الإثنين 2014/07/21

آخر تحديث: 18:00 (بيروت)

النقل "الخاص" المشترك.. لتخفيض الازدحام!

الإثنين 2014/07/21
النقل "الخاص" المشترك.. لتخفيض الازدحام!
بيروت تزدحم بالحافلات ومشاريع الحلول تبقى غير كافية- علي علوش
increase حجم الخط decrease

يتمتع قطاع النقل في لبنان، بميزة خاصة، فهو قطاع العشوائية المنظمة. وإذا كانت هذه العشوائية لا تحتاج إلى تفسير أمام المشهد اليومي في الشوارع، فإنّ التنظيم، يجد معناه في جملة احتكارات مافياوية طغت على قطاع النقل العام وتقاسمته. هذه المافيات وزعت خطوط النقل البري في ما بينها من دون حسيب أو رقيب، متخذةً لنفسها "أرقاماً حصرية". أما المواطنون فيتعرضون لاحتمالات الموت يوميا، ولاسيما في الميكرو باصات التي تنقل الركاب داخل العاصمة بيروت، أو بينها وبين المدن الأخرى، بسرعة "مغرية".

 
كل على هواه

في لبنان 33.699 سيارة سياحة عمومية، إضافة إلى 7299 حافلة وميكرو باص عمومية على مجمل الأراضي اللبنانية، علماً أنّ عدد السيارات الخاصة المسجلة لدى مصلحة الميكانيك في العام 2014 وصل حد 1.100.000 سيارة.  إذا، أكثر من مليون سيارة خصوصية وعمومية، ناهيك عن سيارات الشحن على أنواعها، تتحرك بشكل يومي على الطرق، فهل يجب أن نسأل بعد عن سبب الازدحام؟

ويقابل الـ41 ألف مركبة عمومية المخصصة للنقل العام، نحو 25 ألف سيارة بلوحات عمومية مزورة، وفق رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض في حديث لـ"المدن". اللوحات المسجلة وتلك المزورة، تشكل مجتمعةً، شبكة نقل متكاملة، تعمل بغير رأس مدبر. لا تخضع هذه الشبكة للدولة الا ببعض التشريعات التي لا تفيد في تخفيف حدة الازدحام بأي شكل من الأشكال. في هذا القطاع، كل يعمل على هواه، مجموعة من السيارات تسرح وتمرح وتتسابق على حصاد الركاب، لا أكثر.

مشكلة

الحال لا يزال كما هو، منذ أربعة عشر عاماً. ذلك أنه "عند إعادة اعمار بيروت، لم تأخذ الدراسات مسألة النقل العام في الاعتبار"، يقول رئيس قسم الإعلام والعلاقات العامّة في هيئة إدارة السير والآليّات والمركبات النقيب ميشال مطران في حديث لـ"المدن". وإن شكلت هذه "الهفوة" أساساً لتعطيل الحلول طوال الأعوام الماضية، إلا أنّ لمشكلة الازدحام أسبابها المتشعبة. وكان إنشاء غرفة التحكم المروري الخطوة الأهم ربما خلال الأعوام الماضية، على صعيد الحد من الازدحام، غير أن تشعب عناصر هذه المشكلة يجعل هذه الخطوة قليلة الفاعلية.

ومن بين أسباب الإزدحام المروري أنّ "شبكة المواصلات والطرق غير معدة لاستيعاب عدد المركبات الموجودة"، يقول مطران، مشيراً إلى تفاقم المشكلة في بعض الشوارع بسبب استخدام جوانب الطرق لركن السيارات. والسبب في هذا الوضع هو عدم الالتزام بإنشاء المواقف الخاصة لسكان الأبنية"، وكذلك الأمر بالنسبة لـ"غياب دراسة تأثير إنشاء أي مشروع على المرور"، يضيف مطران. أما الأسوأ، فهو غياب التنظيم بين الإدارات نفسها حيث تلعب البلديات دوراَ أساسياَ في تفاقم الأزمة. والجهة الأخيرة، بحسب مطران، لا تخضع شرطة السير التابعة لها للتدريب اللازم، أضف إلى إمتناعها عن إبلاغ غرفة التحكم المروري بقرارات قطع الطرق أو الأشغال العامة، وغير ذلك من سوء التنسيق.

وعن النقل العام، يوضح مطران أن المخالفات قد لا تعد ولا تحصى لكثرتها، غير أن الواقع يلزم غرفة التحكم في بعض الأحيان بعدم اتخاذ الإجراءات المتوقعة. ويرى أنّ قطاع النقل  يرتبط بالواقع الإقتصادي والاجتماعي. و"قوى الأمن لو ارادت أن تحجز 500 فان يومياً، ما هي ردة الفعل الاجتماعية والاقتصادية لهذا التدبير؟" يسأل مطران، مشيرا إلى أن على الحكومة وضع "سياسة متكاملة لقطاع النقل".


"مدير فاشل"

تقديم الحل بالتجزئة لا يغير في الواقع المتأزم الا بحدود طفيفة قد تبقى غير مرئية. والواقع أن خطة للنقل العام لا تزال محل نقاش أمام لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية. هذه الخطة التي "وضعتها وزارة النقل والأشغال منفردة، من دون التنسيق مع وزارة الداخلية تبقى ناقصة بطبيعة الحال"، يقول مطران. والسؤال عن مدى تناغم الخطة مع عمل غرفة التحكم المروري، يصبح مشروعاً في هذه الحال. أما الإجابة فتفضح ثغرة أولى في الخطة التي تنشئ هيئة خاصة مسؤولة عن تنظيم النقل العام، من دون إيضاحٍ حول مدى التناقض الممكن بينها وبين "المجلس الوطني للسلامة المرورية".

وان كانت الثغرات تطول التفاصيل، فخلفية الخطة لا تبشر بالخير. فكيف يستبشر المواطن خيراً لو علم أن الخطة ترمي إلى خصخصة القطاع بعذر أسوأ من ذنب. فالدولة "برهنت أنها مدير فاشل"، يقول  رئيس اللجنة النائب محمد قباني في حديث لـ"المدن".

والمشروع ينقسم إلى مرحلتين، الأولى تهدف إلى شراء 250 حافلة توزع داخل بيروت(200) وبينها وبين المدن الكبرى في المناطق (50). وبشكل متوازٍ، يتم إنشاء حوالي 310 مواقف منظمة بساعات انطلاق الحافلات ووصولها. أما عن تقدير تكلفة هذه المرحلة، فهي حوالي 65 مليون دولار.

يشرح قباني أن بيروت بحاجة إلى 790 حافلة، العدد الذي سيتم تغطيته في مرحلة ثانية، من خلال تعاقد غير واضح المعالم، مع السائقين العاملين في الوقت الحالي. يهدف التعاقد هذا إلى انخراط هؤلاء ضمن شبكة المواقف وتوقيتها، ما يؤدي وفق قباني إلى حل الأزمة. "مع الوقت، تدخل البوسطات المملوكة من القطاع الخاص مع الدولة ويستغلوا المواقف"، يقول قباني.

"تنفيعة"

"نرفض المشروع كلياً"، بهذه العبارة يختصر فياض موقف السائقين العموميين من المشروع. ويشدد فياض على أن موقفه ليس من المشروع ككل، بل من مقترح الخصخصة بالتحديد. ويجزم فياض بأن السبب الأول لهذا المشروع هو "تنفيع حيتان المال"، مشيراً إلى شركات نقل كبرى في لبنان معنية بهذا الملف. "لماذا  ستدفع الدولة مبالغ طائلة لشراء حافلات، ومن ثم تعطيها لشركات خاصة لتشغيلها؟"، هذا أحد الأسئلة المشككة بخلفيات المشروع، والتي لا يبررها عدم ثقة الوزارة، صاحبة المشروع، بنفسها وبقدرتها على إدارته.

increase حجم الخط decrease