زراعة الحشيش، لكن بعض الفصائل الصغيرة، والتي لا تتبع لأي جهة عسكرية، تواصل زراعة الحشيش وتهريبه. ويؤكد أهالي بلدة حارم قيام إحدى الفصائل، بإتلاف ما يقارب عشرين طنا من الحشيش في محيط البلدة. ويروي أبو رياض وهو مزارع من قرية حف سرجة، أن جبهة ثوار سوريا هي من تشرف على عمليات زراعة الحشيش لتزيد من الأموال التي "تكدسها". ويقول أبو رياض إن "عناصر الجبهة يقومون بحماية المزارع وقوافل نقل الحشيش إلى تركيا، مقابل حصولهم على نسبة من الأرباح تبلغ أحيانا 60 %". ويؤكد أن المزارعين يدفعون هذه النسبة العالية تحت تهديد السلاح، لافتا إلى أنه يزرع نحو 50 % من مساحة أرضه بالحشيش. يضيف: "إذا تمكنا من بيع الكمية كاملة فإن ذلك يمكن أن يعود بربح قدره 7 ملايين ليرة سورية، يحصل المقاتلون منها على نحو 4 ملايين". لكن أبو رياض يؤكد أن نسبة كبيرة من عمليات النقل الى تركيا يتم إحباطها، ما يؤدي به إلى الدفع للمقاتلين من دون أن يحصل على أي ربح.

 

حاولنا الاتصال بجبهة ثوار سوريا، لكنها رفضت التعليق على الأمر، واعتبرت أن اتهامها بحماية مزارع الحشيش هو محاولة لتشويه سمعة الجبهة بين أهالي المنطقة. أحد المقاتلين الذي يشرفون على أراضي أبو رياض المزروعة بالحشيش، قبل أن يتحدث إلينا بشرط عدم الكشف عن اسمه أو اسم المجموعة التي ينتمي إليها. يؤكد هذا المقاتل أن عددا من أبناء القرى يعملون على حماية أراضيهم بأنفسهم من دون الاستعانة بالمقاتلين، لكن عمليات الدهم التي تنفذها الفصائل المقاتلة بين الحين والآخر، تدفع بهؤلاء الى الاستعانة بمقاتلين ينتمون الى جماعات مسلحة، مقابل مبالغ مالية يتفق عليها سلفا. ويروي المقاتل أن الاتفاق الفردي له سعر والاتفاق الجماعي له سعر آخر. ويشرح أن الاتفاق الفردي يتم بين مزارع ومقاتل وفي هذه الحالة تكون نسبة ربح المقاتل أقل بكثير من نسب الأرباح في بقية الاتفاقات التي تتم إما بين مزارع وجماعة مقاتلة أو بين مجموعة من المزارعين وجماعة مقاتلة. ويقول إنه يتقاضى شهريا في الاتفاقيات الفردية ما يقارب 500 دولار أمريكي، أما عندما يتم الاتفاق مع الجماعة التي ينتمي إليها فإن المبلغ المتفق عليه يعود الى قيادة الجماعة وهي من يقوم بتوزيعه على المقاتلين. ورفض المقاتل أن يزودنا بأسماء الفصائل والجماعات التي تشارك في عمليات حماية الحشيش ونقله، كما رفض السماح لنا بالتقاط الصور للمزرعة التي يقوم بحمايتها.

 

increase حجم الخط decrease